أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (القدس العربي)

على أرصفة الشوارع الرئيسية في دمشق يعلو صراخ الباعة الذين يفترشون الأرض ببساطاتهم المتنوعة بشكل تتداخل فيه اللهجات المختلفة مع بعض اللكنات الغريبة عن الشارع السوري، مكدسين بضاعتهم، التي يحاكي معظمها الوضع الراهن، على جانبي الرصيف، غير آبهين للمشاة الذين لا يجدون على الرصيف المخصص لهم مكانا للسير. ويضطر المشاة للسير في الطريق المخصص للسيارات في أكثر مناطق العاصمة ازدحاما هناك حيث تنتشر هذه الظاهرة بشكل مبالغ فيه كمنطقة البرامكة أو شارع الثورة.

تحولت الأرصفة إلى أسواق شعبية رخيصة تتسم بالفوضى بسبب كثرة البضائع وتنوعها وإن كانت بشكل عام «محكومة بالموسم»، ففي الشتاء تنتشر الملابس والأحذية الشتوية إضافة للقبعات والأوشحة، في حين تنتشر في الصيف «بسطات» النظارات الشمسية والألبسة الرقيقة، إضافة للمواسم المؤقتة التي تسيطر على أغلب المنطقة لفترات محدودة كموسم بدء العام الدراسي الذي تطغى فيه اللوازم المدرسية على باقي البضائع المنتشرة.

انزعاج المارّة

وتسبب هذه الظاهرة الانزعاج لأغلب المارين وخاصة طالبات الجامعة المتواجدة في المنطقة، إذ يحدث أن يقوم بعض الباعة أو الزبائن بمعاكستهن، كما تروي «لمى» طالبة الحقوق في جامعة دمشق.
في حين ترى السيدة «أم خالد» أن هذه البسطات تؤمن بديلا، وإن كان أقل جودة للمستلزمات الرئيسية في ظل ارتفاع الأسعار «الجنوني» في الأسواق، ونزوح العديد من العائلات من مناطق سكنهم الساخنة.
ورغم ذلك يجمع سكان العاصمة على الحذر من الباعة في مناطق انتشار البسطات، إذ يعرف عن الكثير منهم عملهم مع أجهزة المخابرات السورية، حيث يوضح ناشط مدني معارض، أن انتشار ظاهرة البسطات لم يكن بهذه الكثافة قبل اندلاع الثورة السورية مطلع عام 2011، حيث اعتادت شرطة محافظة دمشق على إزالة البسطات بشكل دوري لمنع عرقلة حركة السيارات والمشاة.
اما الآن فتسمح المحافظة للبائعين باحتلال أرصفة المدينة، ناشرة بذلك عناصر مخابراتية مدنية بين الناس لضبط الشارع، ومنع أي نشاط معارض ولتصيد ومراقبة بعض الأشخاص في بعض الأحيان. 
ويضيف المصدر، أن أكثر الأمور إثارة للاستفزاز مؤخرا هو رؤية بعض عناصر الجيش النظامي بلباسهم العسكري يبيعون «المسروقات» على بسطات يعرضون عليها حصيلة مسروقاتهم من الأجهزة الكهربائية والهواتف النقالة وحتى قطع تبديل أجهزة الحاسوب في بعض الأحيان.
بينما يقوم بعض «الشبيحة» أو عناصر الدفاع الوطني ببيع السبحات وعلاقات المفاتيح وصور تظهر القائد «الخالد» أو الرئيس بحلته العسكرية، إضافة للملصقات التي تعلي الشعارات الطائفية أو العلم السوري وحتى أعلام حزب الله مع إعلاء أصوات الأغاني الطائفية والمؤيدة للنظام بشكل يتعمدون فيه إزعاج المارة والمواطنين.
من جهة أخرى، بات من الطبيعي سماع بعض الباعة يتحدثون بلغات غريبة كالفارسية، حيث يوضح «حسن» أحد سكان مدينة دمشق أن «الظاهرة ليست بجديدة على المدينة العريقة، فكل سكان العاصمة لطالما رأوا العديد من الباعة ذوي الجنسية الإيرانية يبيعون بضاعتهم في أسواق دمشق القريبة من مقام السيدة رقية داخل أسوار المدينة القديمة، والذي يعتبر أبرز مزاراتهم الدينية في المنطقة، لكن الجديد أن ترى عناصر تابعة لميلشيات إيرانية يبيعون بعض المنتجات الرخيصة التي يتألف معظمها من سلاسل وأسوار معدنية أو حتى أحزمة للأسلحة الفردية القابلة للإخفاء تحت الملابس في أبرز شوارع دمشق».