أخبار الآن | القلمون – سوريا (أبو محمد اليبرودي)

تعتبر جرود القلمون السلسلة الجبلية الأعلى في الريف الدمشقي والأكثر اتساعا أفقيا في الخط الفاصل بين الحدود السورية اللبنانية، ويعتبر فصل الشتاء فيها هو الأقسى في سوريا من حيث البرودة إذ تصل درجة الحرارة إلى 20 تحت الصفر في بعض الأحيان.

ودفعت وعورة المنطقة والعوامل الجوية القاسية البرودة في جرود القلمون، طرفي النزاع، للاتجاه إلى استراتيجيات جديدة في القتال يتم فيها تجنب استخدام الآليات أو التقدم بريا، ويبدو ذلك بتوجه النظام السوري لتصعيد هو الأعنف بالقصف المدفعي والجوي في الأيام الأخيرة، لتقابله قوات المعارضة بالكمائن والتي أصبحت فعالة بعد أن شلت الظروف الجوية حركة قوات حزب الله والنظام.

الجوء إلى الكهوف كإستراتيجية جديدة

تلجأ قوات المعارضة لاستخدام الكهوف والمغارات لتجنب البرد القارس والقصف معا كإستراتيجية جديدة في التأقلم مع حياة القتال في الجبال.

وأشار ناشطون بالفترة الأخيرة أن وتيرة قصف الجيش السوري واللبناني وحزب الله ارتفعت بشكل كبير عقب الفشل المتكرر في اقتحام الجرود وخسارة أرقام كبيرة من القتلى.

يقول "أبو الوليد اليبرودي" قائد تجمع "رجال من القلمون" في الجرود بأن نسبة قتلى النظام والحزب ارتفعت بمعدل ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في معارك مدن القلمون، وأرجع سبب هذا الارتفاع إلى الكمائن التي يقوم بها الثوار في الجرود مستغلين التضاريس القاسية التي لعبت دورا ايجابيا للثوار الذين اعتادوا وتأقلموا على الحياة فيها.

تؤمّن المغارات والصخور العالية، كنقاط ارتكاز ومقرات دائمة، ملاذا آمنا من القصف حيث أن احتمال إصابتها ضئيلا جدا ولا تتأثر مهما اشتد القصف، إضافة لأنها تقيهم برد الجرود القارس بعد ترميمها و جعلها كالمنازل المغلقة.

وأشار اليبرودي أن الثوار وجدوا أن لا خيار أمامهم، إن أرادوا استعادة مدنهم، سوى التأقلم مع حياة الجبال القاسية، منوها إلى أن بعض الفصائل والثوار آثرت الرحيل عن الجرود لعدم مقدرتهم على التأقلم على هذه الحياة لمناطق أيسر معيشة رغم المخاطرة الكبيرة في طريق رحيلهم، حتى إن بعضهم تعرض لكمائن أدت لسقوط شهداء وجرحى.

مشقات متعددة .. وأضرار اقل

وعن مشقة الحياة في الجرود ركز "أبو الوليد" في حديثه على موضوع الجرحى وصعوبة نقلهم من الجرود للمشافي الميدانية خاصة في أيام الثلوج مما يؤدي لاستشهاد البعض بسبب عدم تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة .

ويضيف أن موضوع الصعوبة في التنقل وجلب الطعام تعتبر تحديات ليست أقل صعوبة من نقل الجرحى، فقد أشار إلى أنهم أحيانا يبقون من دون إمداد بالطعام لعدة أيام في ظل انقطاع الطرقات بسبب العوامل الجوية إضافة لقطع الجيش اللبناني لكل الطرقات المؤدية لبلدة عرسال ومنعه من خروج أي مواد غذائية إلى الجرود.

وينوه "أبو يحيى القلموني" مدير المكتب الإعلامي لجرود القلمون، أن نسبة معدل القتلى بسبب قصف النظام انخفض كثيرا في صفوف الثوار المتواجدين في الجرود عما كان عليه في فترة تمركزهم في مدن القلمون قبل سقوطها، فعلى الرغم من صعوبة الحياة في الجرود إلا أنهم وجدوا في ذلك أمرا ايجابيا بعد صعوبة تحديد أماكنهم من قبل طائرات النظام وصعوبة تحقيق إصابات في صفوفهم وهم يتحصنون في المغاور وبين الصخور مما جعلهم يخفضون نسبة القتل بسبب القصف إلى ما دون 80% عما كانت عليه في مدن القلمون.

الجيش اللبناني يخرق الهدنة

يذكر أن الجيش اللبناني قد قام بخرق الاتفاق المنعقد عقب صفقة إطلاق أسراه الجنود لدى جبهة النصرة، وذلك بقصفه الشديد لجرود القلمون ومحيط عرسال خاصة وادي حميد، الذي تم الاتفاق على أن يكون منطقة آمنة لا تتعرض للقصف إضافة لعدم تدخله في الشأن الثوري والاعتداء على ثوار القلمون.

وعن القصف الأخير على الجرود يقول "أبو يحيى القلموني" مدير المكتب الإعلامي لجرود القلمون أن الطيران الحربي لم يفارق سماء الجرود منذ أكثر من عشرة أيام، حيث بات يشن أكثر من 15 غارة يوميا على نقاط متفرقة من الجرود بما فيها جرود عرسال ويقوم باستهداف أي تجمع ترصده طائراته ولو كان تجمعا للنازحين الهاربين من مضايقات الجيش اللبناني.

ويضيف القلموني أن الطيران الروسي قد شارك أيضا في قصف الجرود مؤخرا وقام باستهداف إحدى النقاط الطبية التي تستخدم لمساعدة كل المتواجدين خارج حواجز الجيش اللبناني من عرسال باتجاه الجرود، مما أدى لخروجها الكامل عن خدمتها وزيادة معاناة المقاتلين والمدنيين المحاصرين هناك.