أخبار الآن | درعا – سوريا (سارة الحوراني)
ما يزال أهالي مدينة درعا يعيشون صدمة المجزرة المروعة، التي ارتكبها الطيران الروسي عندما استهدفت الطائرة الحربية منزلاً في حي طريق السد بمدينة درعا، بصاروخ فراغي أسفر عن استشهاد عشرة أشخاص من عائلة "الطعاني" بدءا من الجد وانتهاءً بالأحفاد.
السبت الدامي في درعا
بعد عصر يوم السبت الواقع في 21 من الشهر الجاري كانت طائرة حربية تحلّق في سماء مدينة درعا قد استهدفت بغارتين جويتين متتاليتين حي طريق السد، حيث تصاعدت أعمدة الدخان والغبار الممزوج بالبارود، فيما كان الأهالي يراقبون الطائرة التي كانت تستعرض قوتها ذهابا وإيابا، وعند الغارة الثالثة التي استهدفت الحي ذاته تغير لون الغبار إلى الأبيض، مشيراً إلى أن الهدف هذه المرة أحد المنازل في الحي، لتنطلق سيارات الإسعاف والدفاع المدني السوري متوجهة إلى مكان الضربة، حيث تواردت الأخبار عن سقوط شهداء وجرحى ما يزالون تحت الأنقاض مع استمرار الطيران بالقصف على مدينة درعا.
لحظات قليلة حتى بدأت معالم الجريمة تتضح عشرة شهداء من عائلة حسين الطعاني "أبو ميرزو".
"طلب من أفراد عائلته التجمع في الغرفة وسط المنزل معتقداً بأنها الأكثر حماية لوجود غرف أخرى تحيط بها من الجهات الأربعة، لكن الصاروخ الموجه الذي أطلقته طائرة الميغ أصاب مباشرة مكان تواجدهم، ليرتقي على إثر ذلك عشرة شهداء من بينهم حسين الطعاني الجد أما البقية فمن النساء والأطفال"، وفقاً لـ أحمد الطعاني أحد أقارب العائلة متحدثاً لمراسلة أخبار الآن في درعا.
وأضاف: "من بين الشهداء الجدة وابنتها الحامل مع طفلها البالغ من العمر عامين وابنتيها ذوات الأعمار 16 و12 وزوجة ولدها والدة الطفلة الشهيدة ليمار البالغة من العمر ست سنوات، وشقيقتيها ريماس وتبارك ذات السبعة أشهر، فيما نجا طفلان بأعجوبة وأصيب الطفل أحمد برأسه وفقد عينه وما يزال في العناية المركزة بمستشفى في الأدرن".
وذكر الطعاني بأن "الجد حسين الطعاني البالغ من العمر 53 عاماً كان موظفاً في شركة المياه بدرعا، ورفض منذ بداية الأحداث ترك منزله إلى النزوح داخل الوطن أو اللجوء خارجه، حيث اشتهر بمقولته "ما بطلع من بيتي إلا على جثتي"، أما الطفلة ليمار والتي انتشرت صورها على شبكات التواصل الاجتماعي وأطلقت حملة "روسيا تقتل أطفالنا" بأكثر من 15 عشر لغة حملت صورها واسمها، فقد كانت تخبر والدتها بأنه ستصبح طبيبة في المستقبل لمعالجة عمها محمد والجرحى من أبناء شعبها الذين أصيبوا في المعارك ضد قوات الأسد أو بالقصف".
رحيل الجار الطيب صاحب المهمات الصعبة
"أبو قاسم" صديق الشهيد حسين الطعاني كان قبل استشهاده معه، يعملان على إيصال أسلاك الكهرباء في حي طريق السد، والتي قُطعت نتيجة لاستهداف الحي بالطيران الحربي قبل يومين، حيث ارتقت على إثرها سيدة وجرح آخرين فيما دمر منزلهم بالكامل، يقول لأخبار الآن: "عندما اُستهدف الحي بالغارة الأولى ومع استمرار الطائرة بالتحليق في الجو أدركنا بأنها ستستهدف المكان مرة أخرى، تركنا عملنا وتوجهنا إلى منازلنا المجاورة لبعضها وعند وصولنا إلى منزل الشهيد طلب مني الدخول والاحتماء في منزلهم، لكنني رفضت وأخبرته بأنني سأذهب للاطمئنان على أسرتي وما أن وصلت إلى منزلي حتى حدث انفجار هائل وتطايرت الشظايا والحجارة".
ويضيف أبو قاسم: "لا يمكن وصف المشهد لهوله، لقد دمر منزل صديقي من الجهة الغربية بشكل رهيب، وعندما وصلنا إلى المنزل كان الردم والأنقاض في كل مكان، وبدأ الأهالي وعناصر الدفاع المدني بالبحث عن العائلة، والتي تم إخراجهم بصعوبة بالغة ومشاهد مروعة لا يمكن وصفها، أطفال كالأزهار غطت الدماء أجسادهم وتناثرت أشلائهم، عرفنا الشهيد وأسرته منذ سنوات ومع انطلاق الثورة السورية كان الثائر المجهول، لم يبخل على أحد بالمساعدة بل كان يتوجه إلى منازل الجيران ويطمئن عن أحوالهم ويعمل على تلبية احتياجاتهم من خبز ودواء وإصلاح الكهرباء والماء، لقد فقدنا في هذه المجزرة رجل المهمات الصعبة" أبو ميرزو".
يذكر أن 2977 مدنياً استشهدوا بعد 53 يوماً من التدخل الروسي في سوريا، من بينهم 550 شهيداً نتيجة الضربات الروسية، حيث بلغ عدد الغارات الجوية للطيران الروسي في سوريا 2943 غارة، تم استهداف ثلاث مدارس و14 مشفى ميدانيا ومعملا للأدوية وآخر للصناعات الغذائية في سوريا وفقاً لـ "خالد خوجة" رئيس الائتلاف الوطني السوري.