أخبار الآن | درعا- سوريا (عبد الحي الأحمد)
تعتبر الألغام الأرضية التي تخلفها قوات النظام في المناطق الخارجة عن سيطرتها، أحد أبرز أصناف الموت التي يستمر السوريون بتذوق جحيمها بعد تحرير بلداتهم وقراهم. فعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد ضحايا الألغام في سوريا إلا أنهم تجاوزوا عشرات الآلاف من المصابين والقتلى وفق التقديرات الأولية.
ومن هذا المنطلق وجد عدد من الناشطين السوريين ضرورة لإنشاء مركز مختص لإزالة الألغام ومخلفات القذائف التي تتساقط على المدن السورية دون أن تنفجر؛ والتي تسبب بذلك رعبا إضافيا يؤرق السوريين الناجين من طائرات النظام وحلفاءه.
المركز السوري لإزالة الألغام وإعادة التأهيل
تم تأسيس المركز السوري لإزالة الألغام في الثاني والعشرين من شهر يناير 2013 إثر تكليف رسمي من الإئتلاف الوطني لقوى الثورة، حيث تلقى القائمون على تأسيسه عدة دورات تدريبية في عدد من الدول العربية أفضت إلى حصول القائمين على المركز على شهادات علمية تؤهلهم في العمل بإزالة الألغام.
أخبار الآن التقت "غازي سويدان" مؤسس ومدير المركز السوري لإزالة الألغام، حيث تحدث عن بدايات تشكيل المركز قائلا: "عمل طاقم المركز لعدة أشهر في الشمال السوري بمعدات بدائية جدا، حيث لم تكن طبيعة العمل تحظى بالمعايير الوطنية والدولية للسلامة، لذلك تم إيقاف العمل الميداني بناء على كتاب من الأمم المتحدة واقتصر بعد ذلك على إجراء حملات توعية من مخاطر الألغام".
ويتابع "في شهر سبتمبر من العام 2014 تم نقل المركز إلى الجنوب السوري حيث بدأ العمل بكادر يتجاوز الأربعين عاملا، البعض منهم من المنشقين عن كتائب الهندسة في الجيش السوري والقسم الآخر ممن تلقوا دورات تدريبية حيث يقدمون خدماتهم في كلا الشقين التوعوي والميداني ولا يتقاضون سوى رواتب رمزية".
ويفيد سويدان أن عمل المركز يعتمد على عمليات مسح فني للمناطق الملوثة بالألغام والقذائف غير المتفجرة وأهمها القذائف العنقودية، وبناء على نسبة التلوث تكون الأولوية للإزالة حيث يباشر عناصر الفريق في تنضيف المساحات الخطرة بعد إجراء حملات توعية مكثفة في القرى المحررة تشمل المدارس والمستشفيات والتجمعات السكنية، كما يتم توثيق جميع المعلومات عن تلك المناطق على شكل تقارير دورية".
معوقات وتحديات عمل المركز
تمنع القوانين الدولية جميع الدول من زراعة الألغام الأرضية إلا ضمن حقول وخرائط قد تقدم للخصوم في الحروب بعد إنتهاء المعارك، إلا أن قوات النظام السوري تعتمد على الزراعة العشوائية للألغام في المناطق المحيطة بها والمناطق التي تضطر للانسحاب منها، وذلك بغية إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية وهذا يعتبر من أكبر التحديات التي يواجهها فريق الإزلة في المركز السوري لإزالة الألغام إضافة لتنوع الألغام واختلافها واستعمال قوات النظام لأنواع جديدة تختلف في مدى خطورتها وتمتاز بصعوبة تفكيكها، منها ما ظهر بعد التدخل الروسي على شكل قذائف عنقودية تختلف في طريقة إنفجارها وأشكالها التمويهية.
يقول "سويدان" أن فريق إزالة الألغام كان يعمل بجهازي كشف ألغام "إلا أن أحد عناصر الفريق استشهد خلال إحدى جولات الكشف، ولا يملك المركز الآن سوى كاشفة ألغام واحدة قديمة وأخرى معطلة. وعلى الرغم من شحّ المعدات إلا أننا استطعنا خلال عدة أشهر إزلة عشرات الآلاف من الألغام في قرى الجنوب السوري المحررة وتصدرت مدينة نوى عدد الألغام المزالة بـ 6200 لغم كانت مزروعة بشكل عشوائي".
كما أشار أيضا إلى أن نسبة التلوث في الجنوب لا تزال مرتفعة وأن هنالك مساحات شاسعة تحوي عشرات الآلاف من الألغام، إضافة للقذائف التي لم تنفجر وهي موجودة في شتى القرى والبلدت؛ ما يفوق قدرة المركز على تغطيتها. مؤكدا على أن الاستمرارية في العمل لا مفر منها إذ تفرضه إنسانية العاملين في المركز على الرغم من افتقاره لأية جهة ترعاه وتؤمن له احتياجاته من معدات حديثة.