أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (جواد العربيني)

بعد مرور قرابة العامين على وقف إطلاق النار في حي القابون، يعود الحي مجددا إلى واجهة الأحداث بعد تشديد النظام الخناق عليه بقطع الكهرباء والماء والمواد الغذائية والتموينية عنه.

اتفاق وقف إطلاق النار المبرم قبل سنتين نصّ على "إدخال المواد الغذائية والوقود من معبر برزة المتصل مع حي القابون". لكن مع عودة النازحين إلى بيوتهم وإيواء الحي لنازحين من الغوطة الشرقية، تحول المدنيون إلى ورقة ضغط بيد النظام، بحيث أصبحت حياة أكثر من مائة وخمسين ألف مدني يقطنون في أحياء "برزة" و"تشرين" و"القابون" مقترنة بإبقاء هذا المعبر مفتوحا.

تصعيد الحصار على الحي

التصعيد على الحي بدأ قبل خمسة أشهر، حيث قطع النظام الكهرباء عن الحي بشكل كامل، ما أدى إلى انقطاع المياه، ليبدأ بعدها بإغلاق معبر برزة أمام السيارات ومنع دخول المواد الغذائية والوقود، قبل أن يعاود النظام فتح المعبر وفق شروط جديدة تقضي بالسماح للمدنيين بالعبور مشيا على الأقدام إلى منطقة مساكن برزة القابعة تحت سيطرة النظام لجلب احتياجاتهم، إذ يتم مصادرة هوية الشخص على الحاجز وإعادتها إليه عند عودته جالبا احتياجاته ليوم واحد فقط.

رحلة جلب الطعام والإهانة اليومية للأهالي

مع ندرة المواد الغذائية داخل حي القابون وارتفاع ثمنها للضعف، إن وجدت، أُجبر الأهالي الى الذهاب كل يوم إلى حي مساكن برزة لجلب احتياجاتهم من الطعام، متحملين خطورة الاعتقال على الحواجز، والإهانة اليومية.

"أبو لؤي" يروي لأخبار الآن تفاصيل ما يمر به يوميا في رحلة جلب الطعام لأطفاله من مساكن برزة  فيقول: "ثلاث إلى أربع ساعات من الزمن أقضيها من أجل جلب ربطة خبز وبعض المواد الغذائية، إهانات بالجملة يتعرض لها سكان الحي والنازحين القابعين فيه عند الوصول إلى حواجز النظام، في إحدى المرات حاولت تأمين احتياجاتي ليومين متتالين فما كان من عناصر الحاجز إلا أن صادروا كل ما قمت بشرائه وشتمي، وفي كثير من المرات تعرض رجال ونساء للاعتقال أو محاولة الاعتقال لابتزاز الشخص المراد اعتقاله وإجباره على دفع مقابل مادي .

إدخال الطعام مقابل رشوة حواجز النظام

بدورها تقوم "أم سمير" على تقديم الرشوة للحاجز بشكل يومي للسماح لها بإدخال كميات أكبر وبيعها داخل أحياء "برزة" و"القابون" بضعف ثمنها. تقول: "بعلبة دخان أو بمبلغ مادي لا يتجاوز 500 ليرة أستطيع أن أدخل كميات أكثر من الآخرين، ما أدفعه أستطيع تعويضه برفع السعر إلى الضعف، أصبح إدخال المواد الغذائية من حواجز النظام بمثابة مصدر رزق لي ولأولادي حيث أقوم يوميا بنقل المواد لخمس أو ست مرات.

الحصار وفصل الشتاء

بكل تأكيد فإن الحصار سيكون أشد على الأهالي في فصل الشتاء، حيث كانت الكهرباء وسيلة التدفئة الوحيدة المتوافرة في ظل غلاء أسعار المازوت والغاز لأضعاف أسعارها، وحتى الحطب لا يمكن أن يشكّل بديلا، حيث وصل سعر الكيلو الواحد منه إلى مبلغ يتجاوز "120" ليرة سورية مما سيجعل اللجوء إليه في التدفئة أمرا شبه مستحيل لأغلب العائلات، وهو ما سيضع أهالي القابون أمام مشاكل إضافية.

خيار تجويع المناطق المهادنة المأهولة بالسكان

خيار تجويع المناطق المهادنة المأهولة بالسكان، أصبح سلاحا استراتيجيا بيد النظام زاد من استخدامه بعد النتائج الملموسة في "حمص القديمة "و"قدسيا" و"حي الوعر" وهو ما يحاول العمل به تدريجيا في أحياء "برزة" و"تشرين" و"القابون". لكن أنفاق الثوار الواصلة بين الغوطة الشرقية وحي القابون قد تغير من معادلة التهجير لدى النظام السوري.