أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (جابر المر)
"ما هي إلا أيام وتبدأ تدريبات المعارضة السورية المسلحة، لا مشاكل تواجهنا في هذا السياق" هكذا جاء تصريح الناطق باسم الخارجية التركية تانجو بيلكيج. وأضاف بيلكيج أن تركيا والمملكة العربية السعودية تتفقان على ضرورة رحيل الأسد، وأن وجوده يلعب دورا رئيسيا في انتشار الإرهاب.
تأتي تصريحات بيلكيج واضحة وتثبت التحليلات السائدة في الفترة الأخيرة حول التقارب التركي السعودي. أما عن انعكاس هذا التقارب على الأرض بالشكل السريع والمباشر بعيدا عن برنامج تدريب المعارضة الطويل الأمد، فإن زيارة زهران علوش لاستانبول وما تبعها من تخريج لدفعة جديدة من مقاتليه هي ما يشغل السوريين اليوم.
الفيديو الذي أصدره جيش الإسلام منذ أيام والذي جاء بعنوان (دورة الإعداد الجهادي 17) امتد على مدار 20 دقيقة فقط ليلخص لنا ما تم تصويره خلال ساعات طويلة في غوطة دمشق الشرقية، وليقول أن جيش الاسلام انتقل من مرحلة عسكرية إلى أخرى، فبعد أن كان يعتمد أسلوب حرب العصابات، بات اليوم يسعى لأن يكون جيشا منظما يعتمد مبدأ الاختصاصات العسكرية في عمله، وكما جاء في الفيديو أصبح في جيش الإسلام سرايا استطلاع، واقتحام، وتخطيط وهندسة، ودفاع جوي، ومضاد دروع، وسرايا انغماسيين ومؤازرة.
إذا ما الدور الذي يحاول جيش الإسلام أن يلعبه اليوم على المستوى السياسي؟ من البديهي اليوم في أي نقاش بين السوريين أن زهران علوش القائد العام لجيش الإسلام يتمتع بعلاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية، وفي ظل التقارب السعودي التركي يخرج زهران علوش بزيارة من الغوطة الشرقية إلى استانبول، وبعدها مباشرة تنتج الهيئة العامة للتوجيه المعنوي في جيش الإسلام هذا الفيديو الذي يصر على انتقال جيش الإسلام من فصيل مقاتل أو تجمع لعدة كتائب مقاتلة تشبه عموم الجيش الحر في تكتيكاتها، إلى جيش منظم يحاكي من حيث شكله التنظيمي أي جيش في عالم.
من هنا يحاول جيش الإسلام أن يقول للعالم إن البديل عن جيش الأسد موجود ولم يعد مجموعة من الكتائب المتناثرة هنا وهناك، في الوقت الذي يصرح رئيس المكتب السياسي لجيش الإسلام محمد علوش أن النظام السوري لا يملك بينة مؤسساتية هرمية واضحة المعالم وهذا ما تسعى الثورة إلى إنشائه، وإن جيش الإسلام بات يمتلك هذه البنية، وعندما يسأله المحاور في أحد الإذاعات السورية المعارضة عن الدور السياسي الذي يلعبه جيش الإسلام اليوم يتهرب من الجواب المباشر إلى الجواب الذي حفظه السوريون منذ أعوام " نحن لسنا ضد أي تدخل غير مشروط لأي طرف يريد مساعدتنا". ووفقا لكلام قياديين في جيش الإسلام فإن عروض الانضمام التي تأتيهم من جميع المحافظات السورية باتت في تزايد مستمر في الأونة الأخيرة.
على هامش الحراك السياسي الإقليمي لا يمكن لمتابع سير المعارك في سوريا أن يستثني ما حصل مع تجمعات الجيش الحر الأكبر في الشمال وكيف انتهى الكثير منها وتشرذم في معارك أولها كان مع داعش وثانيها مع جبهة النصرة.. فحركة حزم التي كانت المرشح الأبرز لتلقي الدعم الأمريكي انحلت في معارك مع النصرة منذ فترة وجيزة، قبل أن تعلن الجبهة الشامية عن حل نفسها في الشمال بعد أن أنهكتها النصرة وقتلت العديد من شبانها. وبما أن جيش الفتح هو الجيش الأبرز في سوريا اليوم حيث تتوالى انتصارته في إدلب وريفها يضم فصائل على لوائح الإرهاب الدولية كجبهة النصرة وأحرار الشام، فإن جيش الإسلام (القوة الموازية شبه الوحيدة) ستكبر فرصته في لعب أدوار سياسية وتلقي دعما أوفر شريطة توفيره الشرطين اللذين عرضناهما في هذه المقالة، الأول وهو توفير جيش بديل، والثاني توفير نظام هرمي بديل واضح المعالم.
تتداخل الخيوط وتتشابك، وتوضع الخطط المطولة التي تزيد من عناء السوريين. ليبقى سؤال الشعب الذي يرى إمكانية تحرير المدن من النظام بأم العين بعد معارك إدلب، متى ستبدأ معركة تحرير دمشق؟