أخبار الآن | دمشق – سوريا ـ (آية الحسن)
بعد أن حوّلت قوات الأسد سورية إلى دولة تكثر فيها المليشيات، باتت هذه المجموعات المسلحة التي تقودها عناصر من الشبيحة يتملك أداة القوة الوحيدة المسيطرة على الأرض وهي السلاح، واليوم أصبح معظمهم يقتات من تجارة القوة هذه.
ماذا يجري بين دمشق والقرداحة ..
تُعقد صفقات شراء أسلحة من مسدسات وبنادق بين المدينتين عبر سمسار يعرف كلا الطرفين جيداً ويسيّر أمر الصفقة سراً ويكون حريصاً على السريَة خوفاً من العقوبة.
يروي لنا "م. م"، وهو أحد المتطوعين في جيش الدفاع الوطني في دمشق، تفاصيل رحلته من دمشق إلى القرداحة مع عشرين مسدس وألفيّ دولار وعودته خاسراً مدمياً: "كانت البداية مع الرغبة في اقتناء المسدس التركي المعروف عند الجميع بأنه رخيص الثمن ويمكنك اقتنائه دون أن تتعرض للمسائلة من أحد. وخلال عملي كنت قد تعرفت على المدعو "أبو وليم" وهو تاجر مخدرات يتعامل معه كل من التحق بالدفاع الوطني، يقال أنه يتمكن من أن يحلّ لك أن مشكلة عالقة مع مكتب الأمن في المنطقة حتى أنه يستطيع الوصول إلى داخل أمن الدولة. وهو من يقرضك المال لتشتري منه أول مسدس ثم تدخل في لعبته وتصبح تاجرا صغيرا تعمل لديه". ويتابع: "بعد فترة من معرفتي به طلب مني نقل عشرين مسدسا وألفيّ دولار إلى قرية القرداحة، وقال لي أن شخصا من بيت الأسد سيستلمها مني وهو المدبر لكل تجارة المسدس التركي بين الأمن والشبيحة. وأعطاني ورقة موقعة منه بصيغة مهمة رسمية لتسيير أموري على الحواجز العسكرية. وأستطيع من خلالها الدخول إلى بيته بحجة زيارة خاصة، وهو سيتعرف عليّ فور إخباره بأنني من طرف أبو وليم".
كانت رحلة نقل السلاح سهلة جداً ولم أتعرض لمخاطر بعد خروجي من بيت هذا الشخص الذي لم أعرف اسمه. يقال له الزعيم. وبعد أن أعطيته المسدسات والدولارات، أعطاني كيسا أسودا كبيرا يحتوي على ثمانية مسدسات من نفس النوع وخمسمائة دولار طلب إيصالهم إلى أبو وليم. وما أن خرجت من بيته وتجاوزت القرية ببعض الأمتار حتى لحقت بي سيارة "جيب" سوداء وخرج منها ثلاثة رجال قاموا بضربي وسرقة الكيس مني، أعتقد أنهم يعرفون مابداخله فهم شاهدوني خارجاً من بيت الزعيم".
عندما وصل الشاب إلى دمشق روى لأبو وليم ما جرى، لكنه لم يصدقه واتهمه بسرقة ثمانية مسدسات وخمسمائة دولار وبيعهم للمسلحين.
قانون على مقاس التجار ..
كانت هذه الحادثة كفيلة بهروب الشاب وتخفيه في المنطقة الجنوبية في دمشق. يكمل "م. م" المتخفي عن عيون الأمن والدفاع الوطني بسبب التهمة المنسوبة له: "أعتقد أن تجارة السلاح وإلى جانبها تجارة المخدرات هي السائدة بين العسكر في سورية اليوم، أولاً لأنك كعنصر صغير في الدفاع الوطني لا تنال مستحقاتك من الخدمة ولا تدفع لك إلاّ كل ثلاثة أو أربعة شهور، ثانياً لأن السماسرة يرونك مناسباً لنقل بضاعتهم من مكان لأخر دون أن يشك بأمرهم. (يضحك) ويقول عموماً هم لايخافون لأنهم يستطيعون تخليص أنفسهم بسهولة إذا وقعوا في المشكلات".
ربما تحتاج سورية إلى معجزة لتخليصها من أيدي العسكر وسماسرة الحرب المسيطرين حتى على الهواء فيها. خصوصاً أن القرى الجبلية المؤيدة للنظام ماهي إلاّ أوكار لعقد صفقات السلاح وتهريبه، فهم عصابات متحاربة مع بعضها، أمّا الصيغة الكبرى للحرب ضد من يعادي الوطن فهي صيغة إعلامية واهية.