أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (Süddeutsche Zeitung)
يعتبر أبو بكر البغدادي الإرهابي الأخطر في العالم على الرغم من عدم معرفة العالم الكثير عنه. خليفة دولة داعش يتجنب الأضواء بل وحتى يصعب الحصول على صور له حتى الآن وبقيت تفاصيل مهمة عن سيرته الذاتية غير معلومة.
فريق من صحيفة زيودتشه زيتونغ وقناة أيه آر دي الألمانيتين نجح بتحديد مكان صور غير معروفه والكثير من الوثائق من حياته. من بين الوثائق أيضاً نسخ من شهادات تخرجه المدرسية وتظهر أنه كان بارعاً في الرياضيات ولكن توجب عليه إعادة أحد السنوات الدراسية وكذلك ملفه الدراسي في جامعة بغداد. كما وتمكن المراسلون من التحدث مع بعض جيرانه وأصدقائه. الحقائق المكتشفه حديثاً تظهر شخصاً أحب السلطة منذ وقت مبكر وتم استثناؤه من الخدمة العسكرية لأسباب طبية وعمل كمؤذن ومدرس لتحفيظ القرآن وأصبح ارهابياً في خضم الحرب الأهلية العراقية. ومع امتلاكه لشهادة دكتوراه في الشريعة، فإنه قادر على إيجاد تبرير ديني حتى لأسوء الفظاعات التي يرتكبها مقاتلوه.
ها هي في ضوء الصباح، إنها سامراء، المدينة المقدسة. كانت فيما سبق مقراً للخليفة واليوم هي على قائمة التراث العالمي وتمثل واحداً من أهم مزارات الشيعة حيث دفن إثنين من أئمة الشيعة. تنعطف طائرة الهيلوكوبتر التابعة للجيش العراقي الى اليسار فتظهر من النافذة بقايا قصور كانت رائعة فيما مضى، والقبة الذهبية لمسجد العسكري والمنارة الملوية المشهورة عالمياً والتي يتجاوز عمرها الألف سنة.
الجنود على الأسلحة الرشاشة الثقيلة يضعون أصابعهم على الزناد، فخط الجبهة يبعد 15 كيلومتراً من هنا، وهذا يعتبر نجاحاً، فمسلحو داعش كادوا يسيطرون مركز المدينة قبل عام مضى.
تهبط الطائرة في قاعدة عسكرية حيث تصطف عربات مدرعة. وبحسب الحكومة العراقية، فإن التجول في سامراء بدون حماية خطر جداً، خصوصاً إذا ما كنت تخطط للذهاب الى المكان الذي ولد في رجل وجهه وأسمه يثيران الفزع من حول العالم، أبو بكر البغدادي، القائد الذي نصب نفسه خليفة على ما يسمى بداعش.
ولد هنا في سامراء قبل 44 سنة. هنا ذهب الى المدرسة ولعب كرة القدم في الشوارع الضيقة ويقال أنه كان يتقنها. علم الأطفال القرآن والأشخاص لايزالون يتذكرون صوته العميق والجميل الذي كان يتلوا به السور، وكانوا يسمونه "المؤمن".
اليوم سامراء يسودها الحزن وهي تضج باللاجئين الذي جاؤوا إليها بالآلاف هرباً من عصر الإرهاب الذي بدأه البغدادي وجزاروه في مناطق واسعة من العراق وسوريا. هنالك لاجئين في كل مكان، حتى في بيت عائلة البغدادي نفسه.
يقع المنزل في المناطق الجنوبية الغربية للمدينة حيث تتباعد المنازل وتبدأ الحقول بالإنفتاح ويقود طريق غير معبد إلى المنطقة مليء بالحفر والمطبات بفعل الأمطار. إنها منطقة سنية، وحتى الان لايزال الأصدقاء والجيران يعيشون هنا. جلسوا في غرف معيشتهم ولم يكونوا يصدقوا أعينهم وهم يشاهدون البغدادي وهو يصعد على سلم منبر جامع النوري الرائع في الموصل في الرابع من يوليو الماضي وكان مسلحو داعش حينها قد هزموا لتوهم قوات الجيش العراقي وسيطروا على الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد. مثل ذلك أكبر انتصار لداعش حتى الآن، وحينها ومع أول يوم جمعة في رمضان، أعلن البغدادي نفسه كأمير للمؤمنين وكان قبل ذلك قد نصب نفسه كخليفة.
