أخبار الآن | القلمون – سوريا – (أبو محمد اليبرودي)
يمتلك القلمون الشرقي موقعا استراتيجيا على الخارطة السورية بسبب احتوائه على شبكة طرق هامّة والتي تصل درعا جنوبا بالبادية السورية ومناطق الشمال السوري، إضافة لانفتاحها على البادية السورية باتجاه الأردن، حيث تعتبر هذه المناطق مقسمة النفوذ بين عدة جهات ما جعله محط صراع مستمر بين النظام وفصائل الجيش الحر وداعش.
السيطرة على الطرق وداعش بالمرصاد
يبدو أن الأولوية الأولى للجهات المتصارعة في القلمون الشرقي لم تعد للسيطرة على مدنه كما في سائر أرجاء سوريا، وإنما باتت السيطرة على أكبر قدر من هذه الطرقات الإستراتيجية وقطع الإمداد عن باقي الجهات المتصارعة هي الهدف الأساسي للجهات المتنازعة هناك وأكثر جدوى من دخول المدن والاستنزاف في الدفاع عنها.
إذ يعتبر طريق دمشق- بغداد أحد أهم الطرقات الرئيسية في المنطقة وخاصة بالنسبة للنظام، إضافة لمعبر العتيبة وبئر القصب؛ الذي يعتبر البوابة الرئيسية للغوطة الشرقية والذي لم يفرط به النظام للحظة منذ بدء حصاره للغوطة. وتعد هذه الطرقات وغيرها نقاط وصل بين مساحات السيطرة الخاضعة لسيطرة هذا الفصيل أو ذاك وفقدانها يعني خسارة إستراتيجية له.
ولا ينحصر الصراع في المنطقة بين النظام وفصائل الثوار إنما يرى داعش فيها بوابة دخوله لدمشق. وفي هذا السياق يتحدث "مروان القاضي" إعلامي جيش الإسلام أن داعش حاول منذ أشهر السيطرة على منطقة بئر القصف لكن تكتل كتائب المنطقة في وجهه آنذاك حالت دون ذلك. إلا أن داعش استقدم مؤخرا تعزيزات له واتجه للسيطرة على منطقة جبل دكوة الإستراتيجية ونجح بذلك بمساعدة بعض بدو المنطقة في القلمون الشرقي.
يأتي إصرار داعش على السيطرة على تلك المنطقة كونها الطريق الأساسي للكتائب من درعا باتجاه القلمون الشرقي إضافة لأنها بوابة كتائب المنطقة للوصول إلى الأردن، حيث تستخدم كتائب الحر هذا الطريق لإرسال مقاتليها للتدريب هناك إضافة لإيصال الجرحى وجلب المساعدات اللوجستية من هناك.
داعش والنظام والجيش الحر .. ترقب مستمر
يشير "القاضي" أن هجوم داعش على منطقة دكوة كان بالتزامن مع انطلاق معركة "بداية النهاية" وهدفها فك الحصار عن الغوطة الشرقية من قبل تحالف من كتائب من درعا والقلمون الشرقي والغوطة الشرقية، وكان مخططا للعملية أنها ستكون مشتركة من ثلاث محاور وأهمها محور جبل دكوة المطل مباشرة على الغوطة الشرقية، إلا أن داعش باغت أولى الكتائب الواصلة إلى هناك وضرب من كان فيها من مقاتلين مما جعل تحالف الثوار يحولون تركيزهم الأساسي إلى طرد داعش وإعادة السيطرة على المنطقة من جديد.
ورغم ذلك، فإن ارتفاع حدة المواجهات مع داعش لم تكن سببا لانشغال الثوار عن جبهات النظام، على الرغم من الجهد المضاعف في سبيل ذلك، وخاصة في قطع طريق دمشق- بغداد الاستراتيجي مرارا والضغط على النظام لتحقيق عدة مطالب لهم في كل مرة.
يقول "نورس الرنكوسي" الناطق باسم جيش تحرير الشام أن أولى أهداف تشكيلهم كانت قطع طريق دمشق- بغداد الهام بالنسبة للنظام السوري والذي لم يتأخر إعلان السيطرة عليه من قبلهم، حيث يعتبر طريقا للميليشيات الشيعية العراقية باتجاه دمشق إضافة لأنه طريق إمداد للنظام والقطع العسكرية المتوزعة في البادية السورية وفقدانه يعتبر تضييقا للطوق الهادف لحصار النظام في دمشق.
ويضيف الرنكوسي أن ثوار جيش تحرير الشام لم يكتفوا بقطع الطريق بل أيضا تبعه ضرب عدة نقاط عسكرية والسيطرة عليها منعا من محاولة النظام إعادة السيطرة على الطريق إضافة لأنهم يسعون لفتح معارك أكبر في القلمون الشرقي لتخفيف الضغط على ثوار القلمون الغربي المحاصرين في الجرود.
إن سياسة خنق النظام بقطع طرق إمداده ناجحة بشكل كبير وأكثر جدوى من السيطرة على المدن، فقد كان عدد الجرحى والشهداء ضئيلا جدا مقارنة مع خسائر النظام الكبيرة البشرية والمادية بعد ضرب النقاط العسكرية المكلفة بحماية الطريق.