أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هاديا المنصور)
لم تعد إلهام 31 عاما، تفكر بالسلة الغذائية التي يمنحها لها المجلس المحلي بشكل متقطع وغير ثابت، فقد أصبح باستطاعتها إعالة أطفالها الأربعة بعد أن تم توظيفها بإحدى مراكز المرأة في "كفرنبل" من قبل اتحاد المكاتب الثورية Union of Revolutionary Bureaus "URB".
إلهام هي واحدة من كثيرات اعتقلت أزواجهن من قبل النظام الأسدي، وراحت تعارك الحياة وسط ظروف صعبة وأوضاع معيشية مزرية نتيجة الحرب الدائرة وارتفاع الأسعار الجنوني.
تقول إلهام: "لم أكن أعرف إلى متى يمكن أن أتحمل كل هذه الهموم، فقد اعتقل زوجي منذ سنتين، ولدي أطفال بحاجة لكل شيء من طعام ولباس ودواء وغيره وأنا لا أملك أي مردود يساعدني على ذلك".
لجأت إلهام لتسجيل حالتها في الجمعيات الخيرية والمجلس المحلي، ولكن ما يصلها من هذه الجمعيات لم يكن يكفيها مع أطفالها على حد تعبيرها، إلى أن سمعت عن منظمة اتحاد المكاتب الثورية التي فتحت مجالا لتوظيف من هم بحاجة للوظيفة ضمن مراكزها ومشاريعها، وفعلا قصدت إلهام المنظمة وقامت بتسجيل اسمها هناك.
"فوجئت بسرعة استدعائي وتوظيفي في إحدى المراكز النسائية في كفرنبل" تقول إلهام وتضيف "لقد كانت فرحتي كبيرة، صحيح أنني أعمل كمستخدمة هناك ولكن عملي بسيط والموظفات في غاية اللطف معي، عدا عن ذلك فقد أصبحت أتقاضى راتبا أغناني مع أولادي عن الحاجة والسؤال".
اتحاد المكاتب الثورية .. الهيكلية والمشاريع
منظمة اتحاد المكاتب الثورية "URB" هي إحدى منظمات المجتمع المدني، مقرها مدينة كفرنبل وهي المنظمة الداعمة الوحيدة في الداخل السوري المحرر، تأسست في 1/12/2012، بعد اجتماع مجموعة من الناشطين العاملين في عدة مكاتب كانت تعمل في تنظيم شؤون مدينة كفرنبل في ظل الثورة السورية بسبب غياب الدولة ومؤسساتها، وعن أقسام هذه المنظمة وفعالياتها يتحدث مديرها الإداري "معن كليدو" 40 عاما، لأخبار الآن: "تتألف المنظمة من عدة مكاتب وهي المكتب الإداري، الإعلامي، المالي، الإغاثي، ومكتب الإحصاء، تعمل هذه المكاتب مجتمعة على القيام بمجموعة من النشاطات والمشاريع التي ترفع مستوى الوعي لدى الأفراد وتقدم لهم المساعدة".
ومن هذه النشاطات، بحسب الكليدو، تخريج دفعة من المتدربين في مجال الإدارة والتوثيق للشباب والشابات في 31 أغسطس 2015، وذلك لتأهيل كادر قادر على مراقبة أي مشروع تطلقه المنظمة في المنطقة. ويؤكد الكليدو قيام المنظمة بالعديد من المشاريع التنموية، وإنشاء عدد كبير من المراكز ضمن منطقة جبل الزاوية وريف إدلب عموما، ومن هذه المشاريع على سبيل المثال أكثر من عشرة مراكز خاصة بتدريب وتعليم وتأهيل المرأة منتشرة في مناطق وقرى عديدة ومنها كفرنبل، جبالا، احسم، معرة النعمان ومعرة حرمة. أيضا هناك أكثر من ثمانية مراكز خاصة بالطفل من حيث تعليمه وترفيهه وتقديم الدعم النفسي له، ومن هذه المراكز"مركز ألوان، شخابيط، سنافر، براعم المستقبل" وغيرها، إضافة لافتتاح مركزا خاصا بالأطفال الذين يواجهون صعوبات بالنطق ناتجة عن ظروف الحرب وهذا المركز يدعى فصيح وموجود في كفرنبل.
