إذا أردتَ دخول الحمام عليكَ أن تمرّ قسراً فوق من مات قبلك ورميَ أمام الحمام. الطعام، ما يسدّ الرمق ويبقيك على قيد الحياة حتى تذوق أصناف العذاب الفظيع.
إذا كنتَ مترفاً بدون ضرب، ستجنُّ بالتأكيد، لأنك ستتخلى عن غطاءك لتلفَّ به جسد أحد من مات إلى جانبك، حتى تكفّ عنك رائحته ..!
مرحباً بك في المجازر الصامتة ، تلك التي تتم تحت الحدائق والمطاعم التي ما زالت تصخب أرجاءها ..!
أنقذوا البقية ..
أنقذوا البقية، هو شعار أكبر حملة تنادي بتسليط الضوء على المعتقلين في أقبية نظام الأسد الذين قدرت المعارضة السورية عددهم بأكثر من 550 ألفا يضاف إليهم أكثر من مئة ألف مفقود.
الحملة أشرف عليها معتقلون سابقون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك وتويتر وكانت أول الفعاليات المرتبطة بها في يوم 22 يناير – كانون الثاني عندما نادت بالصيام أو الإضراب عن الطعام في هذا اليوم ولاقت التجربة نجاحا ملحوظا في عدد من دول العالم.
غيض من فيض
ركزت الحملة على عرض التجارب الشخصية للمعتقلين السابقين المفرج عنهم فهم الوحيدون القادرون على إدراك وإيصال صورة للفاجعة الإنسانية في المعتقل.
"يا أخي ويا أبي أسرع لإنقاذي فلقد لقيت من أنواع الذل و العذاب غيا.. أنقذوا أخواتي قبل أن يصبح حالهن مثل حالي فتنتهك أعراضهن و يخرجن من المعتقلات أمهات وقد أدخلن إليه بنات عذارى.. فبتقصيركم وتقاعسكم في نجدتي خرجت من المعتقل وبين يدي طفل قد أتاني من نطفة نجسة حملت بها فأصبحتما له خالا وجدا وياويحتيا".
هذه عينة من شهادة إحدى المعتقلات ذكرت فيها أصناف العذاب التي كانت تجردها من إنسانيتها ليعلم من في العالم الخارجي أهوال هذه المأساة ، لذلك خصصت الحملة صفحات لها باللغة الإنكليزية واللغة الفرنسية والألمانية والإيطالية.
وقفات حول العالم
لم تكتفِ هذه الحملة بعرض المعاناة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل دعت إلى وقفات احتجاجية واعتصامات في عدد من عواصم ومدن العالم ، ففي 26 يناير/ كانون الثاني سيكون هناك تجمع في باريس، ووقفة احتجاجية أخرى في ذات اليوم في لندن وبيروت وغازي عينتاب التركية، وفي 31 في ذات الشهر سيكون هناك وقفة أخرى في روما، وقائمة المدن ستزيد.
بحسب (شام الحرة) وهي معتقلة سابقة تستخدم اسما حركيا خوفا من بطش النظام، سيكون موقع تويتر، بذات تاريخ التجمعات الكبرى بشتى أنحاء العالم، مسرحا لهذه الحملة في الساعة العاشرة ليلا بتوقيت دمشق، السادسة بتوقيت غرينتش.
وبشأن مدى جدوى هذه الحملة تبرز (شام) مسؤولية المعتقلين السابقين تجاه المعتقلين الحاليين، واستحالة الصمت تجاه سكوت الدول الفظيع عن هذه الجرائم الموثقة المرتكبة بحق الإنسانية، من خلال البيان التالي:
"على الرغم من عدم مصادقة حكومة الأسد على نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، ومع تفادي حكومات العالم "الحرة" التعامل المسؤول مع قضية المعتقلين والشهداء تحت التعذيب بالرغم من أنها أكبر جريمة موثقة في العالم، إذ قام قيصر المنشق عن نظام الأسد بتوثيق صور 11000 ضحية؛ فإنه لا يمكننا الوقوف عاجزين أمام قتل آلاف الأبرياء تحت التعذيب وترك القاتلين دون حساب".
من حقهم رؤية النور
وفي نهاية البيان حدد القائمون على الحملة من المجتمع الدولي مطالب الحملة والتي تمحورت في: إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي وكشف مكان ومصير الأشخاص المختفين قسريا، إلغاء المحاكم العسكرية ومحاكم الإرهاب، محاسبة كل من انتهك حقوق الانسان تجاه المعتقلين، بالإضافة إلى إرسال لجان تفتيش إلى فروع النظام وسجونه السرية والعلنية، وتقديم الرعاية الطبية للمعتقلين تحت إشراف الصليب والهلال الأحمر الدوليين.
اتخذت هذه الحملة شعارا على مواقع التواصل الاجتماعي (#أنقذوا_البقية)، فهل ستخترق صرخاتهم أغشية آذان المجتمع الدولي، أم ستضيع كعادتها في صمت الأفق..؟