مع هطول الأمطار الغزيرة في سوريا هذا العام، تفاءل السوريون بارتفاع منسوب المياه في الأنهار وهذا ما سيحميهم من شبح شح الماء، بعد أن ترصدهم الموت والخوف والجوع. ولكن أهالي دمشق تفاجأوا حين استيقظوا صباح يوم الأحد الماضي على انقطاع المياه بشكل تام عن العاصمة دمشق!
هذه المرة لم يكن سبب القطع نقص منسوب الأمطار كما كان نظام الأسد يقول دائما، بل إن القطع كان متعمدا من منبع المياه في وادي بردى، حيث يقوم النظام بالقصف على وادي بردى، مما اضطر الثوار إلى قطع المياه عن العاصمة دمشق كنوع من الضغط على النظام لإيقاف القصف على الوادي.
يقول الثوار في وادي بردى إنهم مجبرون على ذلك لدفع النظام إلى وقف القصف لحماية المدنيين، وأن قطع المياه هي ورقة الضغط الوحيدة في أيديهم، وأنهم و إن ألحقوا القليل من الضرر بمعيشة أهالي دمشق، إلا أن الهدف الرئيس هو حماية المدنيين في وادي بردى.
وبموجب اتفاقية ابرمها الثوار مع النظام عادت المياه إلى دمشق، مقابل فك الحصار وايقاف قصف النظام قرى وادي بردى وقنص الأهالي، والإفراج عن نساء معتقلات لدى النظام، في نفس الوقت عاد التيار الكهربائي الى قرى الوادي والذي استمر في انقطاعه لايام. وقد عادت المياه إلى العاصمة بنسبة محددة ومشروطة حتى يفي النظام بوعده ويكمل تنفيذ البنود.
في تلك الأثناء قضى أهالي دمشق أياما لا يحسدون عليها، فبالإضافة لقطع الكهرباء شبه الدائم عن أحياء مدينة دمشق، لم يعد هناك ماء كاف حتى لغسل الأيدي والصحون … فكيف بالشرب ؟!
ليهرع أهالي دمشق إلى شراء عبوات المياه المعدنية للشرب واستخدمها لأغراض التنظيف والطبخ، إذ يبلغ سعر العبوة من الحجم الصغير 50 ليرة سورية، وهو ليس بالسعر القليل نسبة إلى الدخل المواطن السوري في دمشق والغلاء وضيق العيش في العاصمة.
أما الحل البديل الطبيعي في هذه الحالات وهو (صهريج المياه) فهو طلب صعب في دمشق لأنه حكر على "المدعومين" من النظام فحسب. فيقول أبو محمد: "استطاع جارنا جلب صهريج ماء وملء خزانه لأنه يعمل في الدفاع الوطني، وأنا استطعت ان أملأ قليلا من الماء من صنبور الصهريج الذي كان الماء يتسرب من خلاله".
بينما تخبرنا سيدة حلبية نازحة إلى دمشق فتقول: "غادرت مدينة حلب بسبب مشكلة نقص المياه والكهرباء، واتفأجأ بقطعها ايضا في دمشق"
هي دمشق إذا .. تعيش الحرب الباردة وتتلقى الصفعات، و مع هذا يطلق على سكانها صفة: "عايشين ومرتاحين" !!