أخبار الآن | اسطنبول- تركيا (إيهاب بريمو)
أفرزت حرب النظام على الشعب السوري حالات كثيرة من الإعاقات الجزئية والكاملة، مؤقتة ودائمة. ومع تزايد أعداد اللاجئين السوريين في تركيا على مدار الأربع سنوات الماضية كانت الحكومة التركية وبشكل كبير مع حالة اللاجئين وقدمت العديد من الخدمات الصحية في مخيمات اللجوء أو خارجها. فقد أوضح مستشار وزارة الصحة التركية "أيوب كومُش" أن عدد الخدمات العيادية التي تم تقديمها للاجئين السوريين في تركيا بلغ حتى الآن 6.5 ملايين خدمة عيادية.
وكشف "كومُش" أن وزارة الصحة التركية تعمل على تطوير خطة للاستفادة من الأطباء والممرضين السوريين، في مجال توفير الرعاية الصحية للاجئين السوريين في المخيمات، ومراكز صحية خاصة، ستجهّز لاستقبال اللاجئين السوريين.
المركز الطبي السوري
ولكن في حقيقة الأمر ورغم كل الدعم الذي تقدمه الحكومة التركية تبقى اللغة التركية عائقا أمام السوريين في تركيا وخصوصا في مدينة اسطنبول، مما دفع مجموعة من الأطباء والمتخصصين السوريين في المجال الصحي لافتتاح مركزاً طبياً في مدينة اسطنبول وتسميته "المركز الطبي السوري".
السيد "أسامة خالد" مدير المركز حدثنا عن فكرة المركز وكيف تم تنفيذ المشروع: "في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها أهلنا السوريين في اسطنبول وصعوبة التعامل مع الأخوة الأتراك من ناحية اللغة ارتأينا أن نفتتح مركزا لعلاج اللاجئين بأسعار رمزية".
أما عن مصدر تمويل المركز أو الجهة الداعمة له فأجاب: "في حقيقة الأمر لا يوجد جهة معينة داعمة للمشروع. نحن مجموعة من الأطباء والمتخصصين قمنا بافتتاح المركز على نفقتنا الخاصة".
يشمل المركز كافة الاختصاصات الطبية "العظمية، القلبية، الجلدية، النسائية، الأطفال" بالإضافة إلى القيام بالعمليات الجراحة الصغرى ومخبرا للفحوصات الطبية.
الطبيب "زكريا صلان" خريج جامعة دمشق قسم طب الأطفال حدثنا عن الحالة الصحية للأطفال والأمراض التي يتعرضون لها: "أمراض الأطفال هي الأمراض الموسمية الاسهالات وحمى التيفوئيد صيفا والإنتانات التنفسية شتاء، وذالك مشترك بين جميع البلدان سواء في سوريا أو تركيا، أما فيما يخص السوريين هنا فهي الإصابات التنفسية والربوية والتحسسية بسبب ظروف السكن والعمل. ظروف السكن عامل مؤثر جدا في الحالة الصحية للأطفال والكبار على حد سواء فمعظم السوريين يقطنون في مساكن تفتقر للتهوية وعدم تعرضها لأشعة الشمس إضافة لعمل بعض الأطفال في مصانع الغزل والنسيج ومصانع البلاستيك المنتشرة في مدينة اسطنبول".
المركز يقوم بالعمل على مدار أيام الأسبوع جمعيها دون عطلة كما أن الفحص يكون بشكل رمزي مع إعطاء الأدوية المطلوبة في حال توافرها بالمجان.
بديل عن العيادات السورية الخاصة
"أم محمد" نازحة من مدينة إدلب منذ حوالي العامين وتقيم في مدينة اسطنبول مع زوجها وأطفالها الأربعة. تقول: "عند مجيئي إلى تركيا واجهت الكثير من المصاعب عند مرض أحد أبنائي وذالك بسبب اللغة ولكن عندما سمعت عن هذا المركز سررت جدا فهم يقومون بالفحص الطبي بملغ رمزي وإعطاء الأدوية بالمجان إذا توافرت، فالأدوية هنا أسعارها مرتفعة جدا، وغير ذالك فالأطباء السوريين الذين يعملون لحسابهم الخاص فحوصاتهم باهظة الثمن وليس بمقدوري الذهاب إليهم، المركز يوفر الكثير من المصاريف علينا".
الحاج "أبو مصطفى" البالغ من العمر 65 عاما يزور اليوم المركز لإجراء فحوصاته الدورية. سألناه عن سبب مجيئه: "أتيت اليوم إلى المركز الطبي لأقوم بفحص ضغط الدم والسكري لدي وأخذ الأدوية".
وأثناء زيارتي للمركز شاهدت امرأة وبين يديها رضيع لا يتجاوز عمره أربعة شهور، حرارته مرتفعة ووجهه متعرق، قالت بردا على استفساري: "طفلي مصاب بحمى "التهاب في الرئتين" منذ أسبوع وهو على هذه الحال، كانت حالته أسوأ ولكن حالته بدأت بالتحسن بعد المرة الماضية قبل خمسة أيام وبعد فحصه وإعطائي الدواء اللازم لحالته المرضية". سألتها لماذا اخترتني هذا المركز غيره من بقية المراكز أجابت: "هنا الخدمة ممتازة وبأسعار رمزية والأطباء ذوو خبرة طويلة في مجال عملهم. أود أن أذكر أمرا حصل معي فالدواء الموصوف لطفلي لم يكن موجودا هنا فقاموا بمساعدتي عن طريق تعاملهم مع "الصيدليات التركية "التي في الحي وإعطائي الدواء مع حسم عليه".
الصعوبات التي تواجه المركز
جملة من الصعوبات تواجه فريق الأطباء والقائمين على المركز، منها صعوبة تأمين أدوية المسكنات وعدم إمكانية القيام بالأعمال الجراحية بسبب منع الحكومة التركية الأطباء السوريين من القيام بها في المشافي التركية العامة والخاصة على حد سواء. كما يعانون من ملاحقة في التراخيص وإغلاق المراكز السورية غير المرخصة المتواجدة في مدينة اسطنبول بشكل عام.
يتألف المركز من سبع عيادات وصالة لاستقبال المرضى وغرفة لمخبر التحاليل الطبية. كما أن المرضى الذين يترددون إلى المركز يوميا يتراوح عددهم بين 60/90 مريضا.
بجهودً شخصية يقوم مجموعة من الأطباء السورين في مدين اسطنبول بعملهم الإنساني تجاه أبناء بلدهم اللاجئين، وقد عاهدوا على الإخلاص في مهنتهم وأن يصونوا حياة الإنسان السوري اللاجئ في هذه الظروف الصعبة.