أخبار الآن | سوريا – حلب (عمر عرب)
كان لتشكيل المجالس المحلية في المناطق المحررة ضرورة كبيرة لاسيما مع توقف المؤسسات المعنية عن عملها. فقد بات على أصحاب الشأن النظر في تكوين هيكلية جديدة تتابع شؤون المواطنين في هذه المناطق بشكل رسمي وقانوني ينظم حياتهم الجديدة بعد خروج تلك المناطق من سيطرة النظام.
وتعد تجربة المجالس المحلية في مدينة حلب المحررة نموذجا للمحاولة الجادة في تكوين بديل عن مؤسسات النظام رغم الصعوبات التي تواجهها.
هيكلية المجالس والصعوبات اليومية
المجالس المحلية هي أصغر وحدة إدارية، بحيث تتبع إلى مجلس المحافظة الذي يتبع بدوره لوزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة. يتكون المجلس من عدة مكاتب خدمية أهمها المكتب المالي ومكتب العلاقات العامة وبقية المكاتب الخدمية التعليمي والإغاثي والطبي.
تقوم المجالس المحلية بتأمين الخدمات اليومية للناس من كهرباء ومياه وخبز وتعليم وإغاثة سواء بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني أو عبر مشاريع تقوم بتنفيذها بنفسها.
وتعاني هذه المجالس من ضعف الخبرة في العمل، فأغلب أعضائها لم يمارسوا العمل الإداري الخدمي في السابق فمنهم المحامي والمهندس والمعلم أو بعض الأشخاص غير المختصين مثل أصحاب المهن الحرة.
القاضي "مصباح العبدة" رئيس مجلس حي سعد الأنصاري في مدينة حلب يتحدث لأخبار الآن عن الخدمات التي يؤدونها وأهم احتياجات المجلس فيقول: "في ظل غياب كل مظاهر الدولة كان لابد من وجود المجالس المحلية لتكون بديلا في تنفيذ الخدمات اليومية للمواطنين. يقوم المجلس بتغطية خدمات النظافة والمياه والكهرباء والتعليم حسب الإمكانيات المتاحة، ويتم اختيار أعضاء المجلس عن طريق فتح باب الترشيح لجميع الناس وتقديم ترشيحاتهم لمجلس المدينة ثم تتشكل هيئة عامة ينتخب منها أعضاء المجلس".
ويضيف الأستاذ مصباح بأن أغلب الناس يحجمون عن الترشح بسبب قلة الدعم وشح الموارد، فالمجلس يعتمد على الدعم الفردي وما يأتيه من عوائد بسيطة من المشاريع التي ينفذها، منوها إلى: "أننا نطمح بالعمل والمثابرة إلى الارتقاء بالعمل، وأهم احتياجاتنا هي دعم المشاريع الموجودة لدينا إلى جانب تأهيل الكوادر ليكون عملنا منظماً بشكل أكبر".
الجدير بالذكر بأن الحكومة المؤقتة في أفضل الأحوال تدعم مجلسي المحافظة والمدينة بالرواتب فقط بينما يعمل أغلب أعضاء مجالس القرى والبلدات والأحياء تطوعاً أو يتقاضون حوافز بسيطة لا تذكر.
"معهد شرق المتوسط" ومساهمته في تمكين المجالس
أمام هذه الحال الصعبة للمجالس المحلية أتى دور مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بمهامها في تدريب كوادر هذه المجالس ومنها "معهد شرق المتوسط للدراسات والتدريب" الذي استطاع تدريب وتأهيل عدد كبير من أعضاء المجالس وتزويد هذه المجالس بمواد عينية تساعدهم في أداء عملهم الإداري.
الدكتور "عبد الرحمن قدور" مدير المشاريع في المعهد يتحدث لأخبار الآن عن مشروع تمكين المجالس المحلية فيقول: "يتم رصد الاحتياجات التدريبية عن طريق استبيانات سنوية يقوم المعهد بتوزيعها على أعضاء المجالس المحلية في المحافظات الشمالية الأربع حلب وإدلب واللاذقية وحماة، وبعد جمع أكثر من ألف استبيان وتحليلها وتقييم الاحتياج يقوم المعهد بوضع خطة للدورات التي سيقيمها".
ويضيف الدكتور عبد الرحمن: "خلال تجربتنا المستمرة لأكثر من سنة ونصف مع المجالس المحلية أقمنا عدة دورات في العلاقات العامة والإدارة المالية والإدارة المدنية والإدارة التنفيذية ودورة في إعداد المشاريع وكان عدد المجالس التي حضرت 45 مجلسا السنة الماضية و35 مجلسا في السنة الحالية حتى الآن".
وينهي كلامه بأن الخطة مستمرة وتهدف إلى تحويل عمل المجالس إلى عمل مؤسساتي فعال والوصول بالمجالس إلى هيئات للحكم المحلي المدني في المناطق التي تعمل بها.
تطور عمل المجالس
الأستاذ "محمد سندة" مدير المكتب المالي في مجلس مدينة حلب يصف لأخبار الآن دورة الإدارة المالية التي حضرها مع شرق المتوسط بالمفيدة كثيرا كونها ركزت على أساسيات الإدارة المالية في الوقت الذي تم إهمال هذا الموضوع من المنظمات التي تعمل في التدريب: "ونحن بحاجة ماسة لمثل هذه الدورات لأنها تطور العمل الإداري وكون الذين يعملون في الإدارات المالية في المجالس معظمهم من غير المختصين ونتمنى أن تكون هذه الدورة ضمن سلسلة دورات بمستويات مختلفة لكي تتحقق الفائدة بشكل أكبر للجميع".
وقد بدأت المجالس المحلية بالفعل تكسب ثقة الناس من خلال عملها اليومي واحتكاكها المباشر مع هموم المواطن.
المدرس "محمد" أحد سكان حي الأنصاري الشرقي يبدي رضاه عن عمل مجالس الأحياء فيقول لأخبار الآن أن المجالس تعمل في ظروف حرب قاسية وهي بالمجمل جيدة في خدماتها وعملها، ويختم بأنها تحتاج إلى تنظيم عملها بشكل أكبر والانتهاء من المحسوبيات كون شعبنا قد تعود على العشوائية والمحسوبيات.
لا ريب في أن المجالس المحلية أصبحت تشكل نواة سوريا المستقبل، لذلك يتوجب على الجميع السعي لإنجاح هذه التجربة الجديدة كي تستمر بحيث يحصل المواطن السوري على حقوقه وتعود له كرامته التي كانت مفقودة أيام نظام الأسد.