أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (يمنى الدمشقي)
منذ أيام نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صورة الممثلة رغدة المعروفة بتأييدها الشرس للنظام السوري، وهي ترتدي الزي العسكري، وتحمل سلاحها متوجهة إلى جبهات حلب، مدعية أنها لن تعود قبل سيطرة النظام على مسقط رأسها قرية حريتان في ريف حلب، وقبلها كانت الفنانة السورية سلاف فواخرجي قد اتبعت نفس الخطوة عن طريق ارتدائها للزي العسكري هي وابنها، وتجولها في شوارع دمشق، معلنة أنها ستواجه الثوار فداء لعيون قائدها بشار الأسد.
والسؤال: هل تحول الفنانون السوريون من مؤيدين لنظام بشار الأسد إلى شبيحة على أرض الواقع؟
يجيب على هذا السؤال مواقفهم التي كانت السنوات الأربع الأخيرة شاهدة عليها، حيث انتهكوا أول ما انتهكوا مهنتهم الإنسانية، والتي من المفترض أن تكون لتجسيد واقع الإنسان من خلال شاشات التلفاز.
ولا يغيب عن أحد الفنان محمد رافع الذي قتل في حي برزة البلد، بعدما كان منتسباً للشبيحة ويقاتل لقمع المتظاهرين السلميين، والتشبيح على أبناء حييه.
ولم يقتصر دعمهم وتشبيحهم على شاشات التلفاز وداخل سوريا، حيث أنهم انتقلوا إلى خارج سوريا، كـ"سوزان نجم الدين" التي ظهرت منذ شهرين في إحدى ساحات الولايات المتحدة المتهمة من قبل نظام بشار الأسد بقيادة المؤامرة الكونية على سوريا، وهي تقود مجموعة من المؤيدين، وراحت تهتف للأسد، وصارت تشد على أيدي قوات النظام لتحقيق المزيد من الانتصارات في مسح المدن السورية، لينتهي الاعتصام بإنشاد "حماة الديار".
لم يتوانى نظام الأسد عن تسخير هذه الفئة من الشعب لخدمته في تعميق نظرية المؤامرة، وبات يروج لهم كنخبة في المجتمع تعي ما يحدث حولها، ويرسلهم سفراء إلى الدول التي أقاموا فيها، سفراء لتبرير جريمة الدم التي ترتكب، فحرقوا بذلك أسماءهم بعدما حرقوا ضمائرهم ومبادئهم، وباتوا في لعنة مستمرة من الشعب.
قبل حوالي شهر، أجرت قناة لبنانية لقاء مع قصي خولي، بات واضحاً جداً أن قصي ممثل بارع، حيث بات يذرف الدموع عندما سألته المذيعة عن سوريا، لتنشر له صور بعدها في الحانات، تزامن هذا مع زيارة الفنان مكسيم خليل وزوجته سوسن أرشيد لمخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، حيث أبوا إلا أن يكونوا مع أبناء شعبهم في هذه المحنة.
ويؤكد خالد أحد المتطوعين في فريق ملهم التطوعي أن هذه الزيارة لم تكن الأولى لمكسيم خليل وزوجته، حيث زاروا أهالي المخيمات في العاصفة الأولى "هدى"، وأحضروا معهم سيارة مليئة بالملابس الشتوية والحطب والبطانيات والخبز، وكانت ردة فعل الأهالي هناك لا توصف، حيث شعروا أن هناك من يقاسمهم مأساتهم وخاصة في الوسط الفني الذي يعتقد الكثير منهم أنه أبعد ما يكون عنهم، وتكررت هذه الزيارة في العاصفة الثانية، حيث قمنا بزيارة عائلات تعيش بوضع سيء في مرابط البقر، وتتدفأ على النايلون المحروق، وعندما علموا بقدوم الفنانين كانت فرحتهم لا توصف وهرعوا إليهم جميعاً، وكان مكسيم وزوجته أبعد ما يكونوا عن الأضواء، حيث جلسا مع الناس وشربوا معهم الشاي ولعبوا مع الأطفال، وصار الأهالي يشكرونهم لكنهم باتوا يقنعون الأهالي أنهم منهم ومأساتهم واحدة، وهذا أبسط ما يمكن أن نقوم به، كانوا أناساً عاديين بعيدين عن الشهرة، شاركوا الأهالي دموعهم ودمعهم وضحكاتهم.
ويقضي الفنان عبد الحكيم قطيفان جل وقته متنقلاً بين المخيمات ومساعدة السوريين والوقوف على طلباتهم، ربما لا عجب في ذلك فهو أول من رفع علم الثورة على سيارته وتجول فيه في درعا.
في حين سخر الفنان نوار بلبل جلّ وقته لدعم أطفال المخيمات، وتعليهم والإشراف عليهم، فترك بذلك بصمة بيضاء في تاريخ الثورة السورية.
ولم يقتصر دعم هؤلاء الفنانين المؤيدين لثورة الشعب السوري على الذهاب إلى المخيمات، فمن لم يستطع منهم اتخذ عملاً آخر، كالفنانة يارا صبري التي سخرت صفحتها على الفيسبوك لنشر أخبار المعتقلين وأسمت "باصاً" باسمهم لتبشر بخروج كل معتقل بطريقة مرحة محببة، جاء ذلك بعدما تلقت يارا تهديدات من النظام السوري بتصفية أبنائها إن بقيت مؤيدة للثورة، مما دفعها أن تسافر في اليوم الثاني إلى دبي مع أطفالها، ما عزا بالبعض تسميتها "أم المعتقلين السوريين".
ولم تكن يارا صبري الأولى التي تلقت تهديدات من قبل النظام، بل سبقتها الفنانة مي سكاف التي اعتقلت قبل ذلك، وفضحت النظام السوري وهي بداخل دمشق، ثم خرجت من سورية لتستمر بنضالها ودعمها للشعب السوري، فكانت فنانة مناضلة بكل معنى الكلمة.
ولم ينجُ فنانون من البطش الذي يتعرض له الشعب السوري، فمن منا لم يسمع عن الفنان القدير خالد تاجا، الذي أكد معتقلون خرجوا من عنده أنه استشهد تحت التعذيب في فرع المزة العسكري، لكن النظام تكتم على الخبر بل وشارك في مراسم عزائه.
أما الفنانة "ليلى عوض" "وسمر صالح" فقد تم اعتقالهما منذ أشهر، وأصدر حكم بسجنهما خمس سنوات بتهمة دعمها للإرهاب، ولازالت الفنانتان حتى الآن تقبعان في أقبية معتقلات النظام.
بينما تغيب أخبار آخرين كالفنان عدنان زراعي، حيث مضى على اعتقاله أكثر من عامين حتى الآن ولازال مصيره مجهولاً.
وكان "زهير رمضان" نقيب الفنانين السوريين والمعروف بتأييده الشديد للنظام، قد أصدر قائمة باسم نقابة الفنانين سموها قائمة العار، وضمت كل الفنانين الذين جهروا بمواقفهم المعارضة للنظام السوري، ثم تم فصلهم من النقابة وخصم مستحقاتهم وكلهم إما في المعتقل أو من المهجرين.