أخبار الآن | عمان – الأردن (ريم الحمصي)
لا تزال تحديات اللجوء تواجه السوريين أين وجد نفسه، ولاسيما النساء منهم. فبحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فإن % 85 من اللاجئين السورين هم من النساء وأطفال.
صعوبات كبيرة وكثيرة تواجه المرأة السورية في دول اللجوء، بدءاً من رحلتها المحفوفة بالمخاطر بالخروج مع أبنائها وقيامها بدور الأب والأم، إلى توفير المسكن الملائم وتأمين الغذاء وحاجات المنزل، في كثير من الحالات، والقدرة على الاندماج مع المجتمع المضيف وغير ذلك.
نساء استطعن تجاوز ذلك والتغلب عليه وأخريات لا زلن يجاهدن في سبيل بدء حياة مستقرة جديدة.
المرأة في عاصفة اللجوء
"جيهان" مهندسة كانت تعمل في ريف درعا، تخلت عن ما بنته خلال عشرين عاماً، لتنقذ أبنائها من حملات الاعتقال ونيران الحرب، لجأت إلى الأردن منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بحثت كثيراً عن عمل لكنها لم تجده، تقول: "لم أكن أتخيل نفسي يوماً قد اضطر لأي عمل من أجل أبنائي، زوجي بقي في سوريا وترك لي مسؤولية كبيرة، خوفي عليه من جهة ومستقبل أبنائي وهمومهم من جهة أخرى".
وتضيف: أنا معتادة على تحمل المسؤولية لكن ليس إلى هذا الحد، بسبب نفاذ نقودي وانعدام فرص العمل وقلة الإمكانيات المادية لتسجيل أبنائي في الجامعة اضطررت إلى استلاف مبلغ من أصدقائي لأسفّر به أبنائي إلى أوربا، تعلمتُ خلال هذه الفترة مهنة الحلاقة والخياطة وهدفي الآن هو البحث عن عمل أساعد فيه أبناء بلدي كمنظمات إنسانية أو فرق تطوعية ضمن إمكانياتي، وكوني كنت أعمل أيضاً في مجال تطوير المرأة الريفية".
أما السيدة "سلام" فما من شهادة تملكها لتحصل من خلالها على عمل، لكنها قد أفنت شبابها على ماكينة أبدعت من خلالها أجمل التصاميم، طوال ثلاثة وعشرون عاماً كانت توصل الليل بالنهار لتأمين عيشة كريمة، امرأة لا تعرف إلا التضحية، كانت تحلم بتخرّج أبنائها من الجامعات لتوقف مسيرة عملها وترتاح، لكن لعنة الحرب أصابتها، فقد قصف منزلها وسُرق مشغل الخياطة الذي كانت تمتلكه فاضطرت للجوء إلى الأردن. لكنها لم تيأس وعادت مجدداً من نقطة البداية، استطاعت أن تصنع من منزلها الجديد المكون من غرفتين مشغلا صغيرا بإمكانيات محدودة لتأمين قوة يومها. ولكن إلى متى سأبقى هكذا؟ سؤال تطرحه على نفسها باستمرار، وتكمل الحديث: "دخلي المادي ما بيساعدني كمل دراسة ولادي والشغل للشباب مستحيل، كل يوم بالليل ببكي من وجع رجلي بخاف إني ما أقدر كمل المشوار يلي بلشتو وبدعي الله يخليني لأمّن عليهون".
البدايات الجديدة للمرأة السورية
السيدة هناء هي ليست الأولى ولا الأخيرة كمثال للاندماج في المجتمعات الأخرى، فبعد أن كانت تملك روضة في مدينتها درعا، اضطرت كما الأخريات إلى ترك أحلامها وأحلام أطفال مدرستها والسفر إلى تركيا باحثةً عن فرصة جديدة لاستقرار عائلتها.
لم تيأس لأنها لم تجد عملاً كونها لا تعرف إلا اللغة العربية، ولأنها مدركة أن التعلم ضرورة في وقتنا الحالي ولا يعيقه زمان أو مكان أو عمر، التحقت بالدورات المجانية في منظمة الهلال الأزرق في كلّس ودرست اللغة التركية والإنكليزية ومن ثم الكمبيوتر. ليس هذا وحسب، بل عملت على مساعدة السوريين القادمين من هناك بالتعاون مع أفراد عائلتها وأصدقائها لتأمين المستلزمات الأساسية للمحتاجين من أغراض أساسية للمنزل إلى الغذاء والدواء وتكاليف عمليات صغيرة إضافة إلى تقديم دعم نفسي ومعنوي لهؤلاء العائلات ولأطفاله.
استطاعت المرأة السورية خلال الخمس سنوات الأخيرة أن تثبت للعالم مدى قدرتها على تحمل المسؤولية ومواجهة مصاعب الحياة وسرعة الاندماج بالمجتمعات المضيفة، على الرغم من أن المجتمع السوري هو مجتمع محافظ إلى نوع ما، غالبية النساء فيه لم يعتدن السفر بمفردهن من مدينة لأخرى.
وعلى الرغم من أن المرأة السورية هي أحد أكبر المتضررين في هذه الحرب، إلا أن غالبية النساء استطعن الوقوف في وجه تيار اليأس والفشل ليبنوا أسرهم من جديد ويمضوا قدماً نحو المستقبل.