أخبار الآن | ريف حماة – سوريا- (نجوى بارودي)
لا تقل أهمية الأمن الغذائي عن مواضيع الأمن الأخرى كالأمن الداخلي والأمن السياسي والاجتماعي، لاسيما وأن الغذاء أولا وأخيراً هو المصدر الوحيد للحياة.
ولكن يبدو أن النظام المتمثل بشبيحته يقومون بخرق شتى أنواع الأمن منتهكين عرض الحائط كل ما قد يديم بعمر المواطن السوري.
القطاع الزراعي في مهب الريح
من المعروف أن الزراعة تشكّل مصدر الدخل الأساسي لأهالي ريف حماة، كباقي الأرياف في المحافظات السورية باعتبار أن 40% من أراضيها صالحة للزراعة بكافة أنواعها التقليدية والرعوية، ويعمل حوالي 62% من السكان بالزراعة، أما الباقون فيعملون بالتجارة والصناعة والحرف اليدوية.
لكن ومنذ اندلاع الثورة السورية، وأينما جلت في الريف الواسع لن ترى سوى أراض غير مزروعة أو صحراء قاحلة لا إنس عليها ولا طير، وآثار الحرائق بادية للعيان بفعل همجية ووحشية النظام السوري الذي اتخذ من حرق الأراضي المزروعة وسيلة أخرى جديدة ليشن حربه الاقتصادية على المناطق التي ثارت في الريف الحموي.
أين ذهبت خيرات الاراضي الزراعية
يعتبر الريف الشرقي والشمالي في محافظة حماة منبعاً أساسياً للقمح في سورية، مئات الدونمات سيطر عليها جيش النظام حارقاً الأخضر واليابس في القصف العشوائي الذي طالها وكأنه لم يكتف بقتل وتشريد سكانها فكان الشجر ضحيتهم التالية.
يقول "أبو أحمد" فلاح من قرى الريف الشرقي: "أشهر عديدة نحفر ونزرع ونسقي مئات الدونمات والتي خيراتها مصدر رزقنا الوحيد، بليلة واحدة وبعدة قذائف حرق ما انتظرناه منذ أشهر وما تبقى سرقه أعوان النظام ورجالاتهم دون أن نستطع أن نتفوه بكلمة واحدة لأن مصيرنا معروف حينها".
"سالم" وهو أيضاً صاحب إحدى الأراضي، يقول: "كنت وبشكل يومي أنقل مئات الأطنان من الخضار والفواكة إلى مدينة السّلمية لبيعها في "سوق الهال"، لكن حواجز النظام كانت تقف لنا بالمرصاد وبشكل يومي لتستولي على تسعين بالمائة مما ننقله وإن لم يجدوا الكمية كافية يأخذون ما نملكه من مال عنوة وبتهديد السلاح .. تكرر ذلك معي ومع أقاربي عشرات المرات ومن حينها ونحن لا نبيع محصولنا خارج القرية التي نسكنها ولكن ذلك سبب لنا خسارة كبيرة وسوء معيشة لأن لا أحد منا يملك دخلا إضافيا غير ما نكسبه في الزراعة".
محاصيل زراعية .. حرق وسرقة
أما "سعيد" فيعتبر أن حصاد القمح أو قطاف الزيتون بمثابة المهمة المحفوفة بالمخاطر، يقول: "نحاول التحايل بشتى الطرق ولكن قذائفهم ورشاشاتهم لم ترحمنا وإن لم تذهب مواسمنا حرقاً ذهبت غالبيتها سرقة لجيوبهم، نضطر في الغالب للحصاد قبل الأوان متحايلين عليهم كي نحافظ لو قليلا على ما ننتجه أو لسد التكلفة على الأقل".
أصبحت الزراعة عبئاً كبيرا على الفلاحين الذين تحول معظمهم إلى زراعة أراضي لا تتجاوز عشرات الأمتار لزراعة ما يستهلكونه بشكل يومي من الخضار الموسمية كي ترد رمق جوعهم وكي لا يتعرضوا لاستغلال الحواجز والشبيحة المتعاملين مع تجار السوق السوداء في بيع الأسمدة والمازوت الذي يعتمدون عليه باستجرار المياه .
قرى كاملة ككفر زيتا واللطامنة والمبعوجة تحولت إلى أراض سوداء لا بشر فيها ولا شجر بفعل همجية النظام وحرقه وتضييق وقطع أرزاق كل من قد يقف بوجهه معارضاً.