"خليهن يفلو من بلدنا ويريحونا من ارهابهن".. جملة لا بد للسوري في لبنان عموماً وفي العاصمة بيروت خصوصاً من أن يسمعها عشرات المرات، فالوجود السوري بات مرفوضاً عند اغلب الشرائح الاجتماعية في لبنان، ويزداد هذا الرفض مع كل حالة اعدام تقوم بها جبهة النصرة بحق عسكريين لبنانيين قامت بخطفهم مؤخراً، حيث بات على السوري اللاجئ أن يتعايش مع ردات الفعل ويتحمل كل التصرفات، فلا بديل آخر لديه لكونه الاقرب لدى اهالي العسكري كوسيلة للانتقام.
الجيش البناني بات يعتمد سياسة اليد من حديد في التعامل مع السوريين وتحديداً في بلدة عرسال اللبنانية، حيث الاعتقالات بالعشرات للسوريين في المخيمات، وعدد السوريين في السجون اللبنانية فاق عدد المساجين اللبنانين انفسهم، وطبعاً لكون عرسال الاقرب على منطقة الجرد التي تدور بها المعارك مع جبهة النصرة، فانه من المتوقع لدى استخبارات الجيش اللبناني ان اللاجئين قد يتم اعتبارهم حاضنة للإرهاب وبالتالي يجوز التعامل معهم وفق قوانين الارهاب أيضاً.
المعادلة القائمة التي يسعى الجيش البناني الى فرضها هي تنظيف عرسال من أي وجود يؤيد جبهة النصرة وداعش وفصائل الجيش الحر، وأن تتوقف البلدة عن كونها داعم لتلك الفصائل عبر اغلاق الحدود بشكل نهائي، وتمكين السيطرة على جرود عرسال، وبالتالي خنق المقاتلين عبر اغلاق منفذهم الوحيد "عرسال" من ايصال الامدادات والمؤن لهم ولعل هذا السبب الأساسي في كل ما يحدث، لكن في المقابل كان ومازال اللاجئ السوري وحده من يدفع الثمن.
جبهة النصرة ومن جهتها مع كل يوم يمر دون تنفيذ مطالبها بتسليم السجناء التابعين لها في لبنان، وانسحاب حزب الله من سورية وتحديداً في القلمون، فانها تنهي حياة جندي من الجنود البنانيين المحتجزين لديها، بل وتقوم بخطف المزيد وبشكل يصعب ايجاد حل سريع، لكون حزب الله لن ينسحب، والحكومة اللبنانية تنتظر نتائج اتصالات الوفد القطري، فيما جبهة النصرة تعلن عبر تصريح لها أنه لا أحد يتواصل معها بشكل رسمي حت الآن، الامر الذي يجعل اللاجئ السوري الوسيلة الأسهل للانتقام مع كل حالة اعدام لجندي لبناني.
في بيروت الأمر لا يختلف عن عرسال، لجان محلية في مناطق مختلفة تقوم بنصب حواجز وتعترض السوريين وتمارس عليهم شتى انواع الاذلال والقهر، ويترافق هذا بالمقابل مع شحن عبر وسائل الاعلام التي جعلت من اللاجئ السوري ارهابي يهدد أمن الوطن!.
ماجد لاجئ سوري يسكن في بيروت وهو أحد الناشطين في مجال العمل الانساني يجد فيما يحدث بحق السوريين في بيروت امر يدعو للخوف من المستقبل: "بعض المناطق في بيروت بات يتكرر بها عمليات الاعتداء على السوريين المقيمين بالمنطقة أو عابري السبيل، مثل برج حمود وفرن الشباك وجسر المطار، ودائما الاعتداءات هي من قبل شباب يطلقون على أنفسهن اسم لجان حماية المنطقة.. وما يثير الاستغراب هو تجاهل الإعلام اللبناني لهذه التصرفات غير الواعية، وهذه الاعتداءات لا تحدث دون توجيه من أحزاب سياسية تدفع وبشدة باتجاه هذا التصعيد ضد اللاجئ السوري".
المعادلة القائمة اليوم للازمة في لبنان هي كالتالي.. ينسحب حزب الله من سورية، وبالمقابل يعود الجنود المخطوفين، وتتوقف أي اعمال في الداخل اللبناني.. لكن الحكومة اللبنانية لا تمتلك أي سلطة على حزب الله لتنفيذ هكذا مطلب، وبالتالي رد الفعل يتوجه ضد اللاجئ السوري، واللاجئ السوري لو استطاع الهروب إلى الحجم والخروج من لبنان لما تردد لحظة واحدة ليفعل ذلك.