يظهر أحد جيرانه إلى المشهد وهو يرتدي "الجينز" وياقة سترته الجلدية ترتفع لأعلى وكانا صديقان منذ الطفولة، ويقول "لطالما كان مهووساً بالسلطة وأحب أن يكون قوياً ومؤثراً، قرأت عن الموضوع في فيسبوك ولكن الأمر أذهلنا حين قدم نفسه كخليفة فجأة".
يقع منزل عائلته في نهاية الشارع ويحيطة سياج مرتفع مع بوابة معدنية مع فسحة أمامية صغيرة تعبرها لتدخل 3 غرف مظلمة. عشيرة البغدادي اختفت منذ سنتين على الأقل، بعضهم هرب والبعض الآخر في السجن ومن ضمنهم أخوه شمسي الذي كان ضابطاً في جيش صدام حسين، قريبين من اقربائه، بضمنهم عمه، تم القاء القبض عليهم هذا الأسبوع. وقبل أن يسمح لنا برؤية المنزل بشكل سريع، يفتش جنود يرتدون الأقنعة البناية خوفاً من تفخيخها، حتى أنهم ينظرون داخل قدور الطبخ. اللاجئون يجلسون على الأرض وهم يسعرون بالحيرة والخوف بعدما علموا لمن يعود البيت الذي لاذوا به. يلوح لنا الأطفال بالوداع، بينما يطلب من والدهم عدم الإفصاح عن أسمه تحت أية ظروف.
يتكرر هذا الطلب كثيراً حين تقوم بالستفسار عن ابراهم عواد ابراهيم البدري، وهو الاسم الحقيقي للبغدادي، ويتطلب الأمر شهوراً للتحقيق في أي شيء، حتى أن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يوافق على دعمنا إلى بعد طلبات مطولة. إنها بداية جهود لمعرفة المزيد عن أخطر ارهابي في العالم على الرغم من عدم معرفة العالم بالكثير عنه.
كانت هناك صورتان فقط له قبل أن يقوم بظهوره العلني في الموصل. البغدادي يتجب الظهور بشكل علني على العكس من أسامة بن لادن في أيامه والذي جاء ليأخذ مكانه بكونه الرجل المطلوب الأول في العالم. ويبدو أن تحفظه المفرط يسبب الإزعاج حتى لداعش نفسها، ففي عام 2013، نشرت المجموعة ما يشبه السيرة الذاتية له، وذكرت حينها أن عدم ظهوره العلني لا يتعلق بعدم بلاغته أو ضعف حجته.
وخلال بحثنا عن التفاصيل، التقينا بجيران واصدقاء البغدادي وكذلك برجال دين كان يؤم الصلاة في مساجدهم وكذلك التقينا برجال مخابرات وضباط شرطة ورئيس الوزراء العبادي وعميد الكلية التي أنها بها البغدادي درجة الماجستير وتبعها بالدكتوراه في الفقه الإسلامي. علمنا أنه كان طالباً جدياً وخطيباً موهوباً. لدينا نسخ من أول هوية صدرت له عام 1980 ورقمها 234250 وكذلك شهادة الأحوال المدنية الخاصة به. وشاهدنا شهادة التخرج من المدرسة الثانوية في مدرسة الأولاد في سامراء حيث حصل على 481 درجة من أصل 600 وشهادة صحية من جامعة بغداد تخبرنا أن الخليفة يعاني من قصر النظر.
