أخبار الآن | غازي عينتاب – تركيا – (أيمن محمد)
لا تزال قوات ما تعرف بـ"الدفاع الوطني" التابعة للمخابرات الجوية للنظام المشكّلة في صيف عام 2012، المساندة الأكبر للنظام في عملياته الأمنية ضد معارضيه داخل مراكز المدن، ولاحقاً في العمليات العسكرية في عدد كبير من المدن السورية.
شكّل الدفاع الوطني -معتمداً بادئ الأمر على المخبرين- بغية التزويد بتقارير يومية عن أماكن انطلاق المظاهرات ومنظميها، لاعتقالهم ومواجهة المظاهرات السلمية.
بقيت مهمة هؤلاء المخبرين مقتصرة على التقارير الأمنية خلال الأشهر الأولى من الثورة، لحين تشكيل ما يعرف بـ"اللجان الشعبية"، الذين كانوا يقمعون المظاهرات داخل كل مدينة على حدا بأوامر من أفرع النظام الأمنية وخاصة "الأمن العسكري".
وبعد أن وجد النظام في هذه اللجان وسيلة لمواجهة المظاهرات، بدأ عناصر من أفرع الأمن العسكري بإجراء دورات تدريبية في إيران لمدة شهرين، مستفيدين من تجربة جهاز "الباسيج" التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي كان له الدور الأبرز في قمع المتظاهرين في إيران عام 2009.
مع تفاقم وضع النظام، منتصف عام 2012، واتساع رقعة المواجهات العسكرية، وبدء عمليات تحرير المدن، وفشل العناصر المدربين من جهاز "الباسيج – ويعني بالعربية التعبئة الشعبية" بقمع المظاهرات، بدأت إيران باجتذاب قيادات "الشبيحة" وآلاف العناصر الذين ترشحهم المخابرات الجوية لإجراء دورات عسكرية في إيران على يد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يقوده قاسم سليماني.
وتؤكد مصادر لـ"أخبار الآن" أن فكرة اللجان الشعبية لم تكن عشوائية، وإنما كانت بناء على اقتراح من عضو مجلس الشعب أحمد منير محمد، الذي أوعز بضرورة تشكيل خلايا في كل منطقة لمواجهة المظاهرات والتغطية على خروج المتظاهرين، ولذلك كافأه رأس النظام لاحقاً وعينه محافظاً لمدينة حمص.
وتشير المصادر أن الفكرة كانت نواة لتشكيل ما بات يعرف اليوم بـ"الدفاع الوطني"، وشرعنة انتشارهم داخل المدن، من خلال توحيد الزي العسكري، وإقامة مقار عسكرية تابعة لهم، ومنحهم بطاقات أمنية خاصة من جهاز المخابرات الجوية.
وعمل عناصر الدفاع الوطني على مراقبة التحرّكات ضمن الأحياء الساخنة بالمظاهرات المندّدة بجرائم النظام، والمطالبة بإسقاطه، هادفة من ذلك إلى اعتقال الناشطين في الحراك الثوري.
وبلغ تعداد عناصر الدفاع الوطني في سوريا، حتى نهاية عام 2013، وفقاً للمصادر إلى 40 ألف عنصر، وأصبحوا القوّة الرئيسيّة التي يُعتمد عليها إلى جانب الفروع الأمنيّة داخل المدن وخاصة دمشق وحلب.
وتؤكد المصادر أنه تم تقسيم المناطق التي تنتشر فيها قوات "الدفاع الوطني" إلى قطاعات داخل المدن الرئيسية، مرتبطة جميعها بمدير مكتب اللواء جميل حسن مدير إدارة المخابرات الجوية، ويزودونه بشكل يومي بتقارير مكتوبة تشرح الوضع الأمني داخل قطاعاتهم، وكذلك الوضع العسكري داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار من خلال عملاءهم، عبر إرسال إحداثيات لأماكن انتشار الثوار ومقارهم العسكرية، بهدف قصفها عبر سلاح الطيران.
ويعرف عن معظم المنتسبين لجهاز "الدفاع الوطني" أنهم من أصحاب السوابق الجنائية، ويتقاضون رواتب تتجاوز راتب الموظف في القطاع الحكومي، يتكفل بدفعها الحرس الثوري الإيراني.
وسنتحدث في الجزء الثاني عن المزايا التي يتمتع بها عناصر ومتزعمي الدفاع الوطني، وانتهاكاتهم بحق المدنيين، وكيف عملت إيران على دمج عدد كبير منهم ضمن ميليشيات شيعية تابعة لها قادمة من العراق ولبنان وإيران، بعد فشل "الدفاع الوطني" في تحقيق تقدمات على الأرض، بالتزامن مع إقامة دورات دينية لقادة وعناصر الدفاع الوطني بهدف تشييعهم.