أخبار الآن | الرقة – سوريا (نجم الدين النجم)
أطلقت مجموعة من الناشطين الشباب في محافظة الرقة على مواقع التواصل الاجتماعي حملة غاضبة بدأوها بهاشتاغ "#دمنا_ليس_رخيصاً"، سعياً منهم للفت أنظار العالم إلى الدمار والمجازر المؤلمة، التي يرتكبها الطيران الروسي وطيران النظام والتحالف الدولي، في مدينة الرقة بشكل مستمر منذ أكثر من شهر دون أية ردة فعل حتى الآن .
حملة رقاوية غاضبة
يقول الناشط "محمود الخطيب"، أحد منظّمي الحملة: "اتفقنا على نشر هذه الحملة بكثافة لنقول للجميع أن بيوتنا ليست مقرات لداعش وأننا لسنا إرهابيين، نحن بشر مدنيون. وجرى التنسيق مع الناشطين المقيمين في أوروبا لتنظيم اعتصامات ووقفات احتجاجية على هذه العشوائية في محاربة داعش".
الطائرات الروسية شنت هجوماً واسعاً وارتكبت مجزرة جديدة ليلة البارحة استُخدم فيها القنابل الفسفورية المحرمة دولياً، وكانت حصيلتها الأولية ثمانية شهداء بينهم خمسة أطفال والكثير من الجرحى، في مناطق عدة من المدينة كمسلسل يومي لم يعتد الناس على فظاعته من قبل.
والجدير بالذكر أن أهالي الرقة يعيشون في أوضاع مأساوية في ظل الحصار الخانق الذي يفرضه داعش على المدنيين بممارساته التي بات يعرفها القاصي والداني، والتي انتهت بمنع الأهالي الخروج من المدينة تحت أي مبرر لاستخدامهم كدروع بشرية يتحصّنون بها من الضربات الجوية. ورغم ذلك فالمدينة تعاني من اختلال ديموغرافي واضح برحيل الأغلبية الساحقة من الشباب وأعداد هائلة من العائلات إلى الدول المجاورة أو أوروبا ليحل مكانهم عناصر داعش وعائلاتهم مستحلين بيوت الناس وأرزاقهم بحجة أن من يخرج لبلاد الكفر هو مرتد وماله حلال!.
ويضيف محمود: "نحن نشعر بالخذلان من الجميع، فلا أحد يهتم بما يحصل لأهلنا من قتل وظلم وتشريد. لقد وقعنا بين فكي الكماشة؛ داعش وممارساتها الوحشية من جهة وظلم العالم ولامبالاته بنا بجريرة إرهاب داعش من جهة أُخرى، حتى المؤسسات والمنظمات المحسوبة على المعارضة لم تصدر أي بيان ولا حتى إدانة بسيطة لما يحصل في الرقة وكأننا لسنا آدميون فجميعهم يعتبرنا دواعش!".
القصف المستمر .. الأهالي الشهداء
"م. ب" وهو أحد الناشطين داخل الرقة يقول: "كل يوم ننتظر مجيء الطائرات كأننا ننتظر مشاهدة فيلم أكشن! وما أن يبدأ صوت هديرها حتى تجد الناس كلهم يهرولون إلى منازلهم وترى الأمهات يدخلن أولادهن إلى البيت في محاولات يائسة لحمايتهم.
يقوم أهالي الرقة بتصنيف الأهالي جنسية الطائرات حسب درجة الضرر الذي تخلفه ورائها، فإذا كانت الأهداف مدنية فإنها بلا شك طائرات الروس والنظام، بينما إذا كانت المقاتلات تستهدف المقرات ومراكز التدريب والسيارات فإنها غالباً تكون أمريكية أو فرنسية.
وقد شكل منع المدنيين من الخروج والنجاة بأنفسهم، حالة من الغضب والاحتقان داخل المدينة خصوصاً بعد اعتقال العديد من الشبان وأرباب العائلات عند محاولتهم الفرار من هذا السجن الكبير. وبالمقابل هناك أنباء عن اختفاء بعض عناصر داعش داخل المدينة يُعتقد أنهم اختطفوا من قبل الأهالي مما زاد من نقمة الدواعش على كل من لا ينتمي لهم.
"عزوز الحمزة" وهو أحد الناشطين في حملة الرقة تذبح بصمت، والتي حصلت منذ يومين على جائزة حرية الصحافة العالمية، يقول: "لقد عملنا طيلة أشهر طويلة لإيصال كلمة الحق وتوضيح الصورة عما يجري في الرقة، لقد قلت لجموع الصحفيين الحاضرين في كلمتي بعد استلام الجائزة أننا نحن المدنيون البسطاء لا نريد الجوائز بل نريد مساعدتكم لنا بشكل فعلي لنتخلص من هذا السرطان الذي يلتهم وطننا المتمثل بنظام بشار الأسد المجرم ووحوش العصر داعش بطريقة أُخرى أكثر دقة وأكثر أمناً للمدنيين".
قصف المنازل والشوارع ووقوع هذا الكم الهائل من الضحايا مؤخراً زاد من شعور الرقيين بمظلومية مدينتهم المهمشة منذ عصر حكم الأسد الأب مروراً بالابن وصولاً إلى احتلال داعش ووأدها لما تبقى من وداعة هذه المدينة .