خبار الآن| إربد- الأردن (عبد الحي الأحمد)
لا تزال الثورة السورية تنتج كل يوم حالات فريدة من الإبداع وقصص الصمود والعزيمة. فئة من الشعب السوري الثائر ممن يُصنّفون بـ "ذوي الاحتياجات الخاصة" تمكنوا من تخطي الصعاب وتجاوز العقبات ليساهموا بدورهم في الثورة.
"رمزي أبازيد" شاب سوري ينحدر من حي الأربعين في مدينة درعا البلد، مهد الثورة السورية، أصيب بمرض عضال في سن الثانية والعشرين أدى إلى عجزه عن المشي إلا أن ذلك لم ينل من إصراره على التغلب على عجلات كرسيه المتحرك وساعات فراغه الطويلة التي استثمرها في فن التصميم بأعواد الكبريت.
الإصرار على مشروع الثورة
في حديثه لأخبار الآن يروي "الأبازيد" قصة مشاركته في الثورة السورية منذ بدايتها من على كرسيه المتحرك خلف نافذته التي تطل على ساحة التظاهر بمدينة درعا حيث كان يردد شعارات المتظاهرين ويشاهد قوات النظام التي كانت تطلق الرصاص على الأهالي بلا رحمة، وما هي إلا أسابيع تحول فيها الحي الثائر إلى مقصد رئيسي لاقتحامات الشبيحة نفذوا من خلالها عشرات الإعدامات الميدانية التي طالت أهالي الحي ولم تستثن حتى أحد الشبان المقعدين من جيرانه مما أجبره لاحقا إلى النزوح باتجاه الأراضي الأردنية.
ويردف قائلا: "أردت أن أقدم كل ما أستطيع للثورة التي تعيش بداخلي ولم أستطع الجلوس متفرجا فبدأت بتصميم عشرات المجسمات التي ترمز إلى الثورة السورية بأعواد الكبريت فكان منها مجسم للمسجد العمري شرارة الثورة وساعة حمص التي ترتبط بمجزرة الساعة ونواعير حماه التي تستذكر صوت القاشوش، فحاولت إيصال رسالة للعالم عبر المجسمات التي يمثل كل منها إحدى المحافظات السورية بأن الشعب السوري مترابط من جنوبه إلى شماله".
ويضيف: "أعمل هذه الأيام على تصميم مجسم لكنيسة أردت من خلالها إيصال رسالتي إلى العالم بأن ثورتنا لم ولن تكون طائفية كما يتهمها البعض".
الصعوبات والمعوقات
صناعة هذه المجسمات قد يستغرق في بعض الأحيان إلى عدة أشهر من العمل المتواصل إضافة لاستخدام عشرات الآلاف من أعواد الكبريت وهو ما يحتاج إلى صبر كبير وساعات عمل طويلة إلا أن أكثر الصعوبات التي يعاني منها هي تسويق المجسمات على الرغم من اشتراكه في أكثر من معرض، في السنوات السابقة كان يتبرع بالقسم الأكبر من مردودها لجرحى الثورة وأطفال الشهداء في الداخل "بحسب وصفه".
ويتابع الأبازيد: "هنالك عدة مجسمات أردت العمل على تصميمها إلا أنني افتقدت التمويل اللازم لشراء المواد الأولية ولدي الآن عدة مجسمات موجودة في دولة الكويت أسعى إلى تسويقها بمعرض فني، أخذت على عاتقي أن يكون مردودها بالكامل لصالح الثورة السورية إلا أناي أجد صعوبة بالغة في تسويقها لعدم مقدرتي على التحرك وعدم وجود جهة تتبنى تصاميمي".
وبعيداً عن العمل بأعود الكبريت أسس الأبازيد مع انطلاقة الثورة تجمعا إخباريا على شبكات التواصل الاجتماعي سمي "تنسيقية حي الأربعين" وقد كانت من أهم الشبكات الإخبارية إذ وصل عدد متابعيها إلى أكثر من 250 ألف مشترك قبل أن تتعرض لهجوم من الجيش السوري الالكتروني أدى إلى إغلاقها.