بعد أن استنزف نظام الأسد أهالي مخيم اليرموك بحصار الجوع الشهير الذي قضى على أكثر من 110 أشخاص، يعود اليوم محاولا أن يميت عطشا من لم يمت بالتجويع.
14 يوما وأهالي مخيم اليرموك الذين يبلغ عددهم قرابة 20 ألف نسمة من سوريين وفلسطينيين يعانون ويلات العطش بعد أن قطع النظام المياه عنهم بشكل متعمد، وكان قد تلاعب في كثير من المواقف بهدنة يدعي أنه سيعقدها ثم يخلف الوعد تاركا أهالي المخيم تحت رحمته مانعا عنهم ما منحه الله لكل البشر.
ظن العالم أن المخيم لن يتعرض لما هو أسوأ من حصار الجوع وإذ بنظام الأسد يخرج اليوم من جعبته أدوات إجرام جديدة لم تعتد عليها البشرية إلا في حالة سابقة وهي جريمة النظام نفسه بحق اللاجئين الفلسطينيين أثناء ارتكابه مجزرة في مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين بلبنان، حيث قام الديكتاتور الراحل حافظ الأسد آنذاك باتباع ذات الوسيلة وهي جعل المخيم يموت عطشا قبل أن يقتحمه جيشه ويرتكب أشد الجرائم قبحا بحق سكانه.
وفي ظل الفشل الذريع لمنظمة التحرير الفلسطينية ولباقي الفصائل في إيجاد حل لموضوع مخيم اليرموك، انطلق النشطاء والمثقفين الفلسطينيين والسوريين ليعلنوا للملأ أن المخيم يموت عطشا عبر مواقع التواصل الاجتماعي معلنين أنهم لا يمثلون سوى أنفسهم بعد أن ملوا من فشل الجهات السياسية الرسمية التي لطالما ظنوا أنها تستطيع أن تقدم حلا ما للمخيم المنكوب، ومن هذه الحملات التي انطلقت على فيس بك، حملة بدنا نعيش، وحملة عطش تحت الحصار.
تضافرت الجهود على صفحات التواصل الاجتماعي كما لم ولن تتضافر على الأرض في ظل تعنت النظام فبدأ التواصل بين من هم داخل المخيم ومن هم خارجه من أبنائهم، فطالب من هم بالداخل من أشقائهم أن يدلوهم على أماكن تواجد الآبار الارتوازية الغير صالحة للشرب أساسا، بحجة أن وجود مياه ملوثة أفضل من عدم وجودها نهائيا، فانبرى كل من يعرف مكان بئر في المخيم أن يدل من هم في الداخل عليه عسى أن يجدوا فيه القليل من الماء يطفؤون بها شعلة العطش.
طالت مدة انقطاع المياه وبسبب جفاف الآبار داخل المخيم صعدت إلى الواجهة مشكلة جديدة تتعلق بآلية سحب المياه من بئر على وشك أن ينضب، وهو حال القلة من الآبار بينما بقيتها قد نضبت جميعا، والمشكلة تكمن في عدم توفر مادة الديزل " المازوت" التي ستشغل مضخة البئر في ظل انقطاع التيار الكهربائي المتواصل.
قطع المياه المتعمد في المنطقة الجنوبية من دمشق وخصوصا اليرموك يبدأ سلسلة من المشاكل لا حد لها، أولها اضطرار السكان إلى شرب المياه الملوثة التي تتسبب بأمراض أخطرها التفوئيد الذي عانت منه الغوطة الشرقية للأسباب ذاتها، ومشكلة تأمين مادة الديزل، ومشكلة الطبخ الذي يستحيل أن يتم (على بدائيته في المخيم) دون وجود مياه.