أخبار الآن | متابعات – (يمنى الدمشقي)
استقبلت بريطانيا يوم 22/9/2015 أول دفعة من السوريين المتوقع وصولهم من ضمن 20 ألف سوري الذين أقرت بريطانيا استقبالهم على أراضيها والاعتراف بهم كلاجئين.
وكان معظم من وصل حتى الآن من مخيمات لبنان والأردن، وجميعهم من العائلات وجاء ذلك بعد إصرار الحكومة البريطانية على استضافة هؤلاء اللاجئين من مخيمات اللجوء حصراً، وتداولت الأنباء الأولى خبر توزيعهم في مدينتي كوفينتري وبرادفورد.
المظاهرات وخلفياتها
وفي لقاء مع السيد "سليمان شويش" مدير قسم اللاجئين بالصليب الأحمر البريطاني في مقاطعة يورك شاير، تحدث عن المظاهرات الأخيرة التي انطلقت في أغلب شوارع المملكة المتحدة والتي قد تكون سبباً إضافياً ضغط على الحكومة البريطانية لاستقبال المزيد من اللاجئين أسوة بالدول الأوربية ولتخفيف العبء عليها.
وتحدث السيد سليمان، أن أعداد المظاهرة الأخيرة قد تجاوزت 100 ألف شخص من السوريين والبريطانيين وبعض الجنسيات الأخرى، وتمت الدعوة إليها من عدة منظمات كمنظمة الهجرة الدولية، إضافة إلى حزب العمال البريطاني خاصة بعد فشله الذريع في الانتخابات الماضية، فحاول أن يقدم شيئاً يفاجئ به الشارع البريطاني عن طريق تضامنه مع قضية إنسانية كقضية اللاجئين.
وأكد السيد سليمان أن المظاهرت استمرت ساعتان ونصف حتى وصلت إلى منزل رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون"، وبما أن الأعداد كانت هائلة فكان من المتوقع أن يتم اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يبدي تعاطفاً معها.
وأضاف السيد سليمان، أنها لم تكن المرة الأولى التي تخرج فيها هكذا مظاهرات في بريطانيا إلا أنها كانت الأضخم، حيث خرجت من قبل مظاهرات خجولة دعماً للاجئين، وحتى المظاهرات الأخيرة لم تقتصر على شوارع لندن، بل كان هناك أعداد هائلة خرجت في مدينة "يوك" جاءت عن طريق مفوضية الأمم المتحدة ومثلها في اسكتلندا، إلا أنن الإعلام اقتصر في تركيزه على لندن.
وتحدث السيد سليمان عن ارتفاع أعداد طالبي اللجوء في بريطانيا منذ بداية الثورة السورية إلى 6548 شخصاً بينهم 239 جاؤوا عن طريق مفوضية الأمم المتحدة منهم 50 شخصاً طالبت بهم بريطانيا لإعطائهم حق اللجوء، معظم هؤلاء حصل على حق اللجوء السياسي، بينما حصل الواصلون عن طريق الأمم المتحدة على حق اللجوء الإنساني.
لماذا بريطانيا حلم أغلب المهاجرين؟
يراود الكثير من السوريين القاصدين أوروبا حلم السفر إلى بريطانيا، ويعود ذلك لسهولة التعامل في بلد تعتمد اللغة الانكليزية مقارنة بصعوبة باقي اللغات الأوربية، إضافة إلى ذلك فإن الجامعات البريطانية معروفة بعراقتها ويعامل الطالب السوري فيها شأنه شان الطلبة البريطانيين.
ومن ناحية العمل فإن بريطانيا تساعد بتأمين قروض عمل لمن يريد أن يبدأ مشروعاً، كما أن حق اللجوء السياسي الذي تمنحه بريطانيا يصعب على الكثيرين تحصيله في دول أوروبا إلا بصعوبة بالغة، ووجود نسبة لا بأس بها من الجالية العربية هناك تجذب آخرين لاختيار بريطانيا، إضافة إلى كل ما سبق فإن الواصل حديثاً إلى بريطانيا لا يخضع للمكوث في مراكز للإيواء أو ما يدعى "كامبات" كما في باقي دول أوربا، بل يتم وضعه في بيت أو فندق حال وصوله.
