أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (مها رباح)
هذه المرة الثالثة التي يذهب فيها "علي" وشركائه من كفرنبل ومعرة النعمان لإحضار مادة المازوت وبعض المحروقات الأخرى من زيت السيارات ونحوه من مدينة الرقة بهدف التجارة. لكن "علي" لم يتوقع أنها ربما تكون المرة الأخيرة بالنسبة لهم.
وذلك عندما استهدفت طائرة روسية قافلتهم بصاروخ أحال تلك الشاحنة إلى بقايا ركام وأشعل ما بداخلها مع الشاحنات الأخرى من مازوت ومحروقات محولا إياها إلى غيمة سوداء تحوم في سماء بلاده المليء بالطائرات من مختلف البلدان لتبلغ خسارته أكثر من 35 مليون ل. س.
ارتفاع مضاعف لأسعار المحروقات
يقول علي: "لحسن الحظ كنا خارج السيارات أنا وشركائي في أحد الحواجز التابعة لتنظيم داعش نخضع لإجراءات التفتيش، وحال سماعنا لصوت الصاروخ الأول يضرب الشاحنة الأولى انبطحنا، وهكذا إلا أن دمرت كل الشاحنات الأخرى ونجونا من الموت بأعجوبة".
ليس علي الوحيد من خسر جرّاء هذه العملية، بل إن جميع سكان ريف إدلب تأثروا من خلال غلاء أسعار هذه الماده نتيجة استهداف الكثير من قوافل المازوت التجارية القادمة على طريق الرقة- حلب- إدلب.
ويوضح علي أن استهداف شاحنات المحروقات القادمة من هناك بات معروفا: "كنت أعلم أن ذهاب قافلتي وإيابها فيه مخاطر كبيرة وربما خسارة باهظة، ومع ذلك جازفت بالذهاب بسبب كونه عملي الوحيد ولأني وعدت الزبائن بإحضار تلك المادة".
"أبو أيمن" نازح من خان شيخون شمال حماة 53 عاما، يسكن في مدينة كفرنبل لديه خمسة أولاد، لم يضع مدفأة مازوت في بيته إلى اﻵن والسبب كما يقول غلاء أسعار هذه المادة. فقبل 15 يوما كان سعر ليتر المازوت الواحد 140 ليرة أما الآن فقد ارتفع إلى 200، لذلك لا يستطيع المواطن تأمين التدفئة لعائلته لاسيما في ظل ظروف مالية متردية.
ومن خلال إحصائية عامه لمدينة كفرنبل تبين أن 20% من سكان المدينة ليس لديهم مدافئ في بيوتهم وينوون قضاء الشتاء بدونها هذا العام رغم قسوة وبرودة الطقس.
مودة الغلاء .. أسباب متعددة
ترافق مع ارتفاع سعر المحروقات ارتفاع في أسعار المواد الأساسية، فبلغ سعر ربطة الخبز الواحدة 125 ل. س بعد أن كان منذ خمسة أيام 100 ليرة. وبرأي أبي أيمن فإن السبب هو في اعتماد الأفران والمطاحن على المولدات الكهربائية في عملها التي تحتاج بدورها لمادة المازوت.
"أبو أحمد" مزارع من خان شيخون من الريف الجنوبي لإدلب، التي تشتهر بزراعة القمح، يرد سبب غلاء الخبز لقلة احتياطي الأفران من مادة الطحين. فحسب ما يزعم، قام هو وغيره من المزارعين ببيع القمح لتجار ادّعوا أنهم تابعين للائتلاف السوري، وقد وعدوهم بتحويله كمخزون للمطاحن السورية في المناطق المحررة وبعد فتره اكتشفوا أن بعضهم باع الطحين لتركيا بثلاثة أضعاف ما اشتروه من المزارعين.
ويرجع أبو أحمد أيضا دور النظام في الأزمة إذ قام بحرق حقول القمح في سهول الغاب، حسب مشاهداته الشخصية.
ويعتبر "حاتم" 56 عاما من كفرنبل، أوفر حظا من أبي أيمن لأنه استطاع شراء طن من حطب الزيتون بسعر 30 ألف ل. س ما يكفيه وعائلته طيلة فصل الشتاء. وهو أرخص بالمقارنة مع المازوت الذي يبلغ سعر البرميل الواحد منه "50" ألف ل. س، والشتاء الواحد يحتاج لثلاثة براميل. هذا عدا عن كونها تساعد في الطبخ وتوفر سعر أسطوانة الغاز التي صارت مؤخرا بـ 6 آلاف ليرة.
"ناديا" زوجة حاتم تقول أنها كانت تستخدم "البّبور" للطبخ والذي يعمل على مادة "الكاز" الذي ارتفع سعره أيضا "250" ليرة للتر الواحد، بينما كان قبل شهر "125" ليرة. وبرأي ناديا فإن غلاء الدولار له دور أيضا في ارتفاع بعض المواد الغذائية وغيرها وتضرب مثالا على علبة "التون" الصغيرة التي كان سعرها قبل شهر "225" ليرة أما الآن فقد بلغ "300". وتنوه أن أغلب السكان اعتادوا ملاحظة ارتفاع الأسعار مع كل ارتفاع لسعر الدولار بشكل عام، ويفسّر حاتم ارتفاع أسعار المواد الغذائية "المعكرونة والمعلبات والبقوليات" بسبب استهداف قوافل المعونات الغذائية على أعزاز وغيرها من المدن الحدودية مع تركيا من قبل الطائرات الروسية، وأعطى مثالا على قافلة دمرها القصف الروسي منذ قرابة أسبوع على المركز الحدودي في اعزاز وكانت تحمل مساعدات غذائية للداخل السوري.
المعاناة جعلت السوريين يتوقعون كل شيء سيء وبالتالي يصدقون كل الشائعات. "محمد" 60 عاما، صاحب أكبر متجر لبيع الطحين في كفرنبل يقول بأن الطلب ازداد من قبل الناس على مادة الطحين والسكر والمواد التموينية الأخرى وبالتالي ازداد سعرها بسبب تنبؤات بأن سوريا سوف تتعرض لأكبر موجة صقيع وبرد مصدرها القطب المتجمد الشمالي وأن درجة الحرارة سوف تبلغ 27 درجه مئوية تحت الصفر، بحسب موقع الكتروني.