أخبار الآن | درعا- سوريا (سارة الحوراني)
تحولت أشجار الزيتون من مصدر رزق رئيسي للأهالي في محافظة درعا إلى عبء إضافي وقع على كاهل أصحابها، ما دفع بالعديد من المزارعين إلى قطع الأشجار وبيعها كحطب لتجار الأخشاب.
غلاء الوقود سبب رئيسي
أبو محمود كان يملك مزرعة في درعا/ طريق السد تحتوي على أكثر من 300 شجرة زيتون، أمنت له مردودا ماليا جيدا خلال السنوات العشر قبل انطلاق الثورة السورية، لكنه تخلى عن الأشجار هذا الموسم وتحولت مزرعته إلى أرض جرداء خالية من الشجر بعد قطعها وبيعها للتدفئة. يقول لمراسلة أخبار الآن: "لم يعد باستطاعتي تأمين الرعاية المناسبة لأشجار الزيتون؛ لارتفاع مشتقات الوقود وخاصة مادة المازوت التي تعد عصب الزراعة، حيث يتراوح سعر اللتر الواحد منه بين (300 و 400) ليرة سورية، وبذلك فإن تكلفة عملية ري المزرعة لمرة واحدة تحتاج إلى مبلغ كبير من المال لا يمكن تأمينه في هذه الأيام"، مبيناً أن "أشجار الزيتون قد تحول لونها إلى الأصفر وجفت جذورها، وبات قطعها وبيعها كحطب أفضل حل، بعد أن كان موسم الزيتون السنوي يؤمن في السابق مردود مالي يزيد عن مليون ليرة سورية".
أكثر من 6 مليون شجرة زيتون في محافظة درعا
احتلت زراعة شجر الزيتون المرتبة الأولى في محافظة درعا من حيث المساحة المزروعة، والتي وصلت إلى 29731 هكتاراً تضم نحو 245. 6 مليون شجرة وفقاً للمهندس الزراعي "أبو قاسم" الذي يوضح أنه قد خرجت مساحات كبيرة من طور الإنتاج لأسباب عديدة أهمها: الجفاف المترافق مع ارتفاع درجات الحرارة، وغلاء مشتقات الوقود بشكل خيالي، بالإضافة إلى صعوبة تقديم الخدمات والاحتياجات اللازمة لشجرة الزيتون كالأسمدة و ومعالجة الآفات الزراعية.
وبين المهندس بأن: "العمليات العسكرية لقوات الأسد المترافقة مع القصف العنيف بشتى أصناف الأسلحة، وخاصة سلاح الطيران بشقيه الحربي والمروحي، دفعت العديد من الأهالي للتخلي عن مزارعهم إما بالنزوح إلى مناطق أكثر أمنا في الداخل السوري أو اللجوء إلى خارج حدود الوطن، في حين وجد العديد من الأهالي في قطع أشجار الزيتون حلاً عاجلاً للحصول على مبالغ مالية تعينهم في محنتهم سواء بالنزوح أو اللجوء".
الحرب أحيت مهن قديمة وغيّبت أخرى
"أبو علي" امتهن مهنة التحطيب منذ عامين وباتت مصدر رزق له ولأسرته بالإضافة لعدد آخر من الشبان، يقول لمراسلة الآن: "فرضت الحرب علينا واقعا اقتصاديا جديدا يكمن في تغير المهن التي لطالما شكلت مصدر رزق لأسرنا، بمهن أخرى تتناسب مع الظروف الحالية، فبعد إغلاق الحدود وتوقف طرق التجارة الخارجية بين سوريا ودول الجوار قمت ببيع شاحنة النقل الخارجي الخاصة بي وتحولت إلى مهنة التحطيب منذ عامين، والتي بدأتها بقطع أشجار الزيتون في مزرعتي لعدم قدرتي على العناية بها وبيعها للأهالي كحطب للتدفئة".
ويضيف أن غلاء الوقود وخاصة مادة المازوت، دفع معظم الأهالي إلى الاعتماد على مادة الحطب لتوفير التدفئة خلال فصل الشتاء، وبذلك رواج تجارة الحطب حيث يتراوح الطن الواحد منه بين(35 و45 ) ألف ليرة سورية.
مدافئ الحطب في الأسواق والمنازل
أعاد الاعتماد على الحطب من قبل الأهالي لتوفير التدفئة خلال فصل الشتاء أحياء مهنة تصنيع المدافئ الخاصة بالحطب. يقول "محمود" صاحب ورشة للحدادة في درعا: "بدءنا بتصنيع المدافئ الخاصة بالحطب منذ ما يقارب أربع سنوات على التوصية من قبل بعض الأشخاص، ومنذ عاميين اعتمد معظم الأهالي على الحطب كمادة رئيسية للتدفئة".
ويضيف أنه تحوّل إلى التصنيع التجاري بسبب الطلب الكبير على المدافئ، فيتراوح سعر المدفأة الخاصة بالحطب من 4000 إلى 30000 ليرة سورية، حيث يتوقف سعرها على نوعية الحديد المستخدم في صناعتها ومدى سماكته ومقاومته للحرارة، بالإضافة إلى التصميم الخاص بالمدفئة من حيث البساطة والتعقيد والغرض المنشود منها.