أخبار الآن | القلمون – سوريا – (أبو محمد اليبرودي)

يجلس "أبو أحمد" صباح كل يوم في إحدى زاويا مخيمه في عرسال منصتا إلى أصوات الاشتباكات القادمة من الجرود القريبة، علّه يستطيع تفسير رموز أصدائها المرتدة بين ثنايا مخيمهم وذلك بتكرار توجيه نفس السؤال لكل شخص يمر من أمامه: "نضّب شناتي الرجعة  ولا عتركيا؟".

أزمة اللاجئين في عرسال

حال اللاجئ أبو أحمد كحال معظم زملائه في مخيمات اللجوء، معلقة بنتائج المعركة الحاصلة في جرودهم بين ثوار القلمون وحزب الله الذي أعلن مؤخرا أنه سيدخل معركة مصيرية مع من سماهم "متطرفين" في الجرود. فإما عودة لمنازلهم عبر الطريق الأقصر إليها من جرود القلمون أو التحضير للجوء الأكبر إلى خارج عرسال ولبنان التي لن تعود آمنة بالنسبة لهم بعد الآن.

ويرى نشطاء أن أزمة اللاجئين في عرسال تفاقمت بعد سماح الحكومة اللبنانية لحزب الله بدخول جرود عرسال وخاصة بالنسبة للاجئين الذين تقع مخيماتهم خارج حواجز الجيش اللبناني باتجاه الجرود، إذ باتوا تحت مرمى نيران عدوهم الذي كان سببا بتهجيرهم بالأصل من منازلهم في القلمون.

مخاوف ومخاطر

وعن هذا يقول الناشط الإغاثي "أبو عبيدة" أن عرسال باتت تؤوي مؤخرا أكثر من مائة ألف لاجئ من أبناء القلمون والقصير الذين هجروا من مدنهم بعد دخول حزب الله إليها في السنوات الفائتة. وقد فقد كثير منهم أوراقه الثبوتية أثناء الحرب في سوريا لذلك يلجؤون للإقامة في المخيمات الواقعة في الجرود هربا من عناصر الأمن اللبناني؛ الذين باتوا يضايقونهم مؤخرا داخل حدود عرسال أو حتى في الداخل اللبناني.

لكن وصول حزب الله إلى محيط عرسال بعد سماح الجيش اللبناني بذلك أدخلهم في دائرة خطر قد تحكم الإطباق عليهم في أية لحظة ولاسيما أن سيناريوهات قتل اللاجئين السوريين بنيران حزب الله اللبناني تحت غطاء الجيش اللبناني تكررت كثيرا في العام الفائت وخاصة بعد تطور قضية الأسرى المخطوفين للجيش اللبناني في عرسال وتحمل اللاجئين تبعات القضية.

ويضيف أبو عبيدة أن تطويق عرسال من قبل عناصر حزب الله اللبناني يضيق الخناق عليهم ويجبرهم على خيارات صعبة كانوا يحاولون طيلة الفترة السابقة الهروب منها، فإما المخاطرة بدخول عرسال وانتظار حصولهم على أوراق تثبت هويتهم مع بقاء خطر التعرض للاعتقال من الأمن والجيش اللبناني ودخولهم السجن على إثر ذلك، أو استمرار بقائهم خارج حدود عرسال في الجرود منتظرين نتائج المعركة الحاصلة علّها تتكلل بنصر للثوار، وهو ما يضعهم عرضة للاستهداف المباشر من كل الأطراف.

هذا ويرى محللون أن محاولات سيطرة حزب الله على جرود القلمون ستزيد من تعقيد قضية اللاجئين السوريين في لبنان وستطيل من فترة بقائهم فيها وستزيد من تحميلها أعباء إضافية غير التي حملتها في الأعوام السابقة.

بين أمل العودة ولجوء جديد

وفي نفس السياق يؤكد "أبو الجود" الناطق باسم الهيئة الثورية العامة في يبرود لأخبار الآن أن تبعات الحرب الجارية في الجرود لن تنتهي بانتصار أحد الأطراف المتنازعة، بل إنها ستنعكس بشكل مباشر على أحوال اللاجئين الذين ترعاهم هيئتهم في عرسال، فهم يعولون بشكل أساسي على صمود الثوار هناك.

فانتصار الثوار في معركة الجرود يعني امتلاكهم لزمام الأمور واستكمال المعارك باتجاه مدن القلمون لتحريرها، وهذا يعني بالمحصلة بدء رحلة العودة للاجئين من لبنان باتجاه الداخل السوري.

أما  استمرار تقدم  حزب الله المدعوم من ايران في جرود القلمون، فهو يعني البدء بالتحضير للجوء جديد خارج الأراضي اللبنانية التي لن تعود آمنة بعد ذلك، والوجهة الأكثر مقصدا ستكون تركيا الأكثر أمانا واستقرارا، ومن ثم التوجه إلى الشمال السوري، ولكن ذلك لا يمكن حدوثه دون الحصول على وثيقة جواز السفر التي ليس من السهل الحصول عليها أيضا.

ويؤكد اليبرودي على ضرورة التحرك عربيا ودوليا للعمل على إيقاف مخطط لحزب الله قد يكون من شأنه إيقاع أهل القصير والقلمون في تغريبة سورية جديدة.

معارك جرود القلمون تعلق مصير اللاجئين بالعودة أو بلجوء جديد