أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (هاديا المنصور)
دخلت "سميرة" 39 عاما، المكتب الطبي النسائي في كفرنبل وقد بدا على وجهها التعب والمرض، وبصوت منخفض وشعور بالحرج تطلب مقابلة الطبيبة "هلا" المسؤولة عن المكتب، حيث طلبت منها مساعدتها في إجراء عملية الغدة الدرقية التي تعاني من تضخمها منذ مدة طويلة، وهنا تعاطفت الطبيبة مع حالتها وقررت مساعدتها.
المكتب الطبي النسائي .. خطوة إلى الأمام
قام "المكتب الطبي النسائي" الذي تأسس في كفرنبل في 1/9/2015، بالتعاون مع مشفى "دار الحكمة" الخاص وبتمويل من اتحاد المكاتب الثورية "يو ار بي" بتوثيق حالات مرضية للفقراء والأرامل والأيتام والمحتاجين، والنظر في إمكانية مساعدتهم طبيا، سواء بإجراء عمليات جراحية لهم، أو تصوير أشعة أو طبقي محوري أو تحاليل طبية مختلفة.
وقد استطاع هذا المكتب وبمدة زمنية قصيرة أن يجري العديد من العمليات الجراحية والتي وصلت لأكثر من عشر عمليات، وجميع المرضى ممن خضعوا لهذه العمليات هم الآن بصحة جيدة.
وعن عمل هذا المكتب تتحدث مديرته الطبيبة "سها" 30 عاما: "سبب إنشاء هذا المكتب هو الحاجة الملحة لمساعدة المرضى من الفقراء الذين زاد عددهم بشكل كبير في ظل الأوضاع الراهنة"
يقوم فريق المكتب بتوثيق الحالات المرضية التي تصلهم، وهناك موظفات في المكتب يعملن على توضيح حالة المريض، إن كان يستحق المساعدة، ومن يقوم بالعمليات هم أطباء متخصصون بإشراف مندوبة من المكتب، هؤلاء الأطباء مأجورين من قبل اتحاد المكاتب الثورية والتي هي أول منظمة داعمة للمشاريع الإنسانية في الشمال السوري المحرر.
سميرة من قرية "بسقلا" التابعة لمدينة كفرنبل في ريف إدلب، هي واحدة من آلاف المرضى الذين يعانون من أوجاعهم كل يوم، دون أن يجدوا سبيلا لتوقف آلامهم أمام فقرهم وتشردهم وقلة المشافي التي تهتم بإجراء عمليات جراحية للفقراء وخاصة المكلفة منها.
تقول سميرة: "لا زلت عزباء رغم كبر سني، عائلتي فقيرة ووالدي يشكو من عجز في قدميه جراء إصابته بقصف الطيران الحربي لمدينتي بسقلا، وكانت إصابته في عموده الفقري".
بدأت سميرة تعاني من تضخم في غدتها الدرقية منذ أكثر من سنتين وباتت بحاجة لعملية جراحية لاستئصالها، وهذه العملية مكلفة، والمشافي الميدانية المجانية لا تجري مثل هذه العمليات، أما المشافي الخاصة فهي تتطلب الكثير من المال.
لجأت سميرة إلى المكتب الطبي النسائي وتم تحديد موعدا للعملية بعد إجراء التحاليل بالتنسيق مع مشفى دار الحكمة.
عمليات طبية متعددة وتخفيف لمعاناة الأهالي
"حسام الأحمد" 29 عاما، نازح من ريف حماة مقيم في كفرنبل، تعرض لشظية تسببت في بتر يده اليمنى، وهذا ما جعله عاطلا عن العمل، ولكن ليست هذه المشكلة الآن، فالمشكلة بأن زوجته ستضع مولودا وهي بحاجة لعملية قيصرية ستكلفه الكثير من المال.
يقول: "لأول مرة أشعر فعلا بالعجز، فقد ضاقت علي الدنيا عندما وضعت أمام هذا الموقف الصعب، زوجتي تتألم، والمشفى الخاص الذي قصدته طلب تسديد المبلغ حتى قبل إجراء العملية لزوجتي".
قصد حسام إحدى المشافي الميدانية المجانية ولكنه علم بأنها لا تحتوي على اختصاص التوليد، ولحسن الحظ نصحه أحدهم بقصد المكتب الطبي النسائي.
"رغم أنني لم أكن أتوقع تجاوبا من هذا المكتب، إلا أنني كنت كالغريق الذي أمسك بقشة، فتوجهت إليه من فوري". وقد وجد اهتماما من قبل فريق العمل والذي أرسل معه مندوبته، لتشرف على حُسن سير العملية بعد أن قامت بتسديد المبلغ كاملا، حتى الأدوية التي وصفتها الطبيبة لها بعد العملية أحضرتها المندوبة لزوجته، والأهم بأنهم تكفلوا بنفقات وضع وليده بالحاضنة لمدة يومين، علما أن هذا الإجراء مكلف للغاية. حسام يشعر بالامتنان لدرجة أنه عاجز عن التعبير، على حد قوله.
"ميساء" 26 عاما، طالبة طب بشري وهي الآن تعمل مندوبة لدى المكتب الطبي النسائي لمرافقة المرضى أثناء اجرائهم للعمليات، تقول: "مهنتي هي مهنة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة، أنا أرى في عيون أولئك المرضى أملا يتجدد في كل لحظة"، وتنوّه لضرورة دعم هذا المكتب بشكل أكبر لاستيعاب ومساعدة أكبر عدد ممكن من المرضى.
الطبيب "عبد الإله" 40 عاما، أخصائي في الجراحة العامة، وهو من يجري العمليات بالتنسيق مع المكتب الطبي النسائي يقول: "هناك اهتمام وعناية بصحة المريض ومتابعته منذ دخوله المشفى وحتى مغادرتها" ويلفت إلى أهمية مثل هذه المشاريع وسط ما تعانيه البلاد من قصف يومي وأوضاع معيشية مزرية.
من جهته "رائد الفارس" 42 عاما، رئيس اتحاد المكاتب الثورية يقول: "انطلاقا من أهداف المنظمة بإنشاء مشاريع إغاثية وتنموية وطبية تم استحداث المكتب الطبي النسائي في كفرنبل، وذلك للتخفيف قدر الإمكان من معاناة السوريين اليوم، وخاصة المرضى من الفقراء فهم أكثر من يعاني في هذه الأيام الصعبة". ويؤكد على استمرارية المشروع وتطويره لاستيعاب ما يستطيع من الحالات الضرورية وخاصة من لا يستطيعون الإنفاق على وضعهم الصحي بسبب الظروف المتردية.