أخبار الآن | اسطنبول – تركيا (جابر المر)
بعد اتفاقها الأخير مع الاتحاد الأوروبي، أعلنت تركيا عن مجموعة من القرارات المتعلقة بدمج اللاجئين السوريين بالمجتمع التركي مما سيخفف من تدفق اللاجئين السوريين باتجاه دول أوروبا عبر طريق قتل المئات من الفارين من الموت.
تركيا التي أعلنت في العام الفائت أن عدة قرارات جديدة، تخص كيفية تشغيل السوريين، والنسب المسموح بها في كل مؤسّسة أو ورشة عمل؛ قد اتخذت إضافة إلى دراسة الوسائل التي تمكّن اللاجئين من الحصول على إجازات عمل نظامية؛ تبدو اليوم وكأنها أقرب للتحقيق.
موقف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كان حينها واضحا حيث أنّه لا يمكن أن يتجاوز عدد العاملين السوريين في أية ورشة عمل كانت، نسبة 10% من إجمالي عدد العمّال الذين يعملون فيها، كما لن يُسمح لأصحاب العمل بتشغيل السوريين برواتب تقلّ عن الحد الأدنى الممنوح للمواطنين الأتراك والذي يبلغ 864 ليرة تركية. أي ما يعادل 285 دولار أمريكي شهريا.
قانون العمل الخاص بالسوريين
الجديد الذي تشهده علاقة الحكومة التركية مع اللاجئين السوريين اليوم هو أن هذه القوانين عرضت قبل أيام على مجلس الوزراء التركي، بعد أن أوضح مساعد رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة التركية "نعمان كورتولموش" بمؤتمر صحفي أن "تصريح العمل الممنوح للسوريين، لن يحد من توظيف المواطنين الأتراك"، وأكد أنه "يمكن للأجانب الحاصلين على حماية مؤقتة، الحصول على تصريح للعمل بعد ستة أشهر من تاريخ تنظيم وثيقة الهوية المؤقتة".
وأضاف المسؤول التركي أنه "يحق للحاصلين على الوثيقة من وزارة الداخلية، العمل في الولايات التي يقيمون فيها، بشرط ألا تتجاوز نسبتهم الـ 10% من عدد العاملين في مكان العمل. مليونين و414 ألف لاجئ سوري يقيمون في تركيا، وقد منحت تصاريح عمل لخمسة آلاف و351 منهم"، وأضاف أن الإجراء الجديد يهدف "للحد من ظروف العمل السيئة والعمل غير المشروع للسوريين".
ردود فعل متباينة
تحدثنا "سمية" إحدى العاملات في معمل خياطة تركي في اسطنبول: "أنا أعمل هنا دون رخصة عمل، حيث يفضلنا صاحب المعمل التركي كسوريين لأننا لا نستطيع أن نجادله، نعمل في ظروف إنسانية غاية في الصعوبة بأجور متدينة وغالبا ما يتم الاحتيال علينا من قبل أرباب العمل، أنا متفائلة وأرجو من القانون الجديد أن يسمح لنا أن نحصل الحد الأدنى من حقوقنا، وأن نحصل على مقابل للجهد الذي نبذله خلال 12 ساعة عمل".
ولا يبدو "أحمد" عامل البناء متفائلا حين يخبرنا عن رؤيته للقرارات الجديدة: "نحن لا نحصل على أقل قدر من الحقوق، ولا نمتلك تأمين صحي أو اجتماعي، وبالنسبة للقرارات الجديدة فهي لا تعد بمثابة قانون، إنما هي قرارات صادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، وذلك بهدف منع تشغيل السوريين بالطرق غير القانونية وإخضاعهم لرقابة الدولة".
فنانون ومهندسون رأوا أن قرارات العام الفائت كانت منصفة وقاسية، وحيث أن القرارات هي نفسها ما نوقش في مجلس الوزراء فإن قانون العمل سيحضر بينما سيغيب العمل ذاته لأن من شروط توظيفهم أن يتقاضى الفنان 4 أضعاف ما يتقاضاه الفنان التركي، بينما يتقاضى المهندس السوري ستة أضعاف ما يتقاضاه التركي وهذا ما لن يفسح المجال أمام أي من الشركات أو المؤسسات بضم هذه الفئات من السوريين لقائمة العاملين لديه.
تتعقد الأمور وتتداخل كلما طال أمد الثورة السورية، وكلما تطاولت لظى النار يضطر اللاجئون إلى الاندماج بدلا من العودة إلى ديارهم، فتغيير ثقافة شعب، أو سكب فوضى معاناته ضمن قوانين ونظم ليس بالأمر اليسير على أي حكومة، وفي هذا الصدد مهما بدا ما تقوم به الحكومة التركية بيروقراطيا إلا أن نتائجه ستكون لصالح العامل السوري قبل سواه على أمل الحد من حجم المأساة.