قد لا يكون الهجوم بقنابل النابالم على المدرسة في قرية أورم الكبرى بتاريخ 26-8-2013 هو الأول أو الأخير الذي تم بقنابل حارقة في سوريا، عشرة مدنيين لقوا حتفهم حرقاً حتى الموت، وغيرهم تعرضوا لحروق شديدة في تلك الغارة التي أعطت مثالاً واضحاً على قدرات القنابل الحارقة ومدى تأثيرها.
سبق تلك الغارة وتلاها كثير من الغارات بعدة أنواع من القنابل الحارقة (آخرها في ديرالزور) والتي خلفت كثيرا من الضحايا، وخسائر كبيرة بالممتلكات، وحتى الغابات التي أحرقت مساحات شاسعة منها وخاصة في مناطق تمركز الجيش الحر في جبلي التركمان والأكراد باللاذقية، عدا عن إحراق المحاصيل الزراعية.
استخدمت المواد الحارقة في سوريا بشكل قنابل طائرات عموماً ونادراً ما استخدمت بأشكال أخرى (يعتقد باستخدام الفوسفور الأبيض بشكل قذائف مدفعية فقط).
أشهر المواد المستخدمة في القنابل الحارقة هو النابالم، وأبسط أنواعه عبارة عن مادة لزجة تُصنع من خلط وقود الطائرات أو البنزين مع مادة (مُكثفة) على شكل بودرة، تنتج عنها مادة ذات قوام لزج تصل درجة حرارة احتراقها لأكثر من ألفي درجة مئوية.
(الترميت) أيضاً شائع الاستخدام، وهو عبارة عن خليط من مسحوق معدن وأوكسيد معدن أخر (المنيوم وأوكسيد الحديد مثلاً) يُنتج عند إشعاله حرارة كبيرة كافية لصهر المعادن، ويُستخدم في اللحام، وبخاصة لحام قضبان السكك الحديدية ولا يمكن إطفاؤه بسهولة.
عشرات الحالات الموثقة من استخدام القنابل الحارقة في سوريا، جعلها واحدة من أكبر المناطق في العالم التي استخدمت فيها القنابل الحارقة خلال العقود الماضية، حيث لم تبقَ أي منطقة قصفها الطيران إلا واستخدم فيها نوعاً واحداً على الأقل من أنواع القنابل الحارقة، وجُل ما يُخشى أن يكون مصير المدن السورية مشابها لطوكيو اليابانية أو دريسدن الألمانية اللتين أحُرق معظمهما بالنابالم خلال الحرب العالمية الثانية.
وتشتعل بعض المواد الحارقة (مثل النابالم) بدرجة حرارة تصل إلى 2500 درجة وتستطيع إذابة بعض الأجزاء المعدنية في العربات والسيارات والأبواب ونوافذ المنازل وتأثيرها كبير على الأشخاص، بخاصة النابالم حيث تسبب حروقاً من الدرجتين الثانية والثالثة وأثرها النفسي الكبير يعتبر جزءاً مهما من تأثيرها الكلي.
تستخدم القنابل الحارقة لإحداث ضرر كبير، ذلك عن طريق إشعال الحرائق في المواد الموجودة في المنطقة المستهدفة، وليس عن طريق الانفجار كما هو حال القنابل التقليدية بأنواعها.
كما تنشر القنبلة الحارقة مادة قابلة للاشتعال بدرجة حرارة كبيرة لفترة زمنية طويلة نسبياً (قد تصل إلى ست دقائق)، وتكون صعبة الإطفاء حيث توجد المواد الحارقة بعدة أنواع وهيئات كل منها تستخدم لمهمات معينة.
وتستخدم (المواد الحارقة ذات الطبيعة السائلة أو اللزجة ذات الأساس البترولي مثل النابالم) لاستهداف التجمعات السكنية والأفراد والأرتال العسكرية بسبب اشتعاله السريع وانتشاره الواسع وقدرته على الالتصاق بكل شيء تقريباً، فهو يؤثر في الأفراد والآليات والمنشآت على حد سواء، ويعتبر الاحتماء منه صعباً جداً، واستخدم في سوريا بشكل قنابل و(خزانات) تلقيها الطائرات يبلغ وزنها 250 أو 500 كغ (تسمى خزانات ZB) يعتقد أنها استخدمت في الهجوم على المدرسة في أورم الكبرى بمدينة حلب.
أما المواد كالترميت وأشباهها (مواد حارقة بشكل مسحوق أو معجون)؛ فهي تكون بشكل كبسولات أو أسطوانات صغيرة الحجم تطلق بشكل قنابل عنقودية غالباً، وتستخدم لإحداث حرائق بالمنشآت بالدرجة الأولى (عندما يكون الأشخاص هدفاً ثانوياً) لأنها تعتمد أساساً على الحرارة المتولدة عنها في اشعال حرائق في المواد التي تلامسها، و يكون المتضرر الأساسي هو المباني من مستودعات أو مخازن أو محطات محروقات أو صوامع حبوب أو حقول أو غابات لأن الاشخاص بإمكانهم (إلى حد ما) تفاديها والهرب من مناطق سقوطها.
استخدم الترميت في سوريا بهيئة قنابل عنقودية تسمى RBK-250 ZAB-2.5M التي تطلق 48 أسطوانة تحتوي الترميت (وزن كل واحدة 2.5 كغ) تنتشر على مساحة واسعة، أهم ميزاتها أنها تحتوي إضافة للترميت كمية قليلة من المتفجرات تنفجر بعد فترة من اشتعال القنبلة بهدف منع عناصر الإطفاء من الاقتراب منها لإطفائها.
بعض القنابل تحتوي نوعين من المواد الحارقة (اسطوانات الترميت وسائل ذو أساس بترولي مشابه للكيروسين أو البنزين) بهدف تحصيل تأثير مزدوج على الأشخاص والمنشآت مثل القنبلة ZAB-100 (وزنها 100 كغ وتحتوي تسع اسطوانات ترميت وحوالي أربعين كغ من السائل الحارق وسجل استخدمها لقصف الباب بريف حلب 29-11-2012).
أحياناً تكون المادة الفعالة عبارة عن كتل من القطن مغمورة في مادة لزجة بترولية القوام مثل القنبلة ( ZAB 250 ) التي يبلغ وزنها 200 كغ منها سائل لزج حارق وزنه 60 كغ و تستخدم في حرق الحقول والغابات.
يوجد قنابل (شديدة الانفجار- حارقة) في نفس الوقت، حيث تحتوى على مواد متفجرة إضافة لمواد حارقة، تسبب إضافة للأثر الناتج عن الانفجار حرائق وتكون منطقة انتشار الحرائق كبيرة فعلياً لأن الانفجار يساهم في نشر المادة الحارقة لمسافة كبيرة تصل في بعض القنابل إلى دائرة قطرها 350 متراً، مثل القنبلة FZAB500 التي استخدمت في أكثر من غارة في سوريا، وبخاصة ضد التجمعات السكنية.
بالنسبة للفوسفور الأبيض فأثره مختلف وينجم عن عاملين، العامل الأول الحرارة الناتجة عن اشتعاله وتشبه في تأثيرها الترميت، والعامل الثاني هو الأثر الناتج عن دخانه الذي يسبب حروقاً شديدة ناتجة عن تفاعله الشديد مع الماء في المناطق المكشوفة من جسم الإنسان كالوجه واليدين (حروق كيماوية)، ويستعمل الفوسفور الابيض كمادة مُشعلة لقنابل النابالم وغيرها لأنه لا يتطلب سوى تعريضه للهواء ليشتعل بسرعة كبيرة.