أخبار الآن | لبنان ـ البقاع ( لما فلاح )

من الطبيعي أن يقدم الأباء والأمهات التضحيات لأبنائهم ولكن هل لهذه التضحية حدود خصوصا عندما تصل لحد بيع أعضاء بشرية كي تؤمن إم أو أب الطعام لأطفالهم؟

إم عمار إمرأة سورية لجأت مع أطفالها الخمسة إلى لبنان ولم يعد أمامها أي خيار سوى بيع كليتها لإطعام أبنائها في منطقة الفاعور في لبنان تعيش إم عمار مع أبنائها بعد أن فقدت زوجها في سوريا منذ أكثر من سنتين.

ابنها الأكبر عمار ويبلغ من العمر 10 أعوام و زكريا 7 أعوام و هدى 3 أعوام ونصف و هنادي 8 أعوام ومحمد 5 أعوام.

تسكن مع أطفالها في خيمة لأبسط مقومات العيش الكريم ولم يعد لها أي معيل وحتى هذه الخيمة التي تعيش فيه فهي تحتاج لدفع إيجار رغم إفتقارها لأبسط مقومات العيش.

أم عمار من مدينة القصير التابعة لمحافظة حمص كانت متزوجة من رجل لديه بعض الأراضي الزراعية والمواشي يعيشون منها، أنجبت أولادها الأربعة ومع إستخدام القوات التابعة للنظام العنف والأسلحة الثقيلة في إستهداف المدن السورية وتصاعد اعمال العنف والقصف في منطقتهم لم يكن لديهم أي مكان يلجأوا إليه فإضطروا للبقاء في منرلهم وتمسكوا بأرضهم ومدينتهم لكن لم يصمدوا ولم يعد لديهم أي خيار سوى الخروج من المدينة قبل دخول القوات التابعة للنظام إليها في الشهر السادس منذ عام 2012.

اشتداد القصف على المدينة والمعارك الشرسة آنذاك دفعت الأب إلى إخراج أولاده وزوجته من المدينة التي استطاعو الخروج منها بصعوبة كبيرة وصولا بسلام الى منطقة حدودية مع لبنان أكثر أمنا، لكن الزوج عاد ليحمي أرضه وبيته إلا أن دخلت القوات التابعة للنظام فاعتقله قوات النظام وبعد عدة أسابيع وصل الى الزوجة أم عمار نبأ وفاة زوجها تحت التعذيب.

تروي أم عمار لأخبار الأن معاناتها التي بدأت باستشهاد زوجها وهي في منطقة لاتعرف فيها أحد وأطفالها صغار وابنتها رضيعة على صدرها فقررت الدخول الى لبنان خوفا على اولادها من ان تطالهم القوات التابعة للنظام السوري، تعرفت على احد المهربين واستطاعت الدخول الى لبنان بطريقة غير شرعية وصولا الى منطقة الفاعور في شرق لبنان.

استضافتها أحد الأسر السورية في لبنان لمددة شهر ومن ثم انتقلت الى احد المخيمات هي وأطفالها وكانت لا تملك نقودا، عقدت اتفاق مع صاحب المخيم الذي طلب منها المال قبل سكنها بأن يمهلها عدة شهور ومن ثم تعطيه مبلغ 600 دولار تقريبا كأجار سنوي للخيمة.

تقول ام عمار: "سكنت الخيمة ولا املك المال لدفع إيجارها ولا لإطعام أطفالي فطلبت الصدقة من بقية الخيم المجاورة وبدأت أبحث في الخيم المجاورة علي أجد لديهم القليل من الطعام أو ما بقي لديهم لأطعم أبنائي، بقيت على هذه الحال لعدة شهور فلا سبيل غير ذلك للبقاء على قيد الحياة، لم اجد عمل مناسب اعيش منه، ومضت أربعة أشهر ولم استطيع تأمين المال لأجار الخيمة ولا مال حتى للطعام ولم أجد جمعية خيرية تساعدني، وكنت اخاف كثيرا من ان يتوقف الجيرا ن عن اعطائي الطعام، جاء بعدها صاحب الخيمة بعد نفاذ صبره وطردهم بكل قلب قاس وانتزع الخيمة موجها الشتائم لي ولأطفالي لعدم إيفائي بما وعدته ودفع الإيجار له.

اصبحت إم عمار وأطفالها في الشارع بلا مأوى، احدى العائلات في خيمة مجاورة لها استضافتها وأولادها وأطعمتهم وآوتهم وهنا اشتد الظلام في حياة ام عمار فلا معيل ولا مردود الى ان قرات اعلان على احد المحال التجارية بأن شخص مريض بحاجة كلية ويريد متبرع لقاء مبلغ مالي وكان ذلك منذ أكثر من سنة.

لم تتردد أبدا ام عمار أن تبيع قطعة من جسدها لتحافظ على حياة اولادها فإلى متى ستبقى تطلب الصدقة وتبقى بلا مأوى وبلا تردد اتصلت بالرقم الموجود في الاعلان وبعد أن أمنت أولادها عند جارتها جاءها صاحب الإعلان بسيارته وأخذها بطرق لأول مرة تراها وصولا الى احد مشافي بيروت الفخمة لم تشاهد اسمه او تذكره، يومان في المشفى وعادت الى أولادها بكلية واحدة ومعها 1500 دولار استطاعت وقتها ان تستأجر خيمة لأولادها وأن تجلب الطعام لهم.

لكن المال نفذ وام عمار الآن تعود إلى مأساتها الأولى، استطاعت التسجيل في مفوضية الأمم التي تقدم لها مساعدات غذائية بقيمة 100 دولار يعينهم نوعا ما على مشاق الحياة، وعقد خيمتها السنوي شارف على الإنتهاء وهي الآن في حيرة ماذا ستبيع من اعضائها هذه المرة لكي يبقى أطفالها في مأوى؟

لم تقف معاناة اللاجئ السوري على مأساته وحزنه على فقدان وطنه بل امتدت الى الاتجار به وبأعضائه فصاحب المخيم يتقاضى سنويا مبالغ ضخمة من أرضه التي كانت بورا قبل مجيئ اللاجئ وخسرت إم عمار زوجها وكليتها مقابل الحفاظ على أطفالها ورعايتهم ولا تزال تنتظر أملا بالعودة إلى مدينتها والإنتهاء من هذه المعاناة التي تعيشها والخوف الذي يلاحقها مع إقتراب موعد إيجار الخمية التي تأويه وأطفالها.