أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (يوسف البستاني)
لكل مدينة في الغوطة الشرقية قصة وحكاية، لاسيما أن مدن وبلدات الغوطة كانت من السابقين في الوقوف بوجه حكم الأسد والمطالبة بحقوق الشعب المسلوبة من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
مدينة حرستا تعتبر نموذجاً لمدن الغوطة الثائرة، حيث تم اجتياحها عدة مرات من قبل عصابات الأسد منذ البدايات الأولى للثورة، فكان الاجتياح الأول والأوسع في شهر رمضان من عام 2011 ومن ثم تلاه اجتياح آخر في الشهر الأول من عام 2012 عدا المداهمات الشبه يومية والتي كانت تطال بيوت ومنازل المدنيين في أرجاء المدينة.
ومع بدء العمل المسلح للثورة السورية وظهور الجيش السوري الحر وما رافقه من ظروف، زادت الأوضاع صعوبة في حرستا زادها احتدام المواجهات في 20/10/2012 حيث اندلعت أول معركة شرسة وواسعة بين الجيش الحر ومليشيات الأسد واستمرت نحو شهر كامل ليسيطر في نهايتها نظام الأسد على منطقة العجمي والأبنية المحيطة بإدارة المركبات والأبنية المحيطة بفرع جوية حرستا ومبنى المحافظة ومبنى الري وهي تعتبر مبان استراتيجية حيث كانت تؤمن طرق إمداد للنظام بين هذه المناطق وبين العاصمة دمشق.
دمار كبير وسرقات
عدد المدنيين في حرستا كان يصل إلى 400 ألف نسمة قبل بدء المداهمات العشوائية وانتشار الحواجز في المدينة، ولكن مع حالات النزوح المستمر لأهالي المدن والبلدات المجاورة لمدينة حرستا وكذلك نزوح أهالي حمص وريفها إلى المدينة، زاد عدد سكانها من المقيمين والضيوف ليصل إلى 600 ألف نسمة.
إلا أن ممارسات النظام المعهودة من قصف يومي وتهجير ممنهج مع ما يرافق ذلك من ويلات الحصار المفروض على مناطق الغوطة واحتلال حرستا لأطول وأصعب جبهاتها، جميعها عوامل أدت إلى انخفاض عدد السكان إلى نحو 15 ألف نسمة.
"أبو أحمد" ناشط إعلامي من مدينة حرستا حدثنا عن الوضع العام في مدينته قائلاً: "الوضع الطبي والصحي لمدينة حرستا رديء جدا بسبب انعدام وجود الكفاءات الطبية فيها حيث لا يوجد فيها سوى طبيب واحد غير متخرج، والمواد الطبية صعبة المنال بسبب الحصار المفروض على الغوطة".
أما حول منطقة العجمي التي حررت أخيراً وأهميتها فيقول: "قبل احتلال منطقة العجمي من قبل عصابات الأسد في أواخر عام 2012 كانت العجمي تشكل ثلث حرستا سكانياً ومع احتلال حرستا في تلك الفترة هرب الأهالي لمناطق أكثر أمنا لتصبح مرتعا لشبيحة النظام. وبعد تحريرها من قبل فصائل ثوار مدينة حرستا متمثلة بـ "فجر الأمة" وبعض التشكيلات الأخرى فوجئنا بحركة "التعفيش" التي لا توصف والتي مورست من قبل عصابات الأسد فكانوا يسرقون كل شيء وكل بناء يقترب الثوار من تحريره أثناء المعركة كانوا يعمدون إلى إشعال الحرائق فيه أو تفجيره أو استهدافه بالطيران".
تحرير العجمي
لم يكن تحرير منطقة العجمي بالأمر السهل فقد استغرق من فصيل "فجر الأمة" عاما كاملا من العمل والتجهيز والتخطيط حسبما صرح لنا أحد القادة العسكريين وأحد المخططين للمعركة في فجر الأمة ويدعى "أبو ابراهيم"، ليتم إعلان منطقة العجمي محررة بالكامل منذ شهرين بعد احتلالها لثلاث سنوات متواصلة.
ويضيف "أبو ابراهيم" أنهم بعد محاولات عديدة لرسم خطة عسكرية محكمة لاقتحام منطقة العجمي بعد أن اصبحت قلعة حصينة لمليشيات الأسد مع ما تؤمنه من حماية كبيرة وخط إمداد عسكري لإدارة المركبات التي تقصف الغوطة الشرقية بشكل شبه يومي وتعتبر من أهم القطع العسكرية في الغوطة الشرقية لما تحتويه من دبابات وغيرها، تمكنّا من حفر عدد من الأنفاق للتسلل للخطوط الخلفية للشبيحة، إلا أن قوات النظام كانت تكتشف تلك الأنفاق أثناء عملية الحفر وتعمد إلى تفجيرها، ولكننا مع الإصرار والايمان بنصر الله، وعلى الرغم من ما قدمناه من شهداء لإتمام هذه العملية استطعنا اقتحام منطقة العجمي والسيطرة عليها وتحريرها بالكامل وتقدر بـأكثر من 100 بناء وتم تحرير مبنى ناحية حرستا ومخفر الشرطة والسيطرة على الطريق الرئيسي لحرستا الواصل بين إدارة المركبات ودوار المواصلات.
وعلى الرغم من الحالة المأساوية التي وصلت إليها مدينة حرستا، كما يصفها ناشطون، فإن سمة الصمود تبقى السمة العامة مع ما قدمته من شهداء مدنيين فاق عددهم الـ 1500 شهيدا.