أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (شاهين ميداني)
من لم يمت أمس بالسلاح الكيماوي سيموت غدا من الجوع، عبارة تلخص سياسة نظام بشار الأسد تجاه المدن السورية المحاصرة بشكل عام، ومدينة المعضمية بشكل خاص. فعلى الرغم من اتفاق الهدنة الذي وقعته فصائل المعارضة المسلحة أواخر العام 2013 مع النظام، إلا أن قوات الأسد دأبت على خرق الاتفاق بشكل سافر، لا بل قصفت المدينة بالغازات السامة أواخر العام الماضي 2015.
هذا ما ذهب إليه الصحفي الألماني باول كروجر الذي قال في تقرير صحفي لدويتشه تسايتونغ أن "الهدن وعمليات وقف إطلاق النار المحلية التي تتم بوساطة من الأمم المتَّحدة، وغالبًا ما تكون الفرصة الوحيدة لمساعدة الناس المحتاجين، هي في العادة ليست سوى تنازلات من المعارضين المسلحين يتم فرضها بفعل الحصار. والنظام يسجلها على أنَّها نجاحات مثلما كانت الحال في حمص؛ وينتابه شعور بالشجاعة ليضع المحاصرين في أي مكان آخر أمام هذا الخيار: إمَّا أن تستسلموا – أو أن تتم إبادتكم".
لجنة الصليب الأحمر الدولية تدق ناقوس الخطر
ومنذ أكثر من 20 يوما، يغلق النظام والميليشيات الموالية له المعبر الإنساني الوحيد للمعضمية، مانعاً دخول أبسط مقومات الحياة التي كانت تدخل أساسا بشكل شحيح، بهدف منع الأهالي من تخزين حاجياتهم الضرورية، كحليب الأطفال والأدوية الدورية لأصحاب الأمراض المزمنة، إضافة إلى الطحين والمواد الاستهلاكية الأساسية.
الناشط محمد المعضماني قال لأخبار الآن أن النظام بدأ يحصد ثمار حصار المعضمية، حيث توفي 3 من السكان، بينهم الطفل يوسف سعدية ( 3 شهور) بسبب سوء التغذية المزمن.. وأضاف المعضماني: كانت المواد الغذائية تدخل إلى المدينة قبل هذا الاغلاق التام بشكل يشبه عملية التقطير، كان يسمح بما سوف يستخدم فوراً ويوماً بيوم، النظام يبيت لحصار المعضمية منذ وقع اتفاق الهدنة"
وتعتبر مدينة معضمية الشام واحدة من أكبر مدن ريف دمشق الغربي ويقطنها عشرات الآلاف، كما لا يبعدها عن العاصمة سوى 7 كيلومترات، وهي خاصرة مدينة داريا التي يقصفها الأسد ويلقي عليها البراميل منذ سنوات دون أن يتمكن من استردادها حتى الآن، لذلك تسعى قوات الأسد لاقتحام مدينة المعضمية وقطع الطريق الذي يربطها بداريا لتطويع المدينتين وبدء مرحلة التغيير الديموغرافي بحسب السكان والمتابعين للشأن السوري.
من جانبها أوصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها أمس بضرورة رفع الحصار المفروض على جميع المناطق السورية من قبل النظام وحزب الله، بسبب الاحتياجات الإنسانية الكبيرة جداً. المسؤول الأعلى في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية ماريان جاسر قال أنه يجب اتخاذ كل الإجراءات لمساعدة أكثر من 400.000 سوري يعيشون في المناطق المحاصرة في جميع أنحاء البلاد". وأضاف أن المشاهد في مضايا كانت مفجعة، فالناس يائسون، ولا يوجد لديهم أي مورد للغذاء.
كما أكد المدير الإقليمي للشرق الأدنى والأوسط في الصليب الأحمر روبرت مارديني على وجوب رفع الحصار عن كافة المدن والقرى في مختلف أنحاء سوريا بشكل فوري ومتزامن، وأن يكون الوصول إلى تلك المناطق متاحاً ومؤمناً وغير مشروط.
هندسة ديموغرافية برعاية إيرانية
وقد ذكرت العديد من التقارير الصحفية أن إيران ومن خلال أدواتها كحزب الله والميليشيات الأخرى وبشار الأسد، تسعى إلى تعديل ديموغرافية المدن والبلدات التي تحيط بالعاصمة دمشق، وفق مخطط منهجي وأمام مرآى العالم دون أي اعتبارات. وحصار مضايا يكرر مشهد اتفاق (الزبداني/كفريا والفوعة) الذي انتهى إلى إبعاد مقاتلين من أهالي المدينة إلى ريف إدلب. ويأتي اليوم حصار مدينة المعضمية لارغام فصائلها المسلحة على الخروج مع عوائلهم وتفريغ المدينة لسكان جدد، سكان يناسبون المسعى الايراني الطائفي.
وأكدت مصادر صحفية متطابقة أن ممثل ميليشيا حزب الله والأجندة الإيرانية المدعو رفيق لطف، خيّر وفد المعضمية التفاوضي بين الاستسلام وتسليم السلاح، أو مغادرة المعضمية نحو إدلب، أو أن يدفن الأهالي وعددهم أكثر من 44 ألف نسمة وتدمر المدينة فوق رؤوسهم.