أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا – (جابر المر)
يرزح عناصر الدفاع المدني بحلب تحت وطأة القصف، والمسؤولية والإرهاق اليومي، وأمام كل هذا تقف الحكومة السورية المؤقتة عاجزة عن دفع رواتبهم في كثير من الأحيان بسبب نقص إمكاناتها، وقطع الدعم الدولي عنها، ما ينعكس سلبا على حياة الناس في المناطق المحررة وأولها عناصر الدفاع المدني الذين يُعدّون من أحوج الناس لرواتبهم حتى يتمكنوا من متابعة عملهم دون مشاق إضافية.
"محمود نعيمي" أحد عمال الصرف الصحي في حلب باع ذهب زوجته وتبرع لدفع رواتب زملائه كي لا تغرق حلب بالنفايات.
بداية العمل الثوري
ثلاث سنوات وثمانية أشهر من العمل مع الدفاع المدني، وقبل أن تغزو آلة الأسد العسكرية البنى التحتية لحلب بشكل كامل، وحيث لم يكن هناك أية مشاريع للصرف الصحي، بدأ محمود العمل مع بداية تشكل المجالس المحلية بحلب.
يقول عن بداية عمله: "لم يكن هناك أية مشاريع تتعلق بالصرف الصحي، وعندما عرف المجلس المحلي بالخبرة التي أمتلكها، بدأت العمل، واستلمت المشاريع في الكلاسة، والمنطقة الصناعية، والمغير، والفردوس والكلاسة القديمة".
أزمة العمال
بدأ محمود العمل مع عمال الصرف الصحي التابع للدفاع المدني، ومع تدهور الأوضاع المعيشية بحلب وعدم تمكن الحكومة السورية المؤقتة من دفع رواتب العمال بشكل دوري ومنتظم لارتباطها بما يأتيها من دعم بشكل مباشر، بدأ العمال بالتسرب نحو أعمال تبقيهم قادرين على تحصيل قوت يومهم، واتجهوا باتجاهين، إما الأعمال الحرة وترك الدفاع المدني لعدم تمكنهم من ممارسة العملين بذات الوقت، وإما التوجه نحو قتال الأسد المباشر والخروج إلى الجبهات مع كتائب الجيش الحر كل حسب منطقته.
أما من بقي من العمال فقد قرر الإضراب عن تنظيف حلب، وترك العمل على إصلاح الصرف الصحي الذي يتضرر بشكل شبه يومي في المناطق المذكورة، للضغط على الحكومة المؤقتة من أجل أن تدفع رواتبهم التي تراكمت لأشهر عديدة.
حلب التي في خاطري
لأنه لم يخرج إلا لإبقاء حلب على قيد الحياة، وعلى قيد المقدرة على مصارعة الأسد، وبعد أن بقي 45 عاملا من زملائه، الذين كان عددهم 120، موزعين بين عمال صرف صحي، وعمال نظافة، قرر محمود النعيمي أن يدفع رواتب أصدقائه المضربين، أو بالأحرى ما تيسر له منها بعد أن باع ذهب زوجته الذي كان قد خصص ثمنه لتزويج ابنه.
يقول: "ما جعلني أحس بالعمال أنني واحد منهم وظرفي لا يختلف عن ظرفهم، لكني كنت أخشى على حلب من الأوبئة التي قد يسببها إضرابنا عن تنظيفها، ذهبت لزوجتي وطلبت منها الذهب المخصص ثمنه لتزويج ابننا، ولم تمانع أبدا، بعت الذهب، ووزعت ثمنه على العمال كي يستطيعوا أن يتداركوا العوز المادي الذي أصابهم، ولنتابع العمل جميعا".
زوجة النعيمي قنعت بأن الله لا ينسى أحدا، كسر المضربون إضرابهم وتابعوا العمل، ومن هنا وقف النعيمي ببساطة وبسالة بوجه من منع دعمه عن السوريين في معركة وجودهم ضد الأسد، ليثبت أن أبناء سورية وحلب ستعود حرة كمان كانت قبل عهود الأسدين.