اتخذت عشرات الأسر الهاربة من قصف جيش النظام وبراميله المتفجرة عدداً من المدارس في مدينة زاكية بالغوطة الغربية مأوى لها، لتزداد معاناتهم أضعافاً في ظل العاصفة الثلجية التي تضرب المدن السورية منذ عدة أيام.
انخفضت درجات الحرارة إلى مستويات متدنية، ليواجه الأهالي صعوبات جمّة في مناطق تواجدهم بالمدارس التعليمية التي تحولت لمراكز إيواء لهم، والتي لا تصلح للسكن في مثل هذه الظروف الجوية العاصفة، مع انعدام المحروقات والتدفئة، وأساسيات الحياة.
"أم أحمد" نازحة من جنوب دمشق إلى مدينة زاكية منذ قرابة العام، تروي لـ"أخبار الآن" ظروف النزوح، وتقول: "نعاني أوضاعًا إنسانية بالغة في الصعوبة في درء العاصفة الثلجية، فلا تكن هنالك أية تحضيرات أو مساعدات لمثل هذه الظروف الباردة جداً، فتقطيع الأخشاب بات شبه مستحيل مع درجات الحرارة المنخفضة جداً، ومادة المحروقات باتت من المنسيات، وإن توفرت لكنها بأسعار غالية جداً ليس بمقدورنا تأمين شيء منها".
وتضيف: "غادرت مع زوجي إلى مدينة زاكية هرباً من المدفعية والحصار الذي يفرضه النظام على جنوب دمشق، وخوفاً على حياة أطفالي الصغار من قذائف الهاون والصواريخ، ولكن رغم الهدوء النسبي الذي نعيشه هنا، لكننا نعايش الحصار بمذاق أخر ليس ببعيد عما ذقناه في جنوب دمشق".
وتمارس حواجز جيش النظام على اختلاف مسمياتها، سياسة الركوع أو الموت من الجوع.
تقول "أم أحمد": "نعيش الأن في أجواء عاصفة باردة جداً، لا نملك سوى رحمة الله، فزوجي منذ 3 أعوام لا يعمل خوفاً من الاعتقال، أو سوقه إلى الخدمة الاحتياطية، وأسعار المواد الغذائية غالية جداً جراء الحصار، لا نملك سعر شراء أدناها، ونقطن في محل تجاري غير مهيئ للسكن أصلاً، وهناك عشرات العوائل مثلنا، ولكن لا نقول الا الحمد لله".
الناشط الإعلامي "عبد الله الغوطاني"، قال لـ"أخبار الآن": "القائمون على مدينة زاكية بالغوطة الغربية، افتتحوا سبعة مراكز في مدارس المدينة، منها من توقفت بها الدراسة بشكل كامل، ومنها من قسمت إلى قسمين، توزعت صفوفها بين الطلاب والأهالي".
وأضاف: "قوات النظام المتمثلة بعشرات الحواجز المنتشرة على أطراف المدينة منعت دخول وقود التدفئة ومواد البناء، وكذلك السلل الإغاثية، وفرق الهلال الأحمر إلى مدينة زاكية منذ قرابة عام كامل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار وقود التدفئة، بسبب قلته وعدم توفره، وعدم قدرة المهجرين على شرائه من السوق السوداء إن توفر، ووصل سعر الليتر الواحد من مادة "مازوت" إلى أكثر من 300 ليرة أي ما يعادل دولار ونصف الدولار تقريباً".
وزادَ الناشط الإعلامي: "تزداد المعاناة أكثر فأكثر مع عدم وجود وقود للتدفئة في مراكز الإيواء، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طوال خلال اليوم، ما يجعل حياتهم "مأساوية"، ويستذكرون أيامهم التي سبقت مجيئهم إلى مراكز الإيواء".
بعين الخوف ينظر أهالي المدينة والنازحون اليها إلى الأيام القادمة على محاصيلهم الزراعية، فبعد تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة لما دون الصفر، يخشى الأهالي موت محاصيلهم من موجات الصقيع التي ستظهر إبان العاصفة الثلجية، على اعتبار هذه المحاصيل هي المصدر الرئيسي والأول في صمودهم أمام حصار جيش النظام للمدينة منذ عام.
حال مدينة زاكية رغم الظروف القاسية التي تعيشها، وقلة الخدمات الطبية والغذائية وتقلص المعونات، لكنها تعتبر الأفضل في مدن الغوطة الغربية التي تشهد قصفاً يومياً بالبراميل المتفجرة والمدفعية الثقيلة، مما جعل عشرات العوائل من مدن الغوطة الغربية تلجأ اليها بحثاً عن الأمان، من بطش جيش النظام على مرور الأعوام الأربعة تقريباً.
مدينة زاكية
مدينة زاكية في الغوطة الغربية تبعد عن العاصمة –دمشق 30كم، لجأ اليها ما يزيد عن 30,000 ألف سوري من مدن وبلدات ريف دمشق، وجنوبها ومناطق أخرى هرباً من بطش النظام، ويبلغ عدد سكانها الأصليين 30,000 ألف سوري، ليصبح التعداد الكلي فيها قرابة 60,000 مواطن، جميع العوائل النازحة اتخذت من عشرات المنازل في المدينة مأوى مؤقت لها، في حين عمد قسم أخر إلى افتراش المحال التجارية، والسكن بداخلها.