أخبار الآن | هولندا – متابعات (بسام سعد)

حاز فيلم ماء الفضة للمخرج "أسامة محمد" المأخوذ كل مقاطع التصوير فيه من الناشطة الإعلامية المحاصرة في مدينة حمص "وئام بدرخان"، على جائزة "البرنس كلاوس" في هولندا وتم تكريمه إلى جانب أصدقائه في القصر الملكي في أمستردام. فبعد عرضه الأول في مهرجان كان 2014 تناولته الصحافة على أنه فيلم الثورة السورية وتم التعاطي مع مخرجه على أنه أول من لمس نبض الثوار وأهالي حمص الذين يتعرضون للقصف والحصار.

الفيلم في حمص .. والطبل في هولندا

ينطبق حصول المخرج على الجائزة على المثل السوري الشائع "الطبل بدوما والعرس بحرستا"، فلا أهل حمص منحوا الجوائز ولا هذا التهليل والفرح يدل على قيمة لكل ما يجري.

فمدينة حمص اليوم مدمرة محترقة متروكة لمصيرها والفيلم مستمر. "أسامة محمد" اعتمد فيلمه "المأخوذ!!" على ما صورته هواتف الثوار والناشطين خلال حصار مدينة حمص، ومقاطع من تصوير "وئام بدرخان" شابة من مدينة حمص تواصلت معه لإنجاز الفيلم. إضافةً لاعتماده على العديد من مقاطع الفيديو المنشورة على يوتيوب.

قام المخرج بتقديم نفسه في منفاه القسري، كما يقول، كجزء هام من أجزاء صناعة الفيلم وتسويقه، ويقول أنه توقف خلال صناعة فيلمه أمام أسئلة كبيرة عن مشاهد الفيلم المتحركة وطريقة التصوير واللقطات السريعة التي تهتز والتي تخفي وراءها شخص ما يقول كلمة "حرية".

إذن فهنالك أهمية كبيرة لكل ما يجري لهؤلاء المحاصرين الذي يعملون لإنتاج الفيلم، أمّا عند حلول وقت الجوائز فلا أثر لـ "بدرخان" ولا أثر لحمص بين ابتسامات عائلة محمد وزوجته وأصدقائه. والجدير بالذكر أن جوهر فيلم ماء الفضة الإنساني والفني يتوقف عند المخاطرة بتصوير الأحياء والأزقة المهدمة لتوثيق دقائق من الكوارث التي لحقت بها، وكل هذا بعيد عن صور الموبايل المتقنة التي التقطت سعادة المحتفين بالجائزة المحيطين بالمخرج في كامل أناقتهم. 

فوز الفيلم السوري "ماء الفضة" بجائزة الأمير كلاوس .. لمن تمنح الجوائز!

أفلام مقابل الألم

كثيرة هي الأفلام التي أُنتجت خلال الثورة السورية وأكثرها من اعتمد على التصوير في كاميرا الموبايل المتحركة، واليوم مازالت تصور آلاف التقارير الإخبارية والتوثيقية بهذا الشكل، فهي طريقة الثوار والناشطين الوحيدة لحفظ لحظات الحاضر المؤلمة.

واللافت أن غياب جهد القائمين على التصوير، رغم مخاطر الحصار والقصف والنص لم يذكر أبدا في تصدير الجائزة الذي جاء فيه أن "المخرج!" السوري أسامة محمد منح هذه الجائزة: "لاستجابته الإنسانية والإضافة التي حققها للسينما السورية، وابتكار اتجاه جديد في السينما المرتكزة على وسائل التواصل الاجتماعي، لإبراز واقع وطن مزقته الحرب، من خلال سرد تفاصيل كثيفة، مؤكداً حاجة الإنسان إلى شاهد قريب، وضرورة استثمار الطاقة والإبداع والثقافة خلال الصراعات".

والحقيقة أن هدف الذين صوروا لحظات العنف والألم وويلات الحرب والحصار اليومي لم يكن من أجل الارتقاء بـ "السينما السورية" وإنما توضيح روح ثورتهم وإظهار قوة إرادة الشباب السوري الذي صنع الفيلم بإمكانيات الهواة، وهو ما لم يتم تصديره وهو الرسالة الأعمق التي ينطوي عليها خطاب الفيلم.

وبعيداً عن المهرجانات والجوائز ما يزال القصف مستمرا والدمار يطال البشر والحجر في كل المناطق المنكوبة من الأرض السورية، وبعض النماذج من المثقفين يقفون بعيداً يشاهدون ويفكرون ويأخذون الجوائز بحجة نصرة الثوار والثورة. وبانتظار تصريحات يدلي بها أسامة محمد حول فيلمه، يُكتب يوم شقاء آخر لمدينة حمص وأهلها وكافة المدن السورية.