تظهر لنا ست صور لم تكن معروفة من قبل، من بينها صورة تظهر فتى مليء الوجنتين ينظر إلى الكاميرا بشكل جدي. اليوم، يرتدي العمامة السوداء كدليل على تحدره المفترض من عائلة النبي. داعش تدعي أن قائدها وكما هو حال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ينحدر من قريش، ولكن لايوجد أي دليل على ذلك.
كل زيارة تعطي فريق صحيفة زيودتشه زيتونغ و أن دي آر و دبليو دي آر معلومات أكثر عن هذا الرجل الذي يطلب البيعة من اتباعه ويطلب منهم ارتكاب فظاعات حتى القاعدة ترى أنها تتجاوز الحدود. مع ذلك، كل الأشخاص الذين تكلمنا معهم يسالون، بل بالأحرى يطلبون بإلحاح عدم كشف أسمائهم فخوفهم من الإنتقام كبير جداً. أحد الجيران قال لنا "تحدث أحد الرجال هنا عن أحد قادة القاعدة، وبعد أسبوع كان ميتاً".
بحسب الوثائق الرسمية، ولد في الأول من يوليو عام 1971، وهو الثالث بين اخوته الأربعة وينحدر من عائلة جيدة ومعروفة، إنهم مزارعون بحسب جيرانهم، ولكنهم متدينون ومحترمون ومن طبقة متوسطة. أخوه الأصغر توفي أثناء الخدمة في الجيش العراقي وأثر ذلك على البغدادي لاحقاً. كان البغدادي من الطلاب الجيدين في سامراء لكنه لم يكن من المميزين. في عام 1989-1990 توجب عليه إعادة العام الدراسي، تخرج من المدرسة في عام 1991. وكان بارعا في الرياضيات والجغرافية وجيدا في الاقتصاد، لكنه واجه بعض المشاكل في اللغة الانكليزية. حصل على درجات اضافية لكونه شقيق شهيد وكان تلك هي الطريقة التي يسير فيها النظام التعليمي في زمن صدام حسين وبحسب شهادة تخرجه من المدرسة الثانوية والمؤرخة في 14 سبتمبر 1991فأن سلوكه كان جيدا.لم يخدم في الجيش لأسباب طبية ولم ينظم لحزب البعث الحاكم.
الفتى من مدينة سامراء يقدم على مقعدا في الجامعة، فهو يريد ان يترك محافظته ليدرس في بغداد. الفقه لم يكن الخيار الاول لخليفة اليوم، على الاقل هذا ما تخبرنا به اوراق تقديمه الجامعي فالعراق يملك نظام تقديم مركزي للجامعات، البغدادي قدم على كلية القانون لكن درجاته لم تكن تكفي للدراسة فيها.
كلية اللغات والتربية كانتا من ضمن الطلبات الاخرى الموثقة لكن لا توجد معلومات تشرح سبب انضمامه الى كلية الشريعة الاسلامية في جامعة بغداد حيث بدأ بقسم القانون والشريعة ومن ثم انتقل الى قسم العلوم القرانية لاحقا.
رسائله الموجهة الى الاساتذة كانت تبدأ بعبارة بسم الله الرحمن الرحيم ولكنها كانت عبارة دارجه يستخدمها اغلب العراقيين، البغدادي درس علم ترتيل القران واستغرقته درجه الماجستير فترة طويلة بسبب وفاة احد اساتذته وسفر استاذه الاخر الى اليمن، طلب البغدادي تمديد فترة رسالة الماجستير عدة مرات، تخرج في عام 1999 وكان عنوان رسالته "روح الطالب في ترجمة لاليء الايمان في انظمة تلاوة القران"، وبعد ذلك قدم على الدراسات العليا.
كان في محافظة الانبار وتزوج اولى زوجاته وذلك عندما هاجم الامريكان للمرة الاولى في 2003، ثم في بغداد حيث كانت قصور صدام تقصف الليلة بعد الاخرى، الجامعة لا تبعد سوى 5 كيلومترات عن المجمع الحكومي وعندما كان يأتي البغدادي للدراسة يجد الدوريات الحكومية امام الجامعة.
