أخبار الآن | السويداء – سوريا – (تالا جابر)
قتل وحيد البلعوس "شيخ الكرامة" ولا تزال أصابع الاتهام موجهة للنظام وأزلامه، خرج أهالي السويداء في موجة غضب حرروا معها بعض المقرات الأمنية في المدينة، وأسقطوا أهم تماثيل الطاغية "حافظ الأسد" في الساحة الرئيسية للمحافظة، واستولوا على الحواجز، وبعد يومين عاد كل شيء كما كان، ليكون السؤال ماذا بعد؟.
اغتيال وخطف
التفجيرات التي وقعت عصر يوم الجمعة في الرابع من أيلول، أودت بحياة من وصفوا بقيادات حركة "مشايخ الكرامة"، ونجا منها الشيخ رأفت البلعوس شقيق الشيخ وحيد والذي يصفه مقربون من الحركة بأنه العقل السياسي، وعلى شفائه يعلق المتفائلون آمالهم، في حين يرى البعض أن الأمور انتهت عند هذا الحد، وبين الموقفين تندرج آراء أخرى ترى أن المواجهة قادمة لكن السويداء لن تتحرر!!.
وتخلل فترة الصمت التي تعيشها السويداء اليوم نبأ اختفاء أمين فرع حزب البعث ورئيس اللجنة الأمنية في السويداء "شبلي جنود"، فيما اعتبره كثيرون هو مجرد بالون اختبار من قبل الأجهزة الأمنية ليسبروا التوجه العام في المحافظة.
مخاوف من تشابه مصير المدن الثائرة
"السويداء حتى الآن غير جاهزة لدفع ضريبة المواجهة" هذا ما يراه ناشط من داخل السويداء، فضّل عدم ذكر اسمه، ويضيف: "إن الانقسام هو سيد الموقف حالياً، فالتفجير ذهب بقيادات الصف الأول لحركة مشايخ الكرامة، التي تعتبر الأكثر قدرةً على مواجهة النظام من المعارضة التقليدية، وبين أفرادها من يطالب بالرد الحاسم على النظام والتصعيد وهناك من يطالب بالتهدئة وكان ذلك جلياً من البيانات المتضاربة التي صدرت باسم الحركة".
ويرى الناشط أن مخاوف البعض من المواجهة مشروعة لاسيما بعد الدمار الذي لحق بالمحافظات المنتفضة، ومن ناحيةٍ أخرى استطاع النظام إخافة أهالي السويداء من "داعش" المتواجدة على الحدود الشرقية من المحافظة، وبالتالي أية مواجهة مع النظام ستكون نتائجها كارثية.
التنسيق مع ثوار درعا
المخاوف التي ذكرها الناشط يؤكدها "أبو ولاء" وهو أحد الناشطين في المحافظة لكن في الوقت ذاته يعتبر أن الصواب الذي يمكن أن تفعله السويداء اليوم هو فتح علاقة مع ثوار درعا، وهو ما كان يمكن الوصول إليه لو بقيت حركة مشايخ الكرامة بقوتها، فوجود 5000 مسلّح لدى الحركة لا يعني أنها قادرة على مواجهة النظام.
مصدر من داخل حركة "مشايخ الكرامة" تؤكد أن ما يحدث الآن هو هدوء ما قبل العاصفة، مضيفاً أن الحركة حتى الآن لم تعلن الحداد على قياداتها، فالثأر ما زال معلقاً.
أما لماذا تركت الحركة مواقعها على الحواجز وعادت إلى المزرعة مسقط رأس الشيخ البلعوس؟ فيجيبنا المصدر أنهم لا يريدون الدخول في معارك جانبية مع اللجان الشعبية تضيع معها دماء الشهداء، وتحقق غاية النظام في فرض الاقتتال الداخلي.
"السويداء ستعيش مأساتها سواء واجهت النظام أم لم تواجهه"، هكذا يعتقد "عمر" الناشط والمعتقل السياسي السابق مشيراً أن: "كل السيناريوهات القادمة ستكون سيئة سواء رد مشايخ الكرامة أم لا فالاستكانة تعني الرضوخ وستزيد من سلطة النظام وبطشه في المحافظة، وإن ذهبوا للمواجهة، فأيضاً هذا الخيار سيكون صعباً وفاتورته باهظة. البعض يروج أن النظام ربما يترك للسويداء حكمها الذاتي لكن هذا الأمر غير حقيقي، لن يستطيع النظام التخلي عن أهم الأوراق في يديه على الساحة الدولية وهي حماية الأقليات كما لن يفسح لها مجال للتحالف مع جارتها درعا والامتداد إلى الغوطة وفتح الطريق أمام المعارضة للوصول إلى دمشق".
ماذا سيفعل النظام
يجيبنا الناشط أنه حكماً لن يقدم على قصف المحافظة في البراميل للأسباب سابقة الذكر لكنه يعمل منذ مدة على خنق حركة مشايخ الكرامة، ومواجهتهم مع مشايخ العقل، وشئنا أم أبينا فإن لهؤلاء كلمة مسموعة في الشارع الدرزي، وإن كانت اهتزت صورتهم في الفترة الأخيرة بعض الشيء لكن هذا لا ينفي حضورهم القوي، إلى جانب بقاء اليد الأمنية هي الأقوى.
وبينما نشط حراك المشايخ يتساءل كثيرون عن دور المعارضة التقليدية في السويداء التي خرجت وتظاهرت واعتصمت منذ بداية الثورة لكنها لم تستطع تشكيل قاعدةٍ شعبية حاضنة، وهنا يجيبنا "أنور" أحد الناشطين في المحافظة أن المعارضة التقليدية حاضرة اعتقل أفرادها ومنهم من استشهدوا تحت التعذيب (أكثر من 35 اسم موثق) وهناك من هو ملاحق ومنها من سافر خارج سوريا، وما زالت مستمرةً في نشاطها. وبعد اغتيال البلعوس خرج شبابها إلى الشوارع مستمدين قوتهم من حراك الشارع المناصر للمشايخ إلى جانبهم فهم لوحدهم لا يستطيعون فعل شيء.
المشكلة الآن حسب "أنور" أن المشايخ لا يريدون السير وراء المعارضة التقليدية، وهذه نقطة في صالح النظام، لأنه يرغب ببقاء الحراك بجذر طائفي واجتثاث أي محاولة لتحويله إلى بعد مدني، رغم أن خطاب مشايخ الكرامة كان دائماً أنهم أبناء سوريا، وليس فقط السويداء، لكنهم حتى الآن لم يعلنوا مناصرتهم للثورة بشكلٍ واضح رغم أن عدوهم وعدو الثوار هو النظام.