بينما تتحدث وسام أم لطفلين هربت بهما من سوريا، أنها اختارت بريطانيا لتؤمن مستقبلاً أفضل لأبنائها، فهي تعتقد أنها لن تستطيع أن تتأقلم مع بلد آخر غير بريطانيا، ومن جهة أخرى فإن شهادتها في دبلوم اللغة العربية قد تؤمن لها عملاً مستقبلياً لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتضيف أن المساعدات التي تقدمها الحكومة البريطانية جيدة فهي تقدر ب 60 دولار أسبوعياً بينما تتراوح فرصة الحصول على إقامة فيها بين شهرين وستة أشهر، ومايميزها أيضاً هي سهولة إيجاد عمل بينما لا يتطلب ذلك سوى ممارسة اللغة لشهرين أو ثلاثة.
جرحى وقتلى في الطريق إلى بريطانيا ..
تعتبر منطقة "كالي" نقطة العبور الأصعب من فرنسا إلى بريطانيا، ويمكث بها ما يقارب 5000 مهاجر من جنسيات مختلفة صومالية أريترية وعراقية وسورية، جلهم وجدوا في بريطانيا مستقبلاً أفضل يفوق كل دول أوروبا، لا سيما أن بريطانيا تحتل المركز الثاني عالمياً في دول أوربا من حيث ازدهار اقتصادها، ويعيش هؤلاء اللاجئون أوضاعاً مأساوياً في هذه المنطقة وتجاوزت فترة مكوث بعضهم فيها إلى سنة في محاولات متكررة ويائسة للعبور إلى بريطانيا عبر نفق المانش، وتعرض بعضهم للضرب والإهانة من الشرطة الفرنسية ومنهم من تعرض لتشوهات دائمة، وآخرين بترت أصابعهم أثناء محاولتهم التسلق على الأسلاك الحديدية وبعضهم كسرت أقدامهم، ويستقل هؤلاء شاحنات بضائع أو دواجن أو برادات أو سيارات للخضار للوصول إلى بريطانيا، وبعضهم قد لاقى حتفه على الطريق، ومنهم شاب تمكن من التسلل إلى سيارة براد كانت متجهة إلى بريطانيا إلا أن طول المسافة أفقده أنفاسه ومات متجمداً داخلها، وعندما فتح صاحب الشاحنة الباب فوجئ بجثة هامدة داخل الشاحنة.
وكان "عامر" وهو شاب سوري بدأ رحلته البحرية من تركيا ومنها إلى اليونان مروراً بدول البلقان حتى تابع سيره إلى فرنسا، ليتجه إلى بريطانيا، إلا أن محاولات كثيرة له باءت بالفشل بعد مكوثه في كالي ما يقارب 4 أشهر، وأكد عامر أن سبب اختياره لبريطانيا أنها تفتح أمامه مجالات واسعة للعمل في مجاله الهندسي، حتى أن هناك أناساً بريطانيين حاولوا مراراً أن يحصلوا له تأشيرة نظامية ولم يتمكن من تحصيلها، فظن أن هذا الطريق قد يكون الأفضل إلا أنه لم يوصله إلى ما يتمنى، فعاد أدراجه إلى ألمانيا.
وكانت الشرطة البريطانية قد عززت حدودها مع فرنسا عن طريق نشرها ألف شرطي بريطاني على الحدود حاولوا الإيقاع بالمهاجرين وثنيهم عن متابعة طريقهم، مما أحبط الكثيرين منهم وعاد أدراجه إلى فرنسا محاولاً أن ينسى بريطانيا ويؤسس لحلم جديد في هجرة لم تنتهي.