تم اعتقاله في 4 فبراير 2004 لاسباب مجهولة حتى الان، كانت تلك الاشهر التي تشكلت فيها المقاومة في العراق لتأتي بتشكيل قوي للقاعدة مدعومة بالقبائل السنية في العراق والتي فقدت القوة والنفوذ بعد سقوط حكم صدام حسين.
انها لمفارقة مرة فجورج دبليو بوش برر الحرب بكذبتين الاولى هي اسلحة الدمار الشامل والثانية هي العلاقات المفترضة بين نظام صدام والقاعدة، اما في الحقيقة ان تشكيلات القاعدة لم تنمو في العراق الا بعد الغزو الامريكي ومجلس الشيوخ الامريكي سيقول في تقرير لاحقا ان صدام حسين كان يرى الالاهابيين كتهديد لنظامه.
يعتقل البغدادي في الجنوب في واحدة من اكبر السجون في البلاد، وغالبية حراس هذا السجن هم ضباط شرطة من نيويورك وتتم تسمية المجمع المزدحم بالسجناء على اسم رجل الاطفاء رونالد بوكا والذي مات في هجمات 11 سبتمبر.
وتبين لاحقا ان سجن بوكا كان خطأ كارثيا اخر ارتكبه الامريكان، فالزنزانات مليئة برجال دين متشددين وجنود عراقيين تم تسريحهم من الجيش ورجال مخابرات. هنا اجتمع جهاديون مخلصين مع ضباط جيش يملكون خبرة في القتال في مكان واحد.
مجمع السجن استضاف تقريبا جميع قيادات داعش التي نعرفها اليوم، اغلبهم التقوا هنا للمرة الاولى وحتى هذا اليوم فأن العراقيين يطلقون تسمية "الاكاديمية" على سجن بوكا. رئيس الوزراء الحالي العبادي يقول "نعاني كثيرا من الاشخاص الذين كانوا معتقلين هناك".
بقي البغدادي هناك لفترة قصيرة وتم اطلاق صراحه بعد 10 اشهر اي في الايم الولى من ديسمبر 2004، لجنة المراجعة والتسريح في الجيش الامريكي امرت بأطلاق سراحه الغير مشروط، ولا احد يعرف اذا ما كان ذلك خطأ قاتلا كما يعتقد العبادي ام ان البغدادي كان حقا لا يمتلك اي صلة مع القاعدة.
هنالك الكثير من القصص حول الفترة التي قضاها في السجن واحدها تعود الى قائد مجمع السجن والذي قال له البغدادي عند اطلاق سراحه"اراك في نيويورك"، السيناتور الامريكي جون ماكين يجب اقتباس هذا القول لأثبات الخطط التي كان يملكها البغدادي ولكن ذلك القائد تم تعيينه في سجن بوكا في عام 2008 اي بعد 4 سنوات من اطلاق سراح البغدادي.
ملفه الجامعي يحوي على ملاحظة عن غيابه والاشخاص هناك يعلمون السبب، في 30 يونيو كتب استاذه "تغيب بسبب اعتقاله"، يعود البغدادي الى الجامعة بعد اطلاق سراحه وعلى الرغم من عدم معرفة اي شخص بصورة مؤكدة متى تحول طالب الفقه الى ارهابي الى ان هناك الكثير من العلامات ان ذلك حدث في الفترة الاخيرة من اعتقاله فالتغير في البغدادي اصبح ملاحظا.
الطوبجي، هو حي في شمال غرب بغداد ويقطنه خليط من الشيعة والسنة ومسجد الزيدان يقع في وسط ذلك الحي ومدخل المسجد محمي ضد الهجمات الارهابية بحواجز كونكريتية كبيرة ونرى اكوام من المقامة تحترق في نهاية الشارع، يرحب بنا الامام وهو رجل قصير متواضع والذي لازال يتذكر جيدا كيف ان البغدادي درس ترتيل القران للاطفال وكيف كان يؤذن ليدعو الناس للصلاة.
