أخبار الآن | اللاذقية – سوريا ( حلا محمد)
عام جديد يمر على السوريين، سقاهم كأس المر والعلقم، فبينما معظم دول العالم تحضر لاحتفالات رأس السنة الجديدة، يمضي السوريون هذا اليوم كغيره من الأيام في تأمين خبز يومهم. فهنا في مدينة اللاذقية، تختلف الأوضاع، بعد أن حول النظام تلك المدينة الساحلية إلى معتقل كبير، تختلف ظروف السكان الأصليين، والنازحين أيضاً من معظم المناطق السورية التي تشهد اشتباكات متواصلة.
نساء اللاذقية أرهقهم هذا العام
تأمل "أم محمد" أن يكون العام الجديد أفضل من سابقه، فقد اعتقل زوجها على أحد الحواجز بتهمة التعامل مع "الإرهابيين" في الريف، حيث تقول: "مرّ هذا العام علينا عصيباً كئيباً، فالاعتقالات لا تستثني أحدا، فقط لمجرد أن ضابط الحاجز لم يعجبه مظهر الشخص، كما حل بزوجي. وأقوم بعد اعتقاله بإعالة أطفالي واستكمال تعليمهم، حيث أعمل في التطريز رغم قلة الأجرة".
وتمضي معظم فتيات اللاذقية وخاصة من أحياء "السنّة" معظم أوقاتهم في المنازل، خوفاً من أي محاولة تحرش تعترضهم من أحد عناصر الأمن أو الشبيحة، أو حتى من العساكر المتواجدين على الحواجز، حيث تقول رهف: "لم أعد أذهب إلى الجامعة إلى عند الضرورة، فلا أريد أن أستمع إلى (تلطيشة قذرة) ولا أستطيع سوى أن أمشي مطرقة رأسي، فالتهم جاهزة، والنخوة معدومة لديهم، وقد تحدث معجزة في العام الجديد وتتغير الأحوال إلى الأفضل".
اللاذقية فرغت من شبابها أضعاف الأعوام الماضية
لعل "الاحتياط والهجرة إلى أوروبا" هي أهم الأسباب التي دفعت بالشباب المتواجد في المدينة إلى تركها أو الاختباء دون خروج، كـ "أحمد" الذي لم يخرج من منزله لأكثر من عام ونصف، بسبب دخوله في سن الخدمة العسكرية، حيث يقول: "بعد أن رسبت في امتحانات الشهادة الثانوية ولم أستطع الحصول على تأجيل، قررت الهجرة، لكن لا أمتلك أجرة المهرب المرتفعة، ولا أستطيع (التفييش)، قد أبقى هنا إلى ما يشاء الله حتى تفرج الأمور".
أما "علي" الذي هاجر نحو "ريف اللاذقية المحرر"، فقرر المشاركة في الثورة ضد النظام: "بعد ما شاهدناه من قتل وقمع واعتقال، قررت ألا أهاجر أو أترك بلدي أو حتى أعتقل أو أقاتل أخوتي في حال سُحبت إلى خدمة العلم، بعت سيارة الأجرة التي كنت أعيش منها وانتقلت نحو ريف اللاذقية المحرر وانضممت إلى إحدى الكتائب المقاتلة وأرى النصر قريباً جداً في العام القادم إن شاء الله".
ارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين لقمة العيش ازداد في هذا العام
ما ميز عام 2015 هو الارتفاع الجنوني في الأسعار والذي يعزوه الجميع إلى ارتفاع الدولار الذي من المتوقع أن يرسو في نهاية العام (400 ليرة مقابل كل دولار أميركي)، فارتفعت الأسعار بشكل جنوني دون زيادة الرواتب أو مراعاة المواطنين ذوي الدخل المحدود، يقول "أبو هشام"، رب أسرة من ثلاثة أشخاص: أصبحت حياتنا عبارة عن عمل وطعام ونوم، روتين قاتل، منذ الصباح في الدوام، وبعد الدوام في إحدى الورشات، وابني يعمل أيضاً وزوجتي تساعدنا، كل هذا فقط من أجل إيجار المنزل والطعام والفواتير!!، يعدوننا في العام الجديد بزيادة بالراتب ولكن "شفناكن فوق وشفناكن تحت".
بينما يتأمل الطفل "خليل" وهو من اللاجئين في المدينة، أن يعود إلى مدينته "حلب" إلى مدرسته وأن يترك بيع "المناديل الورقية والعلكة" عند إشارات المرور، ويلتقي مع أخيه الذي يخدم في جيش النظام بعدما تم اعتقاله عند أحد الحواجز بسبب عمره الذي يشمل سن الاحتياط.