أخبار الآن | درعا – سوريا ( أسامة زين الدين)
ككثير من السّوريّين المغتربين، الذين عاشوا لحظات الثّورة يوما بيوم، وساعة بساعة، تاركين أجسادهم في الغربة وقلوبهم في الوطن، كابدت طالبة الدّكتوراه بجامعة إيلميناو التّقنيّة في ألمانيا "شذى الخليل" المنحدرة من عاصمة الثّورة "حمص" تأنيب الضمير لبعدها عن معاناة أهلها في الدّاخل، باحثة عمّا يمكن عمله لتخفيف ألمهم ومعاناتهم، وبقيت لسنوات حائرة فيما يمكن عمله ليحدث فارقا في حياة السّوريين، ويكون في مقدور اليد لطالبة وحيدة بعيدة عن الوطن، وبلا إمكانات تذكر.
شرارة المبادرة
كان خبر حرمان إحدى معارفها من منحة للدّراسة في أحدى الجامعات الفرنسيّة بسبب الحجاب هي الشّرارة الأولى التي دعت شذى لتسخير خبراتها الكبيرة في مجال المنح الجامعيّة، ومتطلّبات الأروقة الأكاديميّة ومقابلات العمل والسّير الذّاتية ورسائل الدافع وغيرها. قرّرت شذى مساعدة صديقتها للحصول على منحة أخرى بدل التي حرمت منها، وكانت تلك نقطة البداية في مشروعها لتغيير مستقبل مئات الطّلبة السّوريين
الحملة الأولى
في حديثها لأخبار لآن تقول شذى أن أوّل حملة دشّنتها كانت في منتصف العام الماضي، وتهدف للضّغط على الجامعات الألمانيّة لتأمين منح خاصة بالطّلاب السوريين، نتيجة الظّروف الاستثنائيّة التي مروا بها وحرمان المحافظات الثّائرة من التّعليم، واستشهاد الالاف من الطّلاب. لقيت الحملة صدى جيّدا وتفاعلا من قبل السّوريين والمؤسّسات الجامعيّة الألمانية فكانت نتيجتها أن قدّمت "الداد" منحة خاصة بالطّلبة السّوريين تشمل مئة طالب معظمهم أصبحوا في جامعات ألمانيا
تطور المبادرة إلى مشروع
تمحور مشروع شذى حول تشكيل مرجعيّة استشاريّة أكاديميّة للطّلبة السوريين، وكانت هي عبر صفحتها على الفيس بوك رأس حربتها تأخذ بيد الطّلبة وترشدهم للمنح الجامعيّة( بكالوريوس – ماجستير – دكتوراه) التي تقدّمها الجامعات الدّولية والإقليمية، وتعرّفهم بإجراءاتها والمصطلحات الخاصّة فيها، وكيف يتعامل الطّالب المستجدّ معها، كما تشرح آلية التّقديم المثالي والسّليم للأوراق المطلوبة لكل منحة من سيرة ذاتية، ورسالة دافع، وكشوف علامات.
تلا هذا تشكيل مجموعات استشاريّة تفاعليّة على الفيس بوك لقيت صدى واسعا ومشاركة من أكثر من 40 ألف مشترك، وأظهرت حماسة سوريّة وتكافلا ملحوظا يتداعى فيه الجميع لمساعدة بعضهم البعض. تعنى هذه المجموعات بالاستشارات الخاصّة بالمنح وآلية تقديمها وحلّ المشاكل التي تواجه الطّلاب أثناء التّقديم، إضافة إلى اللّغة الانكليزية وامتحاناتها الدّولية، وتم نهاية تشكيل مجتمع سوري مصغّر يشد من أزر بعضه ويساعد كل سوري بما طوّر من معلومات وخبرات وتجارب حصّلها عبر دراسته وتقديمه لهذه الامتحانات.
المستفيدون من المبادرة
رغم أنّها كانت تطمح لتغيير حياة سوريّ واحد كما تقول، إلا أنّها كانت فاتحة لغيث عمّ نفعه على كثير من الطّلبة السوريين. مئات الطّلاب استفادوا من المنح بشكل مباشر أو كوّنوا ثقافة أكاديميّة ممتازة حول التّعامل الإداري والمهني مع الأروقة الأكاديميّة العالميّة. يفيض وارد شذى بالرّسائل الخاصّة الممتنّة التي أتتها من سوريين أمّنوا قبولات لهم أو لإخوتهم أو معارفهم نتيجة مبادرتها. وبعضهم قد كرّس نفسه ليخدم غيره ويفيدهم من خبرته في انعكاس واضح للتّغيير الاجتماعي الذي حققته شذى في مبادرتها في أوساط الطّلبة، بعد أن كان الغالبيّة يخفون هذه المعلومات عن بعضهم حرصا على زيادة فرصهم في تحصيل تلك المنح، وإضعافا لمنافسيهم.
تحدّيات المشروع وآفاقه
تسعى شذى بالتّعاون مع بعض المتطوّعين لتحويل المبادرة إلى مشروع مؤسّسي مستقبلا، بحيث يقدّم خدماته بشكل تطوّعي للطّلاب السوريين، ويشكل مرجعا كاملا لكل ما يحتاجونه من معلومات وخبرات تخصّ الدّراسة الاكاديميّة تغطّي معظم البلدان المتقدّمة علميا. وتبقى مشكلة التّفرغ لهذا الأمر هي العائق لأكبر في ظلّ ضغوطات العمل والدّراسة القائمة حاليا، والازدياد الكبير في أعداد المتّابعين والمهتمين بتأمين مستقبل أفضل لهم