في ذلك الوقت كان البغدادي المؤذن في هذا الجامع وكان ودودا وغير ملفت للانتباه، ولكن دائما ماكان يتواجد مع اشخاص غرباء، انضم الى مجموعة تابعة لرجل دين يدعى بالشيخ عمر وهي تحرض على عداء الشيعة.
اراد الامريكيون اعتقاله وجاء الجنود ولكن النساء قاموا يقذفهم بالاحذية واستطاع الشيخ عمر الهروب، لم يزعج احد البغدادي فهو يعيش في منزل في الجهة المقابلة من المسجد واستأجر غرفة في الطابق الثاني في العام 2006وكان قد اكمل شهادة الماجستير ويدرس طلاب البكالوريوس في قسم التعليم ويعمل على تحضير شهادة الدكتوراه.
مرة اخرى العراق يغرق في الفوضى فالقاعدة ترمي بالقنابل في كل مكان في البلاد لتقتل دون تمييز ما تصفهم بالسنة المرتدين واكثر من ذلك الشيعة الذين يمثلون غالبية السكان، الارهابيون بقيادة ابو مصعب الزرقاوي الذي كان مجرما لفترة سابقة وترك دراسته في الاردن، في عام 2006 تم تفجير المرقد العسكري في سامراء والذي يعتبر احدى مقدسات الشيعة ، انها حرب قاسية بين الأشقاء حتى ان القاعدة تجدها تفوق الحدود، ينشب خلاف بين الزرقاوي وقادة القاعدة المحيطين بأبن لادن.
هناك الكثير من التكهنات هذه الايام حول اذا ماكان البغدادي طالبا لدى الزرقاوي، ويشمل ذلك الخلاف مع قيادة القاعدة والكره الشديد للشيعة وقطع رؤوس الرهائن الذين يجبرون على ارتداء بدلات برتقالية مشابهة لبدلات السجناء في غوانتانامو، الزرقاوي فعل ذلك بيديه وكذلك الأمر مع داعش التي أمرت بتصوير هذه الفضائع، الزرقاوي أعتبر كل حالة قتل او هجوم نجاح كبير اذا تم تحميله على الأنترنيت. البغدادي أخذ ذلك بحرفية أكثر وبدأنا نشاهد هجمات انتحارية وقطع رؤوس وحرق كما في حالة الطيار الأردني كلها مصورة بأخراج دقيق مثل افلام هوليود.
هل يمكن لذلك ان يكون صدفة؟ لا يوجد دليل يظهر ان الزرقاوي والبغدادي كانوا على صلة. الحكومة العراقية كذلك لا تستطيع ان تحدد متى تحول البغدادي الى جهادي متشدد. "لدينا معرفة قليلة جدا بتاريخه" يقول رئيس الوزراء العبادي. شخص مطلع من الأوساط السلفية من بغداد يدعي ان الخليفة الذي نصب نفسه كان قد انضم الى الأرهابيين بعد اطلاق سراحه من بوكا ولكنهم اعطوه تعليمات بأن ينهي دراسته اولا.
ولكن على اية حال فأن تسلسل الأحداث لايدعم فرضية ان الزرقاوي والبغدادي كانا على صلة. في يوليو 2006قتل الزرقاوي في بستان للنخيل في شمال بغداد. لعدة أشهر بعد ذلك يستمر البغدادي بكونه طالب لا يثير الشبهات ثم يأتي امام لجنة المناقشة في الساعة التاسعة تماما في يوم 13 مارس 2007. أطروحته بعنوان " اللاليء المميزة في شرح شعر الشاطبي من التقديم الى فصل الهمزتين في كلمة واحدة- تحليل وتحقيق"، أعجب أساتذته بالأطروحة وحصل على درجة "جيد جدا".