ويتحدث مدير مركز فصيح "علاء العبدالله" 34 عاما، إجازة في الأدب العربي وماجستير في الإنسانيات الحديثة قسم الصوتيات: "لوحظ وجود حالات متعددة في قرى ريف إدلب الجنوبي لأطفال يعانون مشكلات نفسية ناتجة عن الأوضاع الراهنة، هذه المشكلات تتمثل بصعوبة النطق عند الأطفال، أمراض توحد، عدم الاختلاط مع الآخرين، خجل زائد، تقصير دراسي وغيره:.
ويوضح العبدلله بأنه مع مجموعة من الأخصائيين اقترحوا مشروع المركز الخاص بهؤلاء الأطفال على المنظمة التي رحبت بالفكرة ودعمتها.
مشاريع خدمية وطبية
وفي إطار اهتمام المنظمة بالمشاريع الطبية والخدمية، فقد ساهمت بدعم مجمع بنك الدم في كفرنبل، كما قامت بتنفيذ مشروع مياه ضخم بدأ في حزيران من عام 2014 هدفه تأمين ثلث حاجة مدينة كفرنبل وبسقلا وجدار من مياه الشرب، وذلك بالتعاون مع المجلس المحلي في كفرنبل ومشاركة من إحدى المنظمات الخارجية وهي منظمة "دي سي" المجلس الديمقراطي في كاليفورنيا، حيث بلغت تكلفة المشروع /615/ دولارا أمريكيا، وبذلك عادت المياه إلى المدينة بشكل تدريجي بعد انقطاعها مدة أربعة أعوام عن القرى المحررة في ريف إدلب نتيجة الحرب التي أثرت سلبا على القطاع الخدمي من ماء وصحة وكهرباء.
"صحيح أن المياه التي عادت إلى المنازل لا تكفي ولا تغني عن شراء صهاريج المياه، ولكنها وفرت على الأهالي وخاصة الفقراء شراء صهاريج إضافية، فبدلا من أن يحتاج المنزل إلى صهريجين مياه في الشهر، أصبح بحاجة لصهريج واحد فقط" تقول "أم محمد" 45 عاما، من قرية بسقلا مشيرة إلى سعر الصهريج المرتفع الذي قد يصل إلى /3500/ ليرة سورية.
مشاريع إغاثية وإعلامية ورياضية
أما عن المشاريع الإغاثية فقد كان للمنظمة حضورا أيضا في هذا المجال، حيث تم توزيع مواد مختلفة في مناطق متعددة من ريف إدلب ومنها بابولين، خان شيخون وغيرها. وكذلك اشتركت المنظمة مع منظمة "ساهم" بتوزيع الخيام على اللاجئين في حارم وعلى الحدود التركية وفي منطقة جرجناز، وذلك حسب ما أكده معدّ الدراسات في المنظمة "فضل العكل" 31 عاما، وأضاف متحدثا عن آلية العمل في المنظمة: "يضم مكتب الإدارة في المنظمة خمسة أعضاء، يقرون المشاريع وفق الأهمية والإمكانيات" ويلفت العكل إلى أهمية المكتب الإعلامي في المنظمة ويضم "راديو فرش، وموقع فرش نت، ومجلة المنطرة المحلية"، هذه الوسائل الإعلامية تغطي منطقة شمال سوريا إعلاميا وصولا لمدينة حماه وريفها، عدا عن وجود منسقين للمظاهرات وللوحات المظاهرات التي تشتهر فيها كفرنبل.
أربعمائة وخمسون موظف هم ضمن برنامج المكاتب وموزعين بين مبنى المنظمة ومراكزها، أما التكلفة الشهرية للمنظمة فهي بحدود 50 ألف دولار أمريكي بحسب العكل.
"عبد الوارث بكور" 38 عاما، أحد أعضاء الإدارة يقول: "أنشأت المنظمة مؤخرا مكتب لتوظيف الشباب والشابات حسب الشواغر والإمكانيات، المنظمة أيضا بصدد إنشاء مدارس تعليمية للمرحلة الابتدائية". وقد تم توظيف أكثر من 25 متقدما خلال شهر ونصف.
"أحمد الأحمد" 35 عاما، أستاذ مادة الرياضيات يقول: "تم فصلي من وظيفتي لدى النظام لامتناعي عن الذهاب إلى حماة خوفا من الاعتقال على الحواجز الأمنية، ولكني وجدت بديلا أكثر أمانا في إحدى مراكز الأطفال التابعة للمنظمة" وبموجبها عاد لمهنته التدريس التي يحبها وبراتب أفضل من راتبه سابقا.
وللمنظمة اهتمام بالمجال الرياضي وذلك بإنشاء ملعبا لكرة القدم وذلك لإحياء الدوري المحلي من جديد ورغم كل الظروف.