أخبار الآن | دمشق – سوريا (ميساء الحمادي)

عمد النظام السوري في حربه على البلاد والشعب إلى جميع وسائل القتل والتدمير، وجميعها باتت معلنة على مرأى ومسمع الجميع، فلا يكاد يخلو موقع أو محطة تلفزيونية من الصور ومقاطع الفيديو التي توثق ما يحدث في كل منطقة. لكن يوجد في الحرب هناك دائما وسائل غير معروفة أو موثقة تهدف إلى زيادة السيطرة وفرض القوة.

الموافقة الأمنية .. رعب الاعتقال والنوم في الحدائق

هذا ما يحصل في دمشق العاصمة، فهي اليوم لا تعاني من أزمة سكن فقط بل مصادرة للبيوت وتهجير ساكنيها بكل أساليب الترهيب لا الترغيب، هذا ما وثقه لنا "محمد" في حديثه عن تهجير العائلات والشباب، يقول: "لقد فرض النظام في الآونة الأخيرة الموافقة الأمنية على كل عائلة قادمة من مناطق الاشتباكات وتقرر الاستقرار في مناطق دمشق الآمنة، وهو ما جعل معظم العائلات تتجنب الإقدام على هذه الخطوة".

قُسمت دمشق وربطت تبعيتها بالأفرع الأمنية، على سبيل المثال الصالحية والميدان والشاغور تابعة للفرع رقم 40 والمزة للفرع 215 والزاهرة والصناعة بفرع فلسطين، وعندما يقرر أحدهم إخراج الموافقة الأمنية يتم "التفييش" له ويتم النظر في نشاطاته وعمله "هو وعائلته وأقربائه حتى الدرجة الثالثة" فإن ثبت على أحد التورط في الثورة أو من المعارضة يتم اعتقاله فورا، ولهذا فضّلت الكثير من الأسر القادمة من المناطق المشتعلة عدم الإقدام على هذه الخطوة مفضلة البقاء في الحدائق التي باتت تعج بهم وغير قادرة على استيعاب المزيد.

"أيمن" نازح من ريف حماة، بقي في سيارته الأجرة لستة أشهر متتالية، صباحا تبقى العائلة في الحديقة ويعمل هو عليها لكسب رزقه ومساء ينامون فيها".

مصادرة البيوت ودفع السكان للهجرة

وأما من كان يملك بيتا في منطقة مميزة أو حساسة فيتم إجباره على تأجير البيت بأجر  زهيد فإن رفض فالتهمة جاهزة "تمويل الأرهاب"، ولا يبقى أمامه في هذه الحالة سوى إعطائهم إياه دون عقد أو ورقة تثبت حقه.

وعلى صعيد مواز تتم مصادرة المنازل الفارغة وخاصة إذا كان سكانها محسوبين على المعارضة أو في دولة "معادية"، وهنا يصدر حكم فوري بمصادرة أملاكه وإعطائها لأشخاص موالين للنظام أو من المناطق الساحلية أو لأحد الضباط أو الشبيحة، وبهذه الطريقة يضمن النظام سيطرته على المربع الأمني في دمشق وعلى سكانها ولا يبقى في هذه الحالة أمام النازحين الجدد إلا خيارين: النوم في الشوارع أو الهجرة خارج البلاد.

ومع عجز الكثير منهم على تحمل تكاليف السفر يبقى أمامهم خيار الانضمام لهذه العصابة لقاء المغريات لشبابها وتمتعهم بما يحرم منه غيرهم. ومع صدور مرسوم الإيجار الجديد الذي يعطي الحق لعائلات الشهداء من الجيش أو عائلات أحد الضباط البقاء في البيت فلا يحق لصاحب البيت إخراجهم منه أو زيادة الإيجار.

تتهيأ سوريا لتقسيم غير معلن وتوزع ديمغرافي وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من أي معارض له وتوطين الموالين فقط من أبناء ملته، وبالتالي سيكمل الاحتلال كما يخططون له.