شتاء أخر تحت الحصار ينتظر أهالى الغوطة الشرقية في ريف دمشق، شتاء هذا العام يحمل معه ذكريات قاسية عن شتاء العام الماضي قضاه أهالي الغوطة تحت البرد والحصار الخانق، حصار فرضه نظام الأسد وزاد من معاناة ألاف العائلات التي لا تجد ما يسد رمق جوع أبنائها.
وفي محاولة من الأهالي لمواجهة برودة الطقس والشتاء القاسي المنتظر يجمع الأهالي الحطب والمؤن لمواجهة شتاء أخر تحت الحصار، وفي ظل إمكانيات محدودة تزداد الصعوبات والمعاناة على الأهالي.
أبو محمود من سكان أهالي الغوطة يتحدث لأخبار الآن قائلاً : "إنّ المواد الغذائية أصبح الحصول عليها صعباً وشبه مستحيل، ولقد إستنفذنا المؤن من الشتاء الماضي ونحاول أن نواجه هذا الشتاء تحت الحصار أيضاً، وقمنا بتجفيف عدة أصناف من الخضراوات، الكوسا، الباذنجان، الفاصولياء و غيرها من الأشياء التي ستسهم حتماً في تخفيف العبء علينا".
وتعاني شريحة واسعة من سكّان الغوطة من الفقر المدقع الذي يحول بينها وبين القدرة على تأمين المؤن لفصل الشتاء، فهم بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم الذي يدفع عن أطفالهم خطر الموت جوعاً.
عادل رجلٌ ثلاثيني أقعدته إصابة تعرض لها منذ شهرين ولم يعد قادراً على تأمين الطعام لطفلتيه الصغيرتين وبات يعتمد عليهما في الحصول على الطعام بعد أن توقّف عمله ومصدر رزقه.
يقول عادل متحدثاً لأخبار الآن و الغصّة لا تفارق كلماته: "كنت دائماً أخاف اليوم الذي لا أستطيع فيه تأمين احتياجات عائلتي، في الحرب تراجع المردود المادي لعملي و ارتفعت الأسعار فصرفت كلّ ما أملك خلال عام الحصار وبعد أن أقعدتني شظيّة في الظهر لم يعد بمقدوري تأمين بضع ليترات من الماء فكيف لي أن أحصل على بقيّة الاحتياجات؟، أهل الخير لم يقصروا معنا ولكن الحال من بعضه، بناتي يذهبن إلى مقرّات الثوّار للحصول على وجبة طعام يومية تسد رمقهم و تبقيهم على قيد الحياة ومساعدات الخيرين تكفل لنا الحصول على بعض القمح أو الشعير الذي تخبزه زوجتي، لكن كيف سنواجه فصل الشتاء و برده؟ كيف لي أن أحصل على حطب التدفئة و على الخبز الذي سيزداد سعره أضعافاً في الشتاء؟"
بعيداً عن مؤونة الشتاء وأهميتها يبقى البرد و أمراضه هاجساً لسكّان الغوطة، ففي ظلّ ارتفاع أسعار الوقود لم تعد التدفئة تعتمد على المازوت كما السابق بل على الحطب الذي تسبب الحصول عليه في تجريد مساحات من الأراضي من أشجارها المثمرة.
تأمين الحطب سيزيد من الضغط على الأهالي خصوصاً أنه أيضاً إرتفعت أسعاره هذا إن توفر أصلاً بسبب الحصار الذي تفرضه القوات التابعة للنظام.
استقبال الشتاء في الغوطة الشرقية يختلف عنه في بقية المناطق، فالقصف لم يترك منطقة إلا وطالها ودمر كثير من المنازل ومن لم يدمر منزله أصيب بأضرار كبيرة.
وبعد معاناة كبيرة عاشها أهالي الغوطة الشرقية في الشتاء الماضي يتمنّى السكّان ألا يكون شتاء هذا العام كسابقه و أن يشعر العالم الصامت بمآساتهم الكبيرة، لا يملكون سوى الأمل بأن يكون شتاءهم أقل وطأة من العام الماضي.