المشرف على دراسته وهو استاذ في كلية التدريب في تكريت كان غير قادر على حضور المناقشة بسبب "الظروف الراهنة" وتعني الحرب الأهلية حينها و توجب عليه ان يقدم رأيه بالأطروحة كتابتا وكان رأيه مخالف للجنة اذ كتب يقول " هناك الكثير من الأخطاء الكتابية والأملائية واخطاء في أستعمالات حروف الجر كما أن حروف التنقيط لم يلقى لها أهمية في العديد من الصفحات" ويضيف قائلا عند تصحيح كل ذلك سيكون من المبرر منحه درجة 82 من 100 وهي الدرجة التي منحته أياها اللجنة.
سألنا عميد الجامعة بينما كنا نتناول الشاي عن الأطروحة فداعش تفخر دائما ان قائدها أستاذ ومدرس ورجل دين معترف به. اذا ما الذي كتبه النسخ الثلاثة قد سرقت بحسب عميد الكلية، ويمكن ان تعرفوا كم يشعر بالسوء تجاه هذا الطالب السابق. وقضى وقتا طويلا وهو يشرح لنا بأن البغدادي درس فقط علم التجويد وهذا لا يخوله تفسير القران الكريم.
يختفي البغدادي مباشرة بعد حصوله على شهادة الدكتوراه ولا نستطيع الحصول على اية وثائق عن حياته في هذه الفترة ويبدو أن شهادة الدكتوراه ساعدته كثيرا في صعوده ليصبح خليفة. وبحسب الحكومة العراقية والمخابرات الغربية ذهب الى ديالى وسامراء بعد الحصول على شهادة الدكتوراه من اجل القتال هناك وأصبح عضوا في مجلس شورى المجاهدين حيث أصبح مسؤولا في تفسير الشريعة. الان أصبح خريج من جامعة بغداد ومسؤولا عن تبرير الفضائع الأرهابية والتي أخترعها مجرم من الأردن يدعى الزرقاوي.
هناك الكثير من الوقائع تشير الى أن دور البغدادي كمفسر للشريعة منحته دفعة قوية، فرجل دين مع شهادة عليا ممن يجد تبرير لأسوء الفظائع والأعمال الوحشية هو أمر نادر، فأبن لادن درس أدارة الأعمال والهندسة المدنية أما خليفته أيمن الظواهري هو طبيب جراح.
في مايو 2010 يختار الجهاديون في العراق البغدادي كأمير لهم وبدأت الأنتصارات تتوالى منذ ذلك الحين. ارسل جنوده الى سوريا وسيطروا على أجزاء من البلد وبدأ المقاتلون الأجانب بالأنضمام له مما زاد من قوتهم لذلك عادوا ليهاجموا شمال العراق. في ابريل 2013 تم الأعلان على مايسمى بالدولة الأسلامية.
في يوليو 2013 أمر البغدادي بالهجوم على جميع السجون في العراق، محررا بذلك أخطر الأرهابيين في البلاد ممن أنضموا الى داعش لاحقا. في ديسمبر 2013 نشرت مجلة "التايم" صورته التي أخذت خلال تواجده في بوكا وعنونتها "صعود نجم القاعدة الغامض". وفي تلك الفترة كان على وشك الأنفصال عن القاعدة.
البغدادي لا يتبع أحد. أنه فتى طموح من شوارع سامراء الترابية، فهو يطلب البيعة من أرهابي العالم.
في هذه الأيام يعتقد أنه يتنقل مابين الرقة التي تمثل عاصمة خلافته والموصل. في نوفمبر 2014 أعلنت الحكومة العراقية مقتله لكن ذلك لم يكن صحيحا. ويواصل جنود الخليفة القتل، وأخر عمليات القتل هذه كانت في سواحل ليبيا على المتوسط. أتبعه اليوم في كل مكان حتى في داخل ميدنة كوبنهاغن.
في سامراء يحث الجنود العراقيين المراسلين بالأستعداد للمغادرة "المكان خطير هنا ويجب أن نغادر". وعندما نهم بالمغادرة يقول لنا أحد جيران البغدادي " حتى أن أصدقائه ممن ذهبوا معه الى المدرسة قتلوا على أيدي داعش ثم تجد أنه هو أمير هذه المنظمة، أنه لأمر مخيف حقا".