أخبار الآن | ريف حمص – سوريا (يوسف أبو يعقوب)

يوماً بعد يوم يعود شبح الحصار ليهدِّد مناطق ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي الخاضعين لسيطرة المعارضة، ريفان متصلان ببعضهما، ومنفصلان عن بقية مناطق سيطرة المعارضة، حيث يسيطر النظام السوري على مجمل الطرق الواصلة إليهما. فبعد فشل قوات النظام في استرداد مناطق هذين الريفين عسكرياً، وخاصة في حملته الأخيرة التي شنها واستطاع الثوار صدّه، لجأ عندها النظام إلى سياسة قطع الإمدادات عنهما فباتت الحل الوحيد، حيث بدأ بتنفيذه تدريجيا وبتخطيط روسي وسط تعتيم إعلامي غير مسبوق.

لا يخفى على أحد من سكان مناطق الريفين الذين يفوق عددهم 300 ألف مدني أن حصاراً قاسياً بانتظارهم مع بدء منع المواد الغذائية من الدخول إلى تلك المناطق، ومع اقتناع غالبية السكان بأن سياسة الحصار باتت مجدية للنظام، وقد حققت له مكاسب واضحة في الوعر قبل فترة قريبة، وفي حمص القديمة قبل حوالي عامين.

سياسة قطع طرق الإمدادات ومنافذ الحياة

مراسل أخبار الآن التقى مع الناشط الإعلامي "عامر الناصر" وأفادنا بأنها حملة روسية صاحبة نفس طويل، وذكر بأن أهدافها قطع طرق الإمداد من موارد معيشية ومواد غذائية وما شابه ذلك عن المدنيين وكتائب الثوار وفرض السياسة المتبعة من قبل النظام "الجوع أو الركوع" كما حصل في مضايا والزبداني ودير الزور، وهو حصار مطبق يمارسه النظام في مناطق ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، كونه يتحكم بالطرقات الأساسية التي تصل تلك المناطق مع المناطق الأخرى، وهي ثلاثة طرق كان يتم من خلالها إدخال المواد الغذائية والمستلزمات المعيشية.

أول معابر الريفين التي أغلقها النظام كان طريق "الدار الكبيرة"، حيث خرج هذا الطريق عن الخدمة بسيطرة قوات النظام عليه عام 2013، ليبقى لمناطق الريفين طريقان هما تيرمعلة بريف حمص الشمالي وطريق قرية "جنان" بريف حماة الجنوبي، حيث أغلق الأول جزئياً قبل فترة قريبة 15/10/2015 مع بدء المعارك، فيما أغلق الثاني بتاريخ 1/1/2016 مع سيطرة قوات النظام عليه.

أدى إغلاق الطرقات، إلى ارتفاع كبير في مجمل الأسعار، وبشكل خاص في أسعار المحروقات؛ الذي وصل حده الأعلى خلال الشتاء الحالي، ليلجأ الناس إثر ذلك إلى استخدام ما توفره البيئة المحلية في التدفئة، بل وجمع أكياس النايلون والألبسة القديمة وروث الحيوانات.

وتبعاً لإغلاق الطرقات أيضاً، فإن أسعار المواد الغذائية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، ومترافقاً مع انعدام فرص العمل، وصعوبة خروج السكان باتجاه مناطق أخرى "مناطق المعارضة أو مناطق النظام" بفعل سيطرة النظام على مختلف المعابر.

يقول الناصر: "من الواضح أن النظام يسعى إلى إرغام سكان ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي على توقيع هدنة ما، كما حصل في حمص القديمة والوعر، خصوصاً أن تلك المناطق هي آخر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بين مدينتي حمص وحماة".

الهدف العسكري من الحملة

تعتبر مناطق ريفي حمص وحماة من أكثر المناطق السورية التي تشهد تغيراً سريعاً في خرائط السيطرة، بين تقدم طرف وتراجع آخر وبشكل مضطرد، وفي هذا الصدد يقول "أبو عدي الحموي" أحد القادة العسكريين بريف حماة الجنوبي: "بعد فشل قوات النظام في الحملة الأولى على مناطق تيرمعلة، والمحطة، وسنيسل بريف حمص الشمالي من جهة حمص المدينة، بدأت قوات النظام بحملة جديدة من جهة ريف حماة الجنوبي لإحكام الحصار على ريف حمص الشمالي لتتمكن من السيطرة على عدد من القرى بريف حماة الجنوبي"، مضيفاً أن قوات النظام "عملت على التقدم في محورين: الأول من قرية الجرنية الواقعة غرب العاصي باتجاه المناطق المحررة شرقي العاصي، والثاني محور تلدرة وقبة الكردي، مستهدفةً قرية القنطرة، وبريغيث التي تعتبر بوابةً دخول لريف حمص الشمالي، وشهدت المناطق التي تقدَّم فيها النظام حركة نزوح كبيرة نتيجة حِدَّة المعارك والقصف الشديد".

ووفق القائد أبو عدي فإن بعض الطرق باتت "ساقطة نارياً؛ فهي مرصودة من مواقع النظام، ولا يستطيع الثوار دخولها إلا ليلاً، والطرق هناك مكشوفة على جبل البحوث العلمية وجبل 47 اللذين تتمركز فيهما قوات النظام، مع وجود عدد من الحواجز على أطراف هذه القرى، وهو ما يساهم في قطع طرق الإمداد والإغاثة".

يهدف النظام من هذه العملية إلى تأمين أوتوستراد حمص – سلمية، وتشكيل خطٍّ دفاعي متقدِّم عن مدينة حماة من الجهة الجنوبية والشرقية، وإعادة تمركز قوات النظام في المنطقة، ونصب حواجز جديدة لتضييق الخناق بشكل أكبر على ريف حمص الشمالي.