أخبار الآن | دمشق- سوريا (نور حمزة):
في السابع عشر من نيسان العام 1946 كان موعد الشعب السوري مع حياة الحرية بعد عناء سنوات الاحتلال الطويلة التي كان آخرها الاستعمار الفرنسي. أجلت القوات الفرنسية حامياتها من سورية لتبدأ عهود الدولة الوطنية…
وبعد سلسلة من تداول السلطة السياسية في سورية وجملة انقلابات تسلم حزب البعث مقاليد الحكم في سورية، حتى الآن، تاركا المجتمع السوري في حالة ركود وثبات وموت سياسي جلاء المستعمر الفرنسي عن كامل الأراضي السورية في السابع عشر من نيسان للعام واضح. ومع قيام الثورة السورية بات التساؤل الأكبر هو: من كان أكثر قسوة وتدميرا في تاريخ سورية، الاحتلال الفرنسي أم الاحتلال الأسدي؟.
إعلام النظام.. ويوم الجلاء
يعتقد المتتبع للخطاب الإعلامي السوري، خلال العقود السابقة، أن استقلال البلاد من المستعمر الفرنسي هي من صنيعة حزب البعث، فطوال عهود حكمه رسّخ في ذهن المواطن علاقة واضحة بين الاستقلال والبعث، وهو الأمر غير الصحيح. وقد ساهم في ذلك الاحتفالات الكبرى سنويا يوم المناسبة وصور للدكتاتور الراحل حافظ الأسد وابنه بشار. إضافة إلى الاستمالة الدائمة لمدح الرموز الوطنية السابقة من المنتمين للأقليات الدينية والمذهبية، وهو لا يتسق مع بنية النظام الطائفي وممارسته اليومية بحق المدنيين. وفي هذا يكثر الحديث عن فارس الخوري وسلطان باشا الأطرش وصالح العلي وغيرهم.
علم للاستقلال أم للانتداب ..
لطالما كانت حجة الموالين للنظام ولإعلامه هو استخدام الثورة السورية علم الانتداب كرمز لها بديلا عن العلم السوري الحالي، وذلك لتوضيح زعمهم بارتباط الثورة بأجندات خارجية. لكن الذي لا يعرفه الموالون أن علم الثورة هو ذاته علم الاستقلال الذي تم اعتماده قبيل استقلال البلاد من المستعمر الفرنسي، وللتدليل على ذلك استخدام هذا العلم في بعض المسلسلات الدرامية الدمشقية، التي تتحدث عن تلك المرحلة من قبل ثوار الغوطة على سبيل المثال. ولهذا السبب أيضا فقد أصدرت وزارة الإعلام الرسمية تعميما على شركات الإنتاج بعدم ذكر ثوار الغوطة في هذه الأعمال وعدم الإشارة إلى الرايات والأعلام التي كانوا يحملونها، والتي هي علم الثورة السورية الحالي.
عن أي “جلاء” تتحدثون ..
يستفسر الأستاذ الجامعي “ع.م” عن سبب وجود عطلة يوم الخميس فيبادره أحد الطلاب بأنه “عيد الجلاء”. تمثل هذه الحالة المعنى الحقيقي الذي وصل إليه الشعب السوري، وبشكل خاص معارضي النظام؛ من إسباغ معنى الجلاء كمرادف للحرية على الخلاص من نظام الأسد، فلم يعد يعنيهم تاريخ الاستقلال السابق، لأنه برأيهم أورث الحكم لسلطات قمعية ديكتاتورية لم تختلف عن منطق الاحتلال في التعامل مع شعوبها. وفي هذا يعلق الأستاذ الجامعي نفسه بالقول:(عن أي عيد جلاء تتحدثون! ما نعيشه اليوم هو ما يحتاج السعي للاستقلال من حكم غير شرعي وقمعي يشابه طريقة المحتل في اغتصاب الحقوق).
وإذا كانت الاحتفالات بعيد الجلاء تعني يوم راحة وعطلة للموظفين والطلاب، فإنه بات اليوم يشكل عبئا إضافيا في ظل استغلال النظام لهذه المناسبة والتطبيل لها بحيث فقدت معناها الحقيقي، وإلا فم المبرر من المقارنة بين الاحتلال الخارجي والاحتلال الداخلي؟!.