أخبار الآن | دمشق – سوريا – (خاص)
منذ بداية الثورة في سوريا, قام النظام بتجنيد المرتزقة في أحياء دمشق وريفها, ليكونوا مخبرين للنظام أو كما كان يطلق عليهم "عواينية", وما لبثت أن أخذت هذه الظاهرة شكلاً رسميّاً أكثر, ليقوم النظام بجمع هؤلاء المرتزقة تحت مسمّى "اللجان الشعبية" ليتمكّن بهذا من السيطرة على دمشق وبعض مناطق ريفها مثل جرمانا والدويلعة و جديدة عرطوز و صحنايا وغيرها.
وبعد أن ساءت سمعة اللجان بسبب ارتكابها السرقات، والخطف و طلب الفدية والقتل بشكل فرديّ ولأسباب خاصّة؛ قام النظام بزجّ معظم عناصرها في السجون بتهمة التخريب, ذلك بعد أن بات هؤلاء يهدّدون القاعدة الشعبية للنظام في دمشق.
تلاشت ظاهرة "اللّجان" ليتمّ استبدالها بأخرى, أكثر تنظيماً بالشكل إلّا أنها تتطابق في المضمون وهو "التشبيح"، حيث يقوم من يرغب بالانتساب إلى الدفاع الوطني بتقديم طلب رسميّ, وتتمّ دراسة وضعه الأمني بعد ذلك والموافقة عليه و تسليمه السلاح.
يكون المنتسب غالباً من أهالي المنطقة التي تمّ تعيينه فيها, و بهذا يقوم النظام بتوزيع (عيونه السّاهرة) في أضيق حارة في دمشق, وهم شبّان قد لا تتجاوز اعمارهم الثامنة عشرة في بعض الأحيان, يتقاضون راتباً من النظام وقدره 25 ألف ليرة سورية, ويرتدون لباساً مموّهاً يختلف عن لباس الجيش, ويعملون غالباً كباعة على بسطات الدخّان, مهمّتهم الوحيدة ترهيب أهل الحيّ وإيذائهم بطرق مختلفة.
يمتهن معظمهم كتابة التقارير الأمنية و إرسالها إلى أفرع المخابرات, ليتمّ بعد ذلك اعتقال الشخص (الضحيّة) و تعذيبه ووفاته تحت التعذيب أحياناً.
من ممارساتهم الشهيرة أيضاً, دخول المحلّات التجارية والتسوّق على حساب صاحب المحلّ, الذي يقوم بدوره بتلبية مطالبهم خوفاً منهم. في جرمانا بريف دمشق, قامت مجموعة من الشبيحة الأسبوع الماضي بقتل صاحب محلّ شاورما, فقط لأنه طالبهم بدفع ثمن ما أكلوه.
وفي حيّ ركن الدين، قام عنصر من "الدفاع الوطني" بقتل شاب يبلغ عشرين عاماً, بسبب شجارٍ بينهما, كان سببه التحرّش بأخت الشاب القتيل من قبل "الشبيح".
وفي مثل هذه الحوادث, يتدخّل فرع الأربعين -أمن دولة- من جديد, لتبييض صفحة النظام في المنطقة, ليقوم باعتقال جميع الأطراف المشاركة في الشجار في الحيّ, و غير المشاركة أيضاً!
و ما يخفى عن الكثيرين؛ أنّ علاقة هؤلاء بعناصر المخابرات ليست علاقة جيدة كما يبدو للجميع!
فالشبيح يخشى أكثر ما يخشاه, أن يُكتَب فيه تقرير أمني من قبل شخص مرتبط بالنظام, فهو يقتني سلاحاً و هذا ما سيعرّضه أكثر من غيره لتهمة الإرهاب الجاهزة في الأفرع الأمنيّة, حتى و لو كان مصدر هذا السلاح هو النظام نفسه ! لاسيّما أن ضباط المخابرات يعلمون جيداً سبب انتساب هؤلاء المرتزقة للدفاع الوطني, و أن هدفهم الوحيد هو هدف ماديّ بحت بسبب العوز وانتشار البطالة, و في أحسن الأحوال هم في نظر النظام أشخاصاً يهدفون إلى نشر سلطتهم في أحيائهم لتحقيق مكاسب ماديّة أو لغايات انتقامية.
يشعر أهالي دمشق بأن ظاهرة" الدفاع الوطني" أيضاً قد اقتربت من النهاية, ذلك أن السوريّ بات يعرف جيّداً أن الظالم والفاسد لا يعجبه كثيراً وجود قوّة أخرى على الأرض, تشبهه في الشكل و المضمون, فيجتثّها ليبقى هو الأقوى و المسيطر الوحيد.
ويبقى نظر سكّان العاصمة دمشق لا يلتقي إلّا مع السلاح, واللّباس المموّه, والحواجز الإسمنتية, في كلّ ركنٍ من اركان مدينتهم.