الريحانية –
تركيا –
(جهاد البارودي)
"باحثون عن عمل" كثيرٌ ما تسمعها من السوريين اللاجئين في أواسط المدن التركية التي لجأ عشرات آلاف السوريين إليها، ولا سيما المثقفين وذوي الشهادات، فالعمل في تركيا يحتّم عليهم في معظم الأحيان تعلم اللغة التركية واتقانها للعمل في اختصاصاتهم بعد عام كامل من التعليم، أو أن تعمل بلغتك العربية الأم بمهنٍ بسيطةٍ لتتخلى بذلك عن شهاداتك الجامعية، ومن تلك المهن التي لاقت رواجاً كبيراً مهنة "الصرافة".
مهنة الصرافة والتي تقوم على صرف العملات وتبديلها وجني بعض الأرباح البسيطة التي علّها توفر بعض مصاريف حياتهم اليومية ولعائلاتهم النازحة في تركيا، خاصة في ظل غلاء المعيشة فيها.
وفي جولة لـ"أخبار الآن" في مدينة الريحانية التركية، تحدّث ثائر – مهندس مدني سوري نازح في تركيا- بأنه عمل في مهنة الصرافة بعدما أصابته الحيرة في أمره أثناء بحثه عن عمل ضمن اختصاصه لكنه لم يجد، فلجأ إلى العمل بمهنة الصرافة كونها عمل جيد، خاصة مع حركة النزوح الكبيرة للسوريين في تركيا والحاجة الدائمة لصرف وتبديل العملات بشكل دائم.
ويضيف ثائر أن مهنة الصرافة من أكثر الأعمال التي امتهنها السوريون على الحدود السورية التركية، ولا سيما في مدينة الريحانية التركية، والتي تعتبر ممراً للسوريين الداخلين والخارجين من تركيا، وهذا ما زاد من رواج المهنة ودفع الكثيرين الى العمل فيها.
وتابع ثائر عن صعوبات العمل في الصرافة، قائلاً: "إن العمل يتطلب رأس مالٍ جيد حتى تستطيع تلبية حاجات الناس، كما انك تحتاج للجرأة في الشراء والبيع فأسعار الصرف ترتفع وتهبط بشكلٍ كبيرٍ في هذه الأيام، بسبب الاحداث السياسية والعسكرية التي تمر بها المنطقة، ولا بد لك من اطلاعٍ على الأخبار السياسية وتحليلٍ لها لتكون ناجحاً في هذه المهنة".
وعن محمود -شابٍ سوريٍ نازحٍ لتركيا يعمل في مكتبةٍ بالريحانية التركية- فقال أنه أضاف لعمله ضمن المكتبة مهنة الصرافة، فهي لا تحتاج لمكان عملٍ خاصٍ بها وإنما تستطيع العمل بها في أي مكان طالما انك تملك مالاً وعلاقات مع صرّافين آخرين للتشاور، فمهنة الصرافة "سهلة ممتنعة" كما تحدث محمود، ولا بد من المخاطرات فيها ولكنها من جهةٍ أخرى مكاسبها رابحة ولا تتوقف وهذا ما يشدُّ السوريين للعمل بها.
وأضاف أبو ياسين -أب لعائلة سورية نازح لتركيا- أن الصرافين في تركيا وخاصة في المناطق الحدودية أمر منتشر جداً وهو مفيدٌ للنازحين، فالنازح غالباً ما تكون أمواله بالليرة السورية، وهي لا تفيد للتعامل بالشراء والبيع في تركيا، وعند دخوله هذه المناطق فإن تواجد الصرّافة يسهل عليه تبديل ما يملك من الليرة السورية بشكل فوري دون العناء في البحث والذهاب للبنوك الرسمية للتبديل، كما أن أي شخص يريد الدخول للأراضي السورية يستطيع أن يستفيد بتبديل ما لديه من أموال لليرة السورية.
"الصرافة" إحدى المهن التي فرضت نفسها كعمل على عشرات السوريين، كغيرها من المهن البسيطة التي امتهنها السوريون كالعمل في الرخام وفي أعمال الخضار، رغم حملهم شهادات هندسية في غالب الأحيان، فظروف الحياة كانت أكبر من شهاداتهم الجامعية، ومتطلبات الحياة أشد وأقسى.