أخبار الآن | دير الزور – سوريا – (زينة العلي)
أيلول هو شهر العودة الى المدارس في كل أنحاء البلاد، لكن لسورية وأطفالها وضع خاص، ولدير الزور خصوصية أكبر حيث الحصار الذي تعيشه المدينة بين فكي النظام و"داعش"
نقص في الكوادر والمستلزمات
يتسم هذا العام بصعوبات كثيرة، حيث الحصار المفروض على المدينة منذ حوالي تسعة أشهر ونزوح الكثير من الأهالي خارج المدينة. لذلك لا يتوافر في المدينة أي مواد تعليمية من دفاتر وكتب وما إلى ذلك من متطلبات التلاميذ.
"ندى" هي إحدى المعلمات اللواتي التقينا بهن في مدرسة من مدارس المدينة لتحدثنا عن الوضع الدراسي لهذا العام. تقول: "تشكو المدارس من أمرين مهمين وهما قلة المعلمين حيث هاجر من استطاع الخروج من المدينة، وذلك طلباً لحياة أفضل وسط شح لكل شيء هنا، والأمر الآخر هو عدم توفر الكتب والدفاتر".
قالوا لنا في مديرية التربية أن الكتب متوفرة في مدرسة في منطقة "البغيلية" ولكننا ومنذ أسبوع ونحن ننتظر أن توزع على المدراس ولم يحدث هذا.
وحين سألنا عن عدد التلاميذ اكتشفنا أن عدد التلاميذ سيكون أقل من أي وقت مضى حيث لم يبق من السكان إلا عدد قليل لا يتجاوز ال 250 ألف حسب الإحصائيات الأخيرة للسكان، وبالتالي فإن عدد التلاميذ والطلاب سيكون أقل.
أما اللباس المدرسي وغيرها من الأدوات المدرسية فلم يعد أمرا ضروريا وواجباً منذ العام الماضي بسبب غلاء الأسعار، وأصبح من الممكن التحاق التلاميذ ودوامهم في مدارسهم بأي لباس كان.
الأهل ومشاكل العام الدراسي
"أم عمر" أم لثلاثة طلاب التقيناها حين كانت تسجل طفلها في الصف الأول الابتدائي لتحدثنا عن واقع الدراسة في دير الزور: "المعلمون قليلون جداً، ولا يوجد لباس مدرسي، أهم شيء الأحذية حيث تفتقد مدينة دير الزور للأحذية والحقائب أيضاً. لكننا لن نترك أبنائنا بلا تعليم، رغم الخوف من قذيفة ربما تسقط على إحدى المدارس كما يحدث كل عام. أطفالي ثلاثة وكلهم في المدارس، نعمل المستحيل أنا وزوجي لتأمين حاجاتهم، هذا العام التسهيلات كثيرة، لكن التعليم يواجه صعوبات كبيرة".
"سمر" طالبة في المرحلة الثانوية، تتحدث وفي قلبها حسرة كبيرة على حلم ومستقبل شارف على الضياع على حد تعبيرها: "هذه السنة أنا في البكالوريا، لا يوجد مدرسين هنا فجميعهم خرجوا من المدينة، وأنا وزميلاتي لن نكون قادرات على الدراسة، ولا يمكنني الخروج لإكمال تعليمي في محافظة ثانية بسبب الحصار".
التعليم عند "داعش"
منذ الصيف الماضي و"داعش" يقيم دورات للمعلمين والمعلمات تسمى بدورة استتابة بشكل إجباري، على وعد بافتتاح المدارس لهذا العام، بعكس العام الماضي الذي تم فيه إغلاق جميع المدارس في المدينة.
يقول لنا حمزة أحد المعلمين الذين شاركوا في دورات الاستتابة، أن الدورة كانت إجبارية وإلا تمت معاقبة المدرس الذي يتخلف عن حضورها، لكنهم لم يخبرونا عن المواد التي سيتم تدريسها وأن كان هناك مدارس ستفتح أبوابها هذا العام.
محمد، تلميذ في المرحلة الابتدائية، حدثنا قائلاً: "نسيتُ القراءة والكتابة، رغم أني يجب أن أكون الأن في الصف السادس، أنا لستُ طالباً كسولاً، لكن المدرسة مغلقة منذ زمن، وأهلي هاجروا بنا إلى الحسكة ثم أعادونا إلى البصيرة، قريتنا، لنكون كما قال أبي بين أهلنا، وبين الحسكة والبصيرة ضاعت سنوات دراستي".
ومازال طلابنا يبحثون عن بصيص أمل لمتابعة حياتهم والجري خلف مستقبل أصبح باهتاً كالسراب، دون أن يكترث أحد لحال هؤلاء الذين أصبحوا على شفى حافة الأمية، حيث حرم الكثير منهم من حقه في التعليم إما بسبب حصار النظام أو همجية "داعش".