أخبار الآن | عرسال – لبنان (أبو محمد اليبرودي)
لا يخفي القائمون على مخيمات النازحين في الحدود السورية اللبنانية مخاوفهم الكبيرة من مخاطر تخلف عدد كبير من الأطفال النازحين عن مقاعد الدراسة وعدم مقدرتهم من التفرغ لها وخاصة على المدى البعيد.
حيث يجبر معظم الأهالي على دفع أطفالهم للعمل بدلا من الدراسة بعد عجزهم عن تغطية تكاليف دراستهم لكي يعينوا أهلهم في مصاريف النزوح القاسية حتى ولو كانت المهن التي يمارسونها فيها خطر كبير على سلامتهم الجسدية والمعنوية.
هذا الأمر دفع عدة نشطاء وهيئات مدنية لتخصيص قسم من الدعم المقدم إليهم لإنشاء مراكز تعليمية لمحو الأمية، إضافة لتغطية مصاريف بعض المدارس مما يضمن محو أمية قسم كبير من أطفال المخيمات على أقل تقدير، ويأتي ذلك بعدما لمسوا بأن تخلّف الأطفال عن المدارس ينذر بأزمة على المستوى الفكري على المدى البعيد.
العمل منذ الصغر
يقول "أبو خالد" ابن القلمون النازح في عرسال: "لقد اضطررت لإرسال ابني للعمل كمساعد لأحد عمال البناء وذلك ليساندني في المصروف الشهري الذي يتطلب مبلغا لا يقل عن 400 دولار شهريا بين آجار للخيمة والكهرباء والخدمات الأساسية ومصروفنا الشهري، وبهذا أكون قد حرمته مجبرا من حقه في التعليم. ولكن بذلك يستطيع تأمين الجو والإمكانات المناسبة لأخته الصغيرة لتستطيع الالتحاق بالدورات المجانية التي تقيمها بعض الهيئات المدنية في المخيمات التي تتطلب منا تأمين حاجياتها و تفريغها للدراسة".
وتقول السيدة "فاطمة زهير" المسؤولة عن قسم محو الأمية في هيئة الرعاية في عرسال، أنهم استطاعوا في هيئتهم من استحداث قسم خاص بالتعليم يضمن على أقل تقدير محو أمية أكبر قدر ممكن من أطفال المخيمات، إضافة لتقديم دورات تعليمية أخرى لفئات عديدة وفي عدة مجالات كاللغة العربية والإنكليزية والرياضيات وحتى دورات التعليم على الحاسوب.
مبادرات تعليمية
وتضيف فاطمة" أنهم لم يكتفوا بالدورات التعليمية بل حاولوا القيام بندوات ودورات توعية اجتماعية للكبار حتى في المجال الصحي على سبيل المثال للتخفيف من انتشار الأمراض وتجنبها، بالإضافة لدورات السلامة العامة والإنجاب وما يتعلق بمثل هذه الأمور.
وتقول بأنهم استطاعوا بشكل مبدأي إنشاء 5 كرفانات خاصة لإقامة الدروس التعليمية في عرسال وتجهيزها بالمقاعد والألواح والطاولات والحواسب بحيث أنهم يستطيعون تغطية أكثر من دوام ضمن هذه الكرفانات، ويتوقعون بشكل تقديري أن تصل نسبة تغطيتهم في المرحلة القادمة لآلاف الأطفال من المخيمات مما سيضمن محو الأمية المستشرية بين أطفال المخيمات.
يشار إلى أكثر من 120 ألف نازح يعيشون في مخيمات عرسال منذ أكثر من ثلاث أعوام في ظل ظروف إنسانية صعبة بعد تضييق حزب الله على منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لمنعهم من دخول عرسال وتقديم المساعدات للنازحين.
تطوّع وتحديات
يقول المدرس "أبو أحمد" وهو أحد المتطوعين في المجال التعليمي في عرسال، أنه بادر ضمن مجموعة من المدرسين المتطوعين للعمل على إعطاء الدروس بشكل مجاني لأطفال المخيمات، ولكن أكثر ما يعيقهم هو أنهم كباقي النازحين بحاجة لراتب يغطي احتياج عوائلهم مما يجبرهم في بعض الأحيان للعمل في مجالات أخرى والانقطاع عن هذا العمل التطوعي.
ويضيف: "إن نقص الدعم وعدم توافر المعدات والاهتمام الكافي من قبل هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في مجال التعليم قد يهدد مستقبل هذه المبادرات التطوعية والتي لن تستمر طويلا في حال عدم وصول الدعم الخاص بالمجال التعليمي، الأمر الذي سينعكس سلبا على مستقبل جيل بأكمله من ساكني المخيمات من أبناء القلمون والقصير في مخيمات عرسال".