أخبار الآن | دير الزور – سوريا (زينة العلي)
يدخل الأطفال الصراع في سوريا بكل مجالاته، بين تهجير وقصف واعتقال. فواتير يدفع ثمنها الأطفال وحدهم، إما بحياتهم أو بضياع مستقبلهم والأمر سيان.
أطفال يولدون داخل السجون وأطفال يكبرون بين جدران الزنزانة، لا يعرفون من الحياة سوى جدرانها.
كثيرات هن الامهات اللواتي اختفين قسرياً، ومعهن أبنائهن كالناشطة رانية العباسي وأبنائها الستة الذين غيبتهم سلطات النظام وراء شمس أسوارها. بالإضافة الى رشا شربتجي التي اعتقلت مع أبنائها أيضاً واختفوا معها. كما قام النظام بتفرقة الأمهات عن أبنائهن فحوّل الأطفال الى ملاجئ للأيتام والأمهات إلى سجن عدرا المركزي للنساء كما حدث مع الأم ميادة الأسطى وأبنائها الأربعة.
اعتقال قسري مع الأمهات
يحتوي سجن عدرا للنساء على عدد من الأطفال ممن تم اعتقالهم مع أمهاتهن، وممن ولدوا خلف القضبان ولم يروا النور والحرية بعد. يوجد في سجن عدرا حوالي 23 طفلا مع أمهاتهن تتراوح أعمارهن بين شهر وأربع سنوات، مثل الطفل "فهد" الذي ولدته أمه داخل السجن وقد بلغ العامين من عمره وما زال يخطو أولى خطواته هناك.
فهد هو الطفل الأول لوالديه، لم يتمكن والده من رؤيته وذلك لأنه مطلوب هو الآخر للنظام.
"سامانا" هي الآخرى ولدت خلف شبك زنزانة تبلغ الآن حوالي أربعة أشهر ولا تعرف من الوجوه سوى المعتقلات .
"زينب" كانت وطفلها في سجن عدرا المركزي، تروي لنا كيف كانت أيامهم هناك: "أنا أم لطفلين، عامر يبلغ من العمر سنتان ومحمد سنة واحدة، كنتُ ذاهبة إلى لبنان حيث يعمل زوجي حين ألقي القبض علي، أنا وطفلي عامر، بينما استطاعت حماتي أخذ الصغير معها وعبرت الحدود".
وتكمل: "عاش عامر معي أصعب اللحظات، في الفروع التي تنقلتُ بينها، لا غذاء ولا حتى هواء نظيف في زنزانة تحت الأرض. كنتُ أبكي كثيراً حين يصرخ ويطرق باب الزنزانة في الفرع يريد الخروج، فيصرخ به السجان ليصمت".
تراجعت قدرة عامر على النطق، وأصبح ينام كثيراً، ولم يرأف أحد منهم به، إلى أن تم تحويل زينب إلى سجن عدرا المركزي.
"كنتُ أظن أن الوضع هناك سيكون أفضل، وأن حالته الصحية والنفسية سوف تتحسن، لكن ذلك لم يحدث، فلا يوجد في السجن رعاية طبية ولا حليب، كل شيء كان يجب علينا شرائه وأنا لم أكن أملك المال، فلا أحد يزورني".
اهتمت بعض السجينات بالطفل، وأصبح صديقهن وسلوتهن في السجن وتعلق بالكثير منهن، وأصبح يركض ويلعب في باحة السجن أثناء التنفس.
تتابع زينب: "يوم عرضنا أنا وعامر على القضاء، كانت قاضية من قررت إيقافنا، كي أثبت أنه إبني، لم أفهم كيف يمكنني إثبات ذلك، قلتُ لها كل الأوراق كانت معي في الفرع، لكنها لم تكترث، وعندما أخبرتها أن الطفل مريض بسبب جو الزنزانة في الفرع، لم ترأف بحاله، كما لم يرأف غيرها بكل الأطفال في السجن، وأعادتنا الى السجن حيث قضينا أنا وابني حوالي ثمانية أشهر لأثبت أنه ولدي".
حال الأطفال في سجن النساء
تتابع أم عامر حديثها، في السجن أطفال كثر، أذكر أن هناك أم عراقية متهمة بالإرهاب أحضروا معها ثلاثة من أبنائها، لم تكن تعرف ما تفعل بهم وكيف تؤمن لهم مأكلهم وملبسهم أيضا. فجمعية رعاية المساجين لا تؤمن لهؤلاء الأطفال أية رعاية، حتى وإن كان المطلوب هو خافض حرارة للأطفال.
ولولا بعض أهالي المعتقلات الذين يؤمنون لنا بعض اللباس صيفاً أو شتاء وبعض الأدوية العامة مثل مسكن الألم ومضاد الالتهاب لكان وضع أطفالنا مأساوياً جداً.
وتتساءل أم عامر: "إن كان النظام يعاملنا بهذه القسوة بذنب أننا متهمون بالإرهاب فأين هي المنظمات الإغاثية والائتلاف، كيف لا يقوم هؤلاء بمساعدة أطفالنا في السجن وخارجه".
خرجت زينب من السجن منذ حوالي الخمسة أشهر، لكنها لم تجد من يسألها عن احتياجاتها وطفلها، الذي يعاني من الخوف الشديد.
لم تستطع زينب السفر إلى لبنان، لأنها ممنوعة من السفر بسبب الدعوة المرفوعة ضدها في محكمة الإرهاب، وطرق التهريب تكلف الكثير من المال الذي لا تملكه.
تعيش زينب اليوم بعيدة عن زوجها وطفلها الثاني، في انتظار ربما معجزة تجمعها بهم.