أخبار الآن | ريف دمشق– سوريا (يوسف البستاني)
لم تكن عائلة معتصم ابن الخمس سنوات تعلم أن مرضاً عضالاً سيواجه ابنها بعد نجاته من قصف طيران النظام الحربي على مدينة دوما قبل قرابة العامين، فرحت العائلة عند رؤية صغيرها دون أذى بعد تلك الغارة الغادرة التي ألقى فيها طيار مجرم صاروخاً بالقرب من منزلهم الواقع في مدينة دوما المحاصرة في ريف دمشق، ما تسبب بدمار جزئي في المنزل ودمار واسع في المنطقة ككل.
أمراض عضال بسبب الخوف
تدهور مفاجئ في حالة معتصم، تلاشت ابتسامته الجميلة وكأن الحمى لا تفارقه، ارتفاع دائم في درجة الحرارة، هلوسة ووهن جسدي، إضافة لظهور أعراض جانبية عجز الأطباء عن تشخيصها بادئ الأمر، فطلبوا مجموعة من التحاليل والتي قلبت نتيجتها حياة أهل معتصم رأساً على عقب.
"ليوكيميا" أو سرطان الدم، هذا ما قاله الأطباء بعد رؤيتهم لنتائج التحاليل، لتضاف معاناة جديدة على حياة معتصم وعائلته، مرض عضال وحصار وقصف لا يتوقف.
نقلت عائلة معتصم ابنها لمركز "رحمة" المتخصص بعلاج الأورام السرطانية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وهو الوحيد العامل في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ليبدأ معتصم صراعه مع المرض، ويتجرع ألماً بطعم الموت مع كل جرعة دواء كيمياوي تلقاه.
رأي الأطباء
تحدث مراسل الآن مع الطبيبة الاختصاصية "هدى الشامي" مديرة مركز رحمة للأورام السرطانية حول حالة معتصم والحالات المشابهة في الغوطة، حيث أشارت إلى أن حالة معتصم تماثلت للشفاء، بعد قرابة العامين من المتابعة ضمن المركز.
وأضافت الطبيبة أن عدد الأطفال المصابين بأمراض الأورام تجاوز الـ 125 طفلاً في داخل الغوطة فقط، وجميعهم يتلقون العلاج من المركز، مشيرة الى أن العامل النفسي بسبب القصف والرعب والحصار الشديد على الغوطة كان من أهم العوامل السلبية في انتشار أمراض السرطان وتفشيها في الغوطة وصعوبة معالجتها، حيث ارتفعت معدلات الاصابة بالأورام في الغوطة بين الأطفال والنساء، إضافة لظهور أمراض سرطانية لم تكن موجودة من قبل مع شبه استحالة معالجة بعض هذه الأمراض لعدم توفر الامكانات والمواد الطبية اللازمة.
وذكرت الطبيبة أن حالة الطفل "معتصم" كانت خطيرة جداً في الأشهر الأولى ولكن مع الإصرار والتصميم ومحاولات حثيثة للوصول بالطفل لحالة الشفاء التام أثمرت في نهاية المطاف، حيث وصّفت حالة الطفل اليوم أنها تماثلت للشفاء بنسبة 90% وهذا يعد إنجازا طبيا عظيما في ظل الإمكانات المتوافرة داخل الغوطة الشرقية المحاصرة، كما تجاوزت نسبة الشفاء في المركز لعموم الحالات حوالي 40%, في حين وصلت نسبة الوفيات لـ 10.5%.
أكثر من أربعة أعوام ونظام الأسد مستمرٌ بقصف الأحياء المؤهلة بالمدنيين بشكل همجي ودون توقف بكل الأسلحة التي امتلكها، خلفت آلاف الإصابات النفسية والجسدية والعاهات الدائمة وخصوصاً عند الأطفال، رغم كل النداءات التي خرجت من منظمات الانسانية والمدنية بايقاف آلة النظام العسكرية الهمجية ضد المدنيين.