أخبار الآن | السويداء – سوريا (عبيدة النبواني)
نفذ داعش في الأيام الماضية، حملة مداهمات في منطقة "بير قصب" شمال شرقي السويداء، حيث قام باعتقال الشبان الذين تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة ودون الأربعين، بهدف تجنيدهم للقتال في صفوفه، حيث يتم أخذ الشبان إلى منطقة "الصريخي" التي يتمركز فيها، ويخضعون لدورة مدتها خمسة عشر يوما ثم يتم فرزهم بعدها.
السويداء بين داعش والنظام
منطقة بير القصب وبغض النظر عن تبعيتها لريف دمشق أو السويداء إلا أن تواجد داعش في هذه المنطقة قبل نحو عام، أثار موجة إعلامية تبناها إعلام النظام أيضا، محذرا أهالي السويداء ذات الغالبية الدرزية من الخطر القادم إليهم إذا فكروا الخروج من تحت عباءة الأسد، وهو ما قالته المستشارة الإعلامية في نظام الأسد "لونا الشبل" لشيوخ من السويداء بشكل صريح في ذلك الوقت.
يشير أبناء المنطقة بأن تهديدات "الشبل" تلك، ما هي إلا دليل إضافي يثبت أن داعش في تلك المنطقة ما هي إلا سرية من السرايا التابعة للنظام، ويظهر ذلك بشكل أوضح في التعاملات التجارية بين الطرفين، حيث يشتري سماسرة النظام النفط من داعش كما يقومون بتهريب أسلحة إليهم هناك، حيث أظهر مقطع مصور نشر على مواقع التواصل الاجتماعي منذ مدة، انقلاب حافلة تحمل أسلحة مخبأة تحت صناديق الخضروات ويقودها عنصر من الأمن العسكري، كانت تتجه إلى مناطق سيطرة داعش.
تنسيق النظام مع داعش .. السيناريو المفضوح
منطقة ريف السويداء الشمالي الغربي وما يجاورها من ريف دمشق، هي مناطق صحراوية خالية من القرى تقريبا، وتقطنها بعض العشائر، وهم الذين طالتهم الاعتقالات في الأيام الماضية، كما طالتهم اتهامات النظام سابقا بمبايعة داعش، محاولا إثارة مزيد من التوتر بين البدو وأهالي السويداء، ومستغلا التاريخ الذي شهد عدة نزاعات بين هذين المكوّنين والتي كان أبرزها تلك المشاكل التي دارت عام 2000، وراح ضحيتها عدد من الأهالي والبدو، معظمهم برصاص قوات النظام.
أحد أبناء مدينة شهبا شمال السويداء ويدعى "أبو سلمان" يقول: "حاول النظام استغلال خلاف الدروز مع البدو الذين يقيمون في المنطقة منذ سكنها آهلوها، إضافة إلى وجود داعش في منطقة قريبة ليضمن اجتذاب أهالي السويداء إلى جانبه، كما يفعل مع كافة السوريين عبر فرض نفسه على أنه البديل الوحيد، مجبرا الناس على الاختيار بين سطوة التنظيم الإرهابي المتطرف، وسطوة النظام العسكري القمعي المتطرف أيضاً، وهو نفس ما حاول تصديره للمجتمع الدولي، على أنه الحاجز الوحيد أمام انتشار شبح داعش وتمددها في المنطقة، ليخيِّر الناس بين شرّين ثالثهما الثورة التي يتناساها كثيرون".
حرب النظام النفسية هذه ليست جديدة على أبناء السويداء، الذين خَبِروا ذلك جيدا عندما تركتهم قوات النظام يواجهون جبهة النصرة وحدهم في قرية "بداما" بالريف الغربي، إضافة إلى حوادث كثيرة تصدى لها أهالي القرى القريبة من الريف الشرقي أثناء هجمات قيل إن داعش هي من نفذتها، إلا أن أحد الأهالي يقول إن الجميع يعرف أن تلك الهجمات ما هي إلا لعصابات تابعة للنظام، مشيرا إلى قذائف الهاون التي كانت تسقط أحيانا وسَط المدينة والتي يدعي النظام أن داعش هو من نفذها، علما أن أقرب منطقة يمكن أن يتواجد فيها داعش تبعد عن مكان القصف نحو ثلاثين كيلومترا، أي نحو عشرة أضعاف مدى قذيفة الهاون.
إذن فأبناء السويداء يؤكدون أن الخطر الأول على مدينتهم ووجودِهم هو نظام الأسد الذي ما فتئ يخلق كيانات متطرفة في المِنطقة ذات الغالبية الدرزية، مستغلا بعض أتباعه ومؤيديه الذين يؤججون هذا الخوف ويسوقون للأسد على أنه القوة التي ستحمي محافظتهم من التطرف والإرهاب، مفتعلا أحداثاً ينسبها إلى البدو أو داعش أو أبناء درعا، بل وأحيانا للنازحين من محافظات أخرى، ليضمن بالخوف بقاءه مهيمنا.