تشهد الأحياء الغربية من حلب التي يسيطر عليها النظام، اعتداءات كثيرة من شبيحة وعناصر قوات الأسد على الفتيات، في ظل تخوف الأهالي من تقديم شكاوي خشية الاعتقال أو التصفية، ما يضطرهم للتستر على الضحية، والمجرمين من (الشبيحة) الذين يغتصبون الفتيات بشكل شبه يومي، تزامناً مع إغلاق مقرات الهيئات القضائية في المدينة (القصر العدلي)، وامتناع المحاميين الترافع عن قضايا (الاغتصاب) خوفاً من أفرع النظام الأمنية.
المعلومات الواردة من أهالي حلب أفادت بأن الأحياء الغربية شهدت ارتكاب شبيحة الأسد أكثر من 400 حالة اغتصاب، واعتداء جنسي خلال عام ونيف مضى، وبأن حالات الاعتداءات تزايدت بالفترة الأخيرة، حيث تشاهد الاعتداءات الجنسية أحياناً بشكل علني عند حواجز قوات الأسد، وفي الحدائق العامة، وأزقة الطرق دون أن تستطيع المارة البوح بكلمة واحدة (خوفاً).
وأثارت قضية الاغتصاب غصة كبيرة في أوساط الشارع الحلبي، حيث لا يستطيع المدنيون التعبير عن معاناتهم في ظل قبضة من حديد، ويتجاهل النظام انتهاكات الشبيحة، وعناصر الأمن لحرمات المدنيين بذريعة الدفاع عن الوطن، وسط تعتيم إعلامي مطبق على تلك الجرائم التي وصفها الأهالي بـ(المهينة للإنسانية)، عقب منع النظام وسائل الإعلام المستقلة ومن بينها "أخبار الآن" العمل في أحياء سيطرته، لتنفرد وسائل إعلام النظام في العمل بإشراف الأجهزة الأمنية – التي تشارك في جرائم الاغتصاب- من أجل نقل مجريات الأحداث من منظور واحد يصب في صالح النظام دون أن تعي بهموم المواطن.
ع، م طالبة في جامعة حلب أكدت لمراسل "أخبار الآن" انه لا يمر يوم إلا وتشهد أروقة الجامعة حالات اعتداء على الفتيات مضيفة " أنا كطالبة أعاني من انتشار مئات شبيحة الدفاع الوطني، واللجان الشعبية، وأتعرض للإهانة التي تؤثر على نفسيتي من قبل عناصر الأمن التي توقفني على حواجز أبواب الجامعة، كما أعاني من (تلطيش) العناصر المسلحة داخل الحرم الجامعي، وأحياناً يتم الاعتداء على الطالبات المارة، وتخاف الطالبة المعتدى عليها من تقديم شكوى كي لا تفصل من كليتها"، وأضافت أن الشبيحة يبتزون أحياناً الطالبات ويجبروهن تحت التهديد والوعيد للذهاب برفقتهم إلى المنزل، وحصلت عدة حالات اغتصاب دون أن تتخذ إدارة الجامعة أي تصرف.
أما يوسف محمد رجلاً مسن قال لمراسل "أجبرت على هجرة منزلي الكائن في حي شارع النيل إلى تركيا خوفاً على بناتي من اعتداءات الشبيحة التي ازدادت بالآونة الأخيرة"، مؤكداً اعتداء الشبيحة على ابنة جاره الذي لم يجد جهة يشتكي إليها، في ظل سيطرة الثوار على القصر العدلي القديم مقابل قلعة حلب، وتعطيل القصر العدلي الجديد الذي تحول إلى جبهة بين الثوار وقوات النظام في حي جمعية الزهراء، وتزامناً مع تغييب النظام لمؤسسات القضاء التي تفصل بين السوريين، وتحاسب المجرمين في ثاني أكبر مدينة سورية بعد العاصمة دمشق.
وأفاد عدد من سكان المرديان، والسريان، وشارع النيل، وجمعية الزهراء والحمدانية أن بعض الاعتداءات الجنسية تحدث عند اقتحام عناصر، وشبيحة النظام منازل المدنيين بذريعة البحث عن شباب متخلفين عن الخدمة العسكرية، وبأن الأماكن العامة مثل المطاعم، وحديقتي العامة، والسبيل، وأحراش الصنم تشهد على مرأى المارة عناصر مسلحة تداعب الفتيات في وضح النهار.
هذه الاعتداءات تضاف إلى اغتصاب شبيحة النظام المعتقلات في أقبية النظام، حيث ظهرت مؤخراً حالة انتحار فتاة جامعية تبلغ من العمر 25 سنة، عقب الإفراج عنها حامل بالشهر الخامس، وكانت قد اعتقلت قبل عام من قبل الأمن العسكري بجريمة تصوير مبنى فرع حزب البعث في الجامعة، وبعد فشلها في تسقيط الجنين، رمت بنفسها من الطابق الثالث ليتمزق جسدها، ولم يستطع أهلها دفنها لحين حضور قوات النظام التي أشرفت على دفنها بعد ساعات من انتحارها ومنعت أهلها من إقامة العزاء، وهددت كل من يصور أو ينقل الخبر بالاعتقال.
المحامي عبد المنعم قشقش وضّح لمراسل "أخبار الآن" العقوبة قائلاً: "وفقاً للقانون السوري تتراوح أحكام جريمة الاغتصاب ما بين السجن لمدة 15 عام، أو تسع سنوات مع الأشغال الشاقة ولكن ما يحدث الآن في سوريا أنه لا يوجد قانون ولا مؤسسات، والنظام أجاز كل شيء لمن يحمل السلاح ويدافع عنه". مضيفاً أن " القانون عرف الاغتصاب بأنه اقتضاء شخص ما ليس حقاً له بالإكراه، والمقصود هنا الاعتداء ليس بالقوة فقط، لأن حسب القانون قد يتعدى الاعتداء إلى الإكراه المعنوي مثل الابتزاز، أو الضغط النفسي فشرط الإيذاء الجسدي ليس متطلباً لتحقيق جرم الاغتصاب، بل يكفي الإكراه سواء كان مادياً أو